أحمد حسنين

«أشهد الله أن أبا إسحاق من علماء الحديث، ومن أهل الحديث الراسخين فيه، ولم أرَ شيخنا الألباني فرِحًا بأحد كما رأيته فرحًا بقدوم الشيخ أبي إسحاق، ومجالسُهُ مع الشيخ الألباني محفوظة، تُنبِئُ عن علمٍ غزيرٍ، بل عن
تدقيقٍ، قلَّ أن يصل إليه أحد».

الشيخ مشهور

لم ألتق بالشيخ الحويني قبل ذلك، ولم أحظ بهذا الشرف العظيم، ومن عجائب أقدار الله أني أسمع عن الشيخ منذ التسعينيات أيام محاضراته ودروسه بمسجد العزيز بالله، ومهما كانت الأسباب التي منعتني من الذهاب لرؤية الشيخ إلا أنها أقدار الله، وكان يأتيني رجل في مناماتي لا أعرفه إما يبشرني بشيء أو يحذرني منه أو حتى يلمح بأنه حزين بسبب فعل قمتُ به، ولما دخل جهاز الكمبيوتر بيتي كنت حريصا كل الحرص على معرفة شكل هذا الرجل الذي كنت أرسم له صورة بمخيلتي أنه رجل كبير السن أبيض شعر الرأس واللحية ومثل حكماء الأساطير بالقصص والروايات، ولم أكن أدري أنه بدر التمام حبيبي وحبيب قلبي الشيخ الحويني بهيئته وسمته وملامحه التي تبعث بالطمأنينة وانشراح الصدر، وهيبته، ووقاره اللذين وضعهما الله في وجهه وشخصيته، فهو والله حسيبه ممن وضع لهم القبول في الأرض، فما أجد أثر حديث يا جبريل إني أحب عبدي فلانا فأحبه إلا مع الشيخ حفظه الله، ويوم محاضرة "عاقبة البغي" بمسجد الجمعية الشرعية بالمنصورة كان أخي الحبيب الشيخ محمد سعد سيرتب لي مع الشيخ لقاء لأسلم عليه ولم أكن أعلم أن الشيخ سيذهب خشية الزحام وقت صلاة العشاء، وما أن انتهت المحاضرة وأقيمت الصلاة ويرن هاتفي ثلاث مرات طويلة فبعد انتهاء الصلاة وجدت المتصل الشيخ محمد سعد فاتصلت به ليخبرني أن الشيخ قد انصرف وكان يتصل بي؛ لأركب معهم فقلت أكلم الشيخ قال هو في سيارة أخرى وأنهينا المكالمة وحالي لا يعلمه إلا الله من شدة الحزن، وقلت حرمت لقياه بذنوبي.

المهم أني لما عرفت شكل الشيخ كان هو الذي يأتيني بمناماتي وزاد الارتباط به جدا فكلما تعثرت أو حزبني شيء أو حدث لي أي مكروه أقسم بالله ما كنت أجد إلا الشيخ يأتيني بالرؤيا ويحدد لي ماذا أفعل ولا يعلم ذلك إلا من هم على مقربة مني؛ فمرة يوجهني لطلب العلم، ومرة أخرى يساعدني في اتخاذ قرار مصيري يخص ديني والتزامي، ومرة أخرى يأتيني موبخا على تقصيري، ومرة يأتي وهو حزين على حالي وينصح بماذا أفعل، بل والله لما كنت في أزمة وكنت على خطأ أتى لغيري وبلغه سلامه لي ونصيحته لكي أعود مرة أخرى.

ففي عام ٢٠٠٩ رأيت رؤيا بأني أجلس في حلقة لأعلم أطفالا في المهد القرآن فتعجب الرائي وقال ماذا تفعل؟! هؤلاء رضع لا يفهمون شيئا مما تقول، فدخل الشيخ الحويني ليقطع الحديث وقال: دعوه فهو يعلم ماذا يفعل فهؤلاء هم نبتة المستقبل وأمل الأمة ودعا لي ولبناتي وللرائي.

فتواصلت بعد ذلك مع الأخ خالد عبدالعظيم الحويني وأرسلت هذه الرؤيا وغيرها ففوجئت به يتصل بي هاتفيا ويعرفني بنفسه ويبلغني سلام الشيخ لي وأن الشيخ يطلب مني أي رؤى مثل هذه أرسلها لها فورًا وكذلك أخبرني بأن الشيخ عقد لهم محاضرة أو درسا عن تلك الرؤيا وأهمية إعداد الجيل القادم لحمل راية التمكين.

العجيب أن بعد خمسة عشرة عاما رأى الشيخ أحمد حسنين رؤيا أنه عند الشيخ مصطفى العدوي بمكتبته ولكنها لم تكن كما نعرفها؛ بل كانت في دور عال ولما همَّ بالخروج منها وجد الشيخ الحويني يجلس مع أطفال يشرح لهم المتون العلمية بأسلوب بسيط ويمازحهم وبضحكته الصبيحة المعهودة، وكان الشيخ في الرؤيا يمشي على عكاز وليس على كرسي، فبشره الشيخ أحمد، وقال له يا سيدنا لقد رأيت لك رؤيا بأن الله قد شفاك، وقبل مرضك أيضا رأيتُ ذلك، ولكن الحمد لله الذي عافاك، فلما وصلا للأسانسير كنت أقف بظهري أمامهم لأفتح الباب لشيخنا الحويني ليصعد إلى بيته، فقال الشيخ أحمد حسنين عني: هذا أبو إسحاق المحلة! وسكت متفكرا ليتذكر كنيتي هل هي أبو إسحاق أم كنية أخرى؟! فتذكر وقال في نفسه الشيخ أحمد كنيته أبو رقية. انتهت.

فوالله لم يكن مجرد عالم للحديث أو داعية يعظني فهو بمثابة أبي وسبب التزامي ومن جعلني أحمل همَّ هذا الدين وتعلقت به روحي وجوارحي فأحببته من شغاف قلبي، فاللهم احفظه وبارك لنا فيه واشفه وعافه من كل سوء.

فضيلة الشيخ أحمد خطاب

(باب في العِفَّة، والبعد عن الاقتراض)

قال الشافعيُّ رحمه الله لبعض أصحابه: "أفلستُ ثلاثَ مرَّات؛ فكنتُ أبيعُ قليلي وكثيري، حتى حُلِيَّ ابنتي وزوجتي، ولم أستَدِن قط".

قال ابن القيم -رحمه الله-: "ولا تستصعبْ مخالفةَ الناس، والتحيزَ إلى الله ورسولِه ولو كنت وحدك، فإن الله معك، وأنت بعينه وكلاءته وحفظه لك، وإنما امتحن يقينك وصبرك".

(الفوائد - 176)