Latest Posts from أحمد جمال (@ahjbu99) on Telegram

أحمد جمال Telegram Posts

أحمد جمال
كاتب وصحفي من غزة
3,379 Subscribers
208 Photos
164 Videos
Last Updated 10.03.2025 18:55

The latest content shared by أحمد جمال on Telegram

أحمد جمال

23 Feb, 22:06

182

عليك أن تمكث في مكان واحد عشرات الأيام والليالي، في انتظار صيد، كان هتاف القائد للقناص، إنك صاحب المقلاع المترصد لرأس جالوت، إنك الفتى داوود، حدثتكم عنه، إنه من حسم معركة الخير في مواجهة الشر، فقتل جالوت بمقلاع. امتشق (غول) بمزيد من الفخر والثبات، لم ترهقه ليالي السهر وايام الانتظار الطويلة الممتدة، حتى دون طعام عدا التمر وقليل من ماء، وضوء عتمته مسبحه الخاتم، وكل الأمل فقط، من مرصده أن يكون جالوت في عين غوله القناص، تكور عديد الجنود برصاصة واحدة، شاهد منها العالم، المعتدي يعتلي آليته ليسحق الأرض والانسان، فيهوي كورقة خريف، رفاق الإفساد يتلفتون بحثاً عن؟ طيف داوود...
داهمت غربان الظلام ومجرمو الإبا دة موقعه بغارة من طائرات أمريكا، وقصفت سحقًا العمارة التي مثلت نقطة تمركزه. ويسر الله خروجه من بين دبابات العدوان وطائرات الاستطلاع التي تقصف كل سكون، ومن بين كل هذا الخطر الداهم، وبفضل الله تعالى ومعيته بالمطر وتلبد السماء بالغيوم، وصل إلى مأوانا المحاصر، ولكن لاحقته الكوادكبتر برصاص مباشر، سلمه الله ليعود أدراجه هائماً على وجهه في الطرقات. آواه الله، وعلم حينها بإرتقاء أخيه الثاني فما زاد عن قول (الله يسهل عليه، وكلنا على هذا الطريق، وإنا لله وإنا إليه راجعون).
لم الله شمل من بقي من عائلتنا في تهدئة نوفمبر بعودته المؤقتة لأحضانها، وجاءته بشارة دعوة إيرلندا لاستقباله حيث يحمل جنسيتها حيث ولد هناك، وإكرامًا له منحت إيرلندا عائلته بجميع أفرادها فيزا لاستقبالهم هناك. أبى خروجا من غزة والجميع معه في ذلك، خاصة في المحرقة، ويردد حتى لو ذهبت سيكون لزيارة قصيرة بعد توقف العدوان لأجدد الجواز، وأعود فورًا إلى غزة التي أحب، لنواصل الطريق وقد اقترب التحرير بإذن الله تعالى.
أكرمه ربه بالاصطفاء، بألا ينقطع عن عقدته القتالية، ورباطه المستمر، مندفعًا بصمته الهدار حد الطوو فان، وكل مرة نودعه كأنه الفراق الأخير ونستقبله وكأنها الولادة الأولى "إن هذا لهو البلاء المبين"، والمحرر قة تملأ قلبه حزنًا على أهله وأحبابه، وعلى أبناء إخوته الش8داء، الذين يتشوقهم ويغمر أبناءهم بقلبه النابض حنانًا وحبًا.
قبل رحيله بأيام كان في ترقب ليتم امتحانات فصله الأخير في الجامعة، دون أن يمنعه ذلك القيام بواجبه فكانت ش8ادة الختام لا نظير لها. وكان قد رأى شقيقه الذي سبقه إلى إحدى الحسنيين في المنام يسأله أن يخرج معه فأجابه سأحصل على الإذن من أميري، والذي منحه الإذن على أن يكون بعد أسبوعين، وقد كان.
في عقدته القتالية ومع كوكبة من رجال أطهار أخيار، خرجوا لله تعالى، إرتقى أسفل عمارة كاملة، سحقتها عصابات الإبادة فوق رأسه وإخوانه الأبرار، فغدت قبرهم، ومثواهم، يشع منها نور الشهادة وتفوح منها روائح المسك، ومازال. فلم تتح لنا فرصة رؤيته مدرجًا بد مائه الطاهرة، ووداعه، وتشييعه إلى مثواه، والاحتفاء به بما يليق بدرجته وعطائه وتضحيته وش8ادته العزيزة في إقبال على لقاء الله وإدبار عن الدنيا، الملتقى الفردوس الأعلى، وداعا أيها البطل.
إنه مهجة قلب أمه وقلبي، لم يغادرني طيفه الحبيب لحظة، الشفاف الأبيض الحنون الدافئ، الدب الصغير، تربى على يد أخويه الذين سبقوه، مصاحبًا وشغوفًا بالmقاومة، والسلاح لعبته وأرجوحته. لم يعرف من الدنيا شيء إلا مسجده وبيته وجامعته ومقاوmته، وتملكت عليه الش8ادة قلبه الكبير، سيما وقلبه معلق بأخويه "وعززنا بثالث" وإخوانه وأصدقائه الش8داء الذين سبقوه بإحسان. ومعلق بإبن خاله الذي أحبه وحافظ على كنيته بإسمه، ولم يره يومًا إلا أخاه الذي لم تلده أمه، سبقه بأيام إلى لقاء الرحمن، مقبلاً أيضًا غير مدبر، سابق عمره، وكم ملأ قلبه الحزن على فراقه، فاشتاقه حبيبه ولحق به سريعا..
وداعا مهجة قلبي وفخري وذخري وذخيرتي..وداعا سيدي وحبيبي يا من تركت قلبي فارغا..
"والحمد لله رب العالمين" "وإنا لله وإنا إليه راجعون".

.....................

كلمات دكتورنا الفاضل محمد المدهون، في رثاء ابنه الشهيد الثالث عبد الله الذي ارتقى في هذه الحرب على درب شقيقيه وأصدقائي مصعب ومعاذ المدهون.
أحمد جمال

31 Jan, 05:47

441

الحقيقة أن الضـيف لم يكن حيّاً من قبل كما هو اليوم، فلم نكن نعلمُ عن الرجل أي تفصيلة سوا نتائج أفعاله العظيمة، كان إنساناً بدون اسمٍ واضح ولا شكل ولا تفاصيل صحية أو جسدية، كان الاحتلال يقول أنه مشلول واتضح أنه بصحة جيدة، كان يقول أنه لا يتحرك ولا يؤثر واتضح أنه يجوب ميادين القتال ويخطط ويلتقي بإخوانه، ولًا يحضرني إنسانٌ يتسمُ بالاختفاء والتأثير مثله، كان فكرةً أكثر من كونه إنساناً حياً، واستمر ذلك على مدار أكثر من ثلاثين عاماً، ثم خرج أبو عــبيـدة وزفّه مع إخوانه، وكأنه -رضوان الله عليه- أصبح حياً فجأةً، اسماً وصورة وقصة مكتملة، وتأثيراً وقدوةً واحتفاءً، وكأنه ولد يوم استشهد، وأصبح حياً يجوب دنيانا ويشحذ مقاتلينا ويطبطب علينا ويحتضن أيتامنا بعد موته فقط.

وكأنني للمرة الأولى اقرأ قوله تعالى: { وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ }.

https://t.me/AHJBu99
أحمد جمال

22 Jan, 13:09

525

والله إني مع كل الدمار والفقد الذي نعيشُ فيه، ومع الحياة وسط الركام وانعدام الماء ووعورة الطرق وتهالك البنيان -إن وجد- لاستشعر قول الله تعالى:
"لَن يَضُرُّوكُمْ إِلَّآ أَذًى ۖ وَإِن يُقَٰتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ ٱلْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنصَرُونَ".

اللهم إنّا رضينا، فارضنا، وأكرمنا بما يرفع شأن أهلنا ومدينتنا ويقهر المحتلين المعتدين الجبناء.

https://t.me/AHJBu99
أحمد جمال

19 Jan, 15:34

550

لحظة تسليم كتائب القسام الأسيرات الإسرائيليات الثلاث إلى الصليب الأحمر وسط مدينة غزة.

كأنه مهرجان قبل الحرب..

https://t.me/AHJBu99
أحمد جمال

18 Jan, 18:11

521

الحمدلله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده..

الحمدلله الذي أحيانا لنشهد هذا اليوم، وهذه الليلة، لأغوص بين آلاف التعليقات الإسرائيلية والغربية على الاتفاق والصفقة والحرب، ولا أكاد أجد واحداً يستطيع أن يدعي أن الاحتلال المجرم انتصر في هذه الحرب، أو حقق أي هدفٍ يذكر سوا تدمير غزة وتخريب حياتنا وقتل عشرات الآلاف، وإن كان هذا الثمن هو أقصى ما يمكن دفعه، فإننا -على الأقل كثير منا- والحمدلله لم نفقد الأمل، ولم نهزم نفسياً، ولم يستطيعوا أن يفقدونا عزيمتنا وإرادتنا، وتشبثنا بأرضنا وحقنا بأظافرنا أمام أعتى قوى الظلم والجبروت في العالم..

لا أكاد أصدق أننا وصلنا إلى هذه اللحظة، وقد ودعنا من ودعنا، في قوافل الشهداء والراحلين، ولا أكاد أصدق أننا نقف الآن على بعد ساعات من الانعتاق من هذا الإجرام المتواصل، ونتحرك دون أن نتفقد السماء والأرض والأخبار والناس والطعام والشراب، ولا أصدق أننا عايشنا أياماً عديدة ظنناها لحظاتنا الأخيرة، وها نحنُ نعايشُ لحظات الحرب الأخيرة..

كانت أعواماً طويلة، على كثرة المواقف التي عايشناها، ومن جانبٍ آخر كانت بحق مجرد صبر ساعة، واسأل الله أن يحتسب صبرنا هذا عبادةً نتقرب بها لوجهه الكريم العظيم، وأن يكون معنا في القادم ملجأً وعوضاً وصاحباً ومعيناً، كما كان لنا حافظاً وراحماً وناصراً على القوم الظالمين..

لقد صقلتنا هذه الحرب، ثبتتنا على مبادئنا، أخذت منا الكثير وأعطتنا الأكثر، أزالت كثيراً من الجانب المادي فينا، وزادت فينا الإحساس بالإمتنان لمجرد أننا نحيا ونحتضن من نحب، ونملك رفاهية رؤية يومٍ تالي، وإن كنت قبل الحرب أكرر حديث من أصبح منكم آمناً في سربه معافاً في جسده واجداً قوت يومه، فإنني والله عشته 471 يوماً، يوماً بيوم ولحظةً بلحظة، وبحمد الله شعرتُ مئات المرات أنني كأني أحوز هذه الدنيا بأكملها..

أشاهد في هذه الليلة مقطعاً صورناهُ أنا وحمزة في ديسمبر من العام قبل الماضي، وقد ظننا وقته أنه آخر مقطعٍ في حياتنا، بعد أن حاولنا الالتحاق بباقي العائلة فقطعت إحدى الدبابات الطريق، وبدأت موجة مجنونة من اطلاق النار والقصف العشوائي والشظايا، فاختبئنا في سيارة على جانب طريقٍ ضيق، وبدأنا نصور ونروي ما رأينا ونبتسم، وقد مر ذاك اليوم الذي ظننته لن يمر، وقد عشنا ما هو أصعب منه ومر، ونحنُ عشنا لنروي ما رأينا، وسنعود لركام بيوتنا رغم أنفهم، ولا أظن أن تلك الدبابة أو من هم بداخلها قد عادوا لبيوتهم، وإن كان، فلا أظن أنهم يفضلون العودة لغزة بعدما رأوا فيها..

اللهم كما أكرمتنا بهذه الليلة وهذه الشعور، فنسألك أن تتم هذا الأمر رغم أنوفهم، وأن تعلي رؤوس المظلومين وتقطع دابر الظالمين، وتنتقم منهم، وتفرق جمعهم، وأن لا ترفع لهم راية ولا تحقق لهم غاية..

والحمدلله رب العالمين.

18-1-2025

https://t.me/AHJBu99
أحمد جمال

09 Jan, 14:29

440

عبدالله الطيب البطل، الكريم ابن الكرام، سليل العائلة المضحية.
أوجعني خبر لحاقه بإخوته شهيداً مقداماً، على درب شقيقيه "معاذ" الأديبُ المغوار و"مصعب" الفارس حبيبُ القلبِ البسَّام الهيّن الليّن، اللذين استشهدا في بداياتِ الحرب، مقبلين غير مدبرين..

تطوى القصص طوياً فتأخذ الغالي ثم من حزنوا عليه، ثم من ودعوه، فلا تكادُ تجد من يروي القصص أو يحفظ الحكايا..

إلى رحمات الله وأبواب السماء المشرعة يزفُّ الشهداء زرافاتٍ ووحدانا، يرتقي الأكرمُ منّا جميعاً، ونحنُ نتوجع ونودعهم في دربٍ مهلك لا نرى نهاية له..

https://t.me/AHJBu99
أحمد جمال

05 Jan, 11:12

497

ضاقت الأرض بما رحبت، فأذن اللهم لقلوبنا أن تجتمع بمن تحب دون قلقٍ أو ترقب أو وجع…

اللهم إني أسألك أن ترفع عن المستضعفين المتعبين النازحين في غزة ما هم فيه من وجعٍ وموت وفقد وقلقٍ وأن تنهي هذه الحرب المجنونة وأن لا تُمكن الظالمين من غزتنا..

{إِذْ جَآءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ ٱلْأَبْصَٰرُ وَبَلَغَتِ ٱلْقُلُوبُ ٱلْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِٱللَّهِ ٱلظُّنُونَا۠، هُنَالِكَ ٱبْتُلِىَ ٱلْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُواْ زِلْزَالًا شَدِيدًا}

https://t.me/AHJBu99
أحمد جمال

01 Jan, 07:32

506

لا يكاد يصدق أن عاماً كاملاً قد مضى، لا على الحرب أو الفقد أو النزوح بل مضى عامٌ كاملٌ غير محسوبٍ من حياتنا، لم نعش فيه يوماً واحداً حياةً طبيعية، لم يكُ فيه أي ذكرياتٍ جيدة سوى آلامِ الفقد والحرمان والنزوح وبعض الاطمئنان على الأحبابِ بعد الأيام المفجعة، وكأننا قفزنا فقزاً إلى عام 2025 دون أن نخطو إليه تدريجياً كما العادة.

قضيتُ آخر يومٍ في العام كما العادة سعياً في شوارع مدينة غزة المدمرة، ألتقط بعيني وأحياناً قليلة بهاتفي بعض المشاهد والقصص والصور، ولما اشتدّ علينا المطر أوينا إلى سقفٍ متهالك واجتمعنا تحتهُ ثلاث غرباء أحدهم يحمل علبة حليب أطفال، يحتضنها كما يُحتضن الطفل، ويبدو سعيداً بشدة، وبدأ الكلام بقوله "يريدون شراءها ب50 شيكل، لا يدرون أنها كنزٌ انتظره بفارغ الصبر" ويبدو للوهلة الأولى أنه رجل في أواخر الثلاثينيات أو أكبر بقليل، فبادره الثاني بالقول "لا تبعها لهم تستحق أكثر بكثير"، فأعاد الأول قوله وهو مبتسم "ابني عمره أشهر، وأمه استشهدت من شهرين، وهو يعيشُ على هذا الحليب فقط، وأقضي كل الوقت في البحث عن حليبٍ صناعي يناسبه" قالها مجدداً بابتسامة وهو يحتضن العلبة وكأنه حاز رزق الدنيا كلها، وكأن الخبر والحدث العظيم الذي قاله، لا مكان له من الإعراب..

على بعد شارعين، ويومٍ واحد، بادرني أحدهم بالسؤال وهو يطالع في وجهي وكأنه يعرفني، وخلفه امرأة أظنها أخته، هل تعرف "فلان" فابتسمت وقلت نعم، قال وهو يبتسم "هل شهدت استشهاده أو دفنه"، فتبدلت كل ملامحي صدمة ووجع وحزن، وقلت "وهل استشهد!؟"، فانطفأت ملامحهما، وأوضح لي بعد كثيرٍ من التفاصيل أنها زوجته وتبحث عن طريقة لاستخراج شهادة وفاةٍ له لتسجيل ابنائه في مؤسسات كفالات الأيتام ولم تجد من يشهد على استشهاده أو دفنه، لأن معظمهم قد استشهدوا بعده، وهو ما تشترطه الجهة المصدرة لشهادة الوفاة، أن يقسم شاهدين بالله أنهم قد رأو استشهاده أو جثمانه…

وعلى بعد أمتارٍ من الخطر وأيامٍ قليلة من هذا اليوم، واجهني شابٌ لا يظهر عليه صغر العمر، وهو يسأل عن الطريق لوصول بيته في منطقتنا الخطيرة، فميزته سريعاً بعد هذه الفترة الطويلة بأنه أحد أبناء جيراننا الأصغر سناً -قرابة 15 عاماً- الذين لا أميزهم من بعضم، وقلت معاتباً بشدة "ألم يستشهد عمك وزوجته وابنائه ودمّر منزلهم قبل أيام" لماذا تريد المخاطرة بحياتك، قال مبتسماً، "لم يكن عمي وزوجته، بل أمي وأبي وأخوتي، ودمّر منزلنا، وأريد الاطمئنان على بيتنا المدمر خوفاً من السرقة، وطمأنة أخي المصاب الذي أرعاه"، فأمسكت برأسه معاتباً ومخفياً للصدمة "وهل يستحق البيت أن تخسر روحك لأجله، ارجع لأخيك واعتني به، وادعو الله أن يسلمه من الإصابة وأن يعوضكما خيراً مما فقدتم"


حتى وأنا أكتب هذا النص وأقص هذه القصص، أحاول أن أهرب من حقيقة أننا نشهدُ قصصاً أفظع ونسمع من الناس أوجاعاً من المفترض أن تعجز اللغة عن كتابتها، نرى أمهاتاً تسعى في الأسواق تبحث لأطفالها المصابين عن طعام بعد أيام قليلة من استشهاد نصفهم وأسر زوجها، وأخرى تركض خلف شاحنات الماء هي وأحفادها الستة الأيتام ابناء ابنيها الشهداء، وغيرهما الكثير من ذاكرة الشهر الماضي فقط..

أمام هذه المعاناة التي تخطت حالة الحرب والعدوان وحتى الإبادة، فضلت لشهورٍ أن لا أكتب عن مشاعري أو عن وجع النزوح أو الجوع أو الحرمان، أو بحثنا عن مأوى أو طعامٍ حتى لو كان رديئاً، أو عن أمورٍ أخرى أصعب وأقسى، حتى لا تبقى معاناتنا في الذاكرة طمعاً في أن تمحوها الأيام التي تليها لو كانت أفضل، ولأن عاماً كاملاً مضى وقد قاربنا على العام والنصف في المعاناة، وقد بلغ العالم كله مبلغاً بشعاً ووقحاً من التنكر لنا، بفلسطينييه وعربه وعجمه، فقد بتُّ أريد الآن أن لا تسقط هذه القصص من الذاكرة الشخصية والجمعية، حتى تبقى لعنةً إلى الأبد تلاحق كل المجرمين والمتخاذلين وكل من بيده تغيير شيءٍ ما، ولم يغيره..

1-1-2025

https://t.me/AHJBu99
أحمد جمال

31 Dec, 18:02

342

سلامٌ على الجرح النازف، والوجع الملتهب، والفقد المقدس، والوداعات المهلكة، على الأرض والحجر والبشر..
سلامٌ على من فقدنا، وما فقدنا، ولا سلام لمن خذلنا وضيّع الفرصة واختبأ خلف العجز وقلة الحيلة وهو يدعوا دعاء العجائز العاجزة، ويتضامن تضامن المراهقين والبلهاء..
.
.
.
.
.
#غزة #شمال_غزة #شتاء_غزة

https://t.me/AHJBu99
أحمد جمال

31 Dec, 07:30

319

هذه المحنة الكاشفة، أبانت لنا الكثير، وأظهرت حقيقة الأمور، خصوصاً الوجه القبيح منها، وفضحت جموع المطبلين والمحتفين الذين يتمترسون خلف عجزهم وقلة حيلتهم للبحث عن ذرائع واهية تطيل صمتهم، وتبرر الخذلان والخزي الذي يحيط بهم.

منذ اليوم الأول وغزة تعاني من حمل أكبر من استطاعتها بألف مرة، لا لضعفها وصغرها فقط، بل لتحالف الجميع عليهاً غرباً وعجماً وعرباً، ويرى الناس فيها ويلاتٍ لا تبرر لا حرباً ولا سلماً ولا في أي سياق، ولا نسمع من باقي الفلسطينيين أولاً ثم من المسلمين والعرب ثانياً إلا عبارات العجائز العاجزة أو احتفاءات المراهقين وتصفيق الجاهلين..

لم تتحرك الضفة الغربية يوماً واحداً، لم تفعل فعلاً واحداً جاداً، واستمرت بتبرير صمتها العاجز بصعوبة الظرف وعلو الموجة، وهي تسمع أصوات نسف البيوت في غزة وترى شلال الدماء وحصار الفرق العسكرية لمخيماتٍ وأماكن صحية ومدنيين عزل، لم ينتفض الأطباء هناك لمئات الأطباء الدين قتلوا وأسرو هنا، ولا لمئات الصحفيين، أو آلاف الأسرى هنا، والمبررات جاهزة، السلطة والاحتلال يحاصرنا!، والبعض يقولها صراحةً " لا نريد تكرار ما حدث في غزة، عندنا في الضفة".

والمنطق يقول أن عاقبة الصمت عن الظلم أشد بكثير من عاقبة محاولة رفعه ودفعه، وأن الخراب الذي يجعل المرء عاجزاً عن الانتفاض عليه سيطاله رغم صمته، وإن لم يكن بسقوط السقف على رأسه -كما يحدث في غزة- فقد يكون بألف طريقةٍ أخرى ربما بعضها أسوء من هذا الموت..

وما ينطبق على الضفة ينطبق على القدس، وحيفا ويافا وعكا، والمدن الكثيرة التي تهلل وتكبر عند رؤية صواريخ غزة، تهليل المراهق والطفل العاجز الذي يشبعنا فخراً بإنجازه بإرسال قافلة طعام بعد أن سمح له الاحتلال بذلك وبعد عامٍ من المجاعة، ويعجز عن تشكيل ضغطٍ حقيقي يساهم بالتخفيف عن المحاصرين في غزة..

أما الفلسطينيون الذي يسكنون بالملايين دول الطوق ويدعون أنهم يحلمون بالعودة والحرية، فهم أكثر العاجزين والمتخاذلين، وفي مقدمتهم الأحزاب الإسلامية الكرتونية والقيادات الهشة التي تبحث عن تصريح من وزارات الداخلية وتسوق للخروج بمسيرات التهليل والتكبير وكأنها أكبر نصرة ممكنة لغزة وفلسطين..

في النهاية ستنتهي هذه المحنة السوداء المظلمة، سواءً بوجود غزة أو عدمه فضلاً عن وجودنا أو موتنا، ودون شعارات أو مزاودات، فإن دائرة السوء والظلم لن تتوقف، ومن كان باستطاعته اليوم كسرها، لن يتمكن من دفعها فيما بعد، وستدور على الجميع فرداً فرداً، ومن يتغنى بأمن شوارعه ومدنه وقراه وهو يرى مدن أبناء شعبه تُحرق، ستطاله النار يوماً ما، في يومٍ لا نتمنى حدوثه، لكنها عاقبة الخذلان والصمت عن الظلم…


https://t.me/AHJBu99