قال السعدي رحمه الله:
الأسباب التي تُضمَن بها النفوسُ والأموالُ ثلاثةٌ:
① يدٌ متعدية،
② ومباشرةُ إتلافٍ بغيرِ حقٍّ،
③ وتسبُّبٌ لذلك عدوانًا.
① أما اليد المتعدية: فضابطها: كل مَن وضع يده على مالِ غيرِه ظلمًا ابتداءً، أو كان عنده أمانةٌ فانتهت ووجب عليه الرد،
فإذا تَلِفَت العين في هذه الحال أو أُتْلِفَتْ ضمنها صاحب اليد،
ويدخل في هذا الغاصب على اختلاف أنواعه، ومَن كانت عنده أمانةٌ فطلبها صاحبُها فامتنع من غير عذرٍ، أو انتقلت إلى غيره وسكت عليها،
فهذه الصور تُضمَن فيها العينُ، وتُضمَن إجارتُها بالتفويت، سواءً استوفاها الظالم أو تركها من غير استيفاءٍ.
② وأما المباشرة: فمَن أتلف نفسًا مُحترَمةً أو مالًا بغير حقٍّ عمدًا أو سهوًا أو جهلًا: فإنه ضامنٌ، بخلاف الإتلاف بحقٍّ.
③ وأما السبب: فمَن فعل ما ليس له فعلُه في مُلْكِ غيرِه، أو في الطرق، أو تسبَّبَ للإتلاف بفعلٍ غير مأذونٍ فيه فتلف بسبب فعله شيءٌ؛ نفسٌ أو مالٌ: ضَمِنَه،
لكن لو اجتمع المباشر والمُتسبِّب: كان الضمان على المباشر، فإنْ تعذَّر تضمينُه ضمِن المُتسبِّب.
ويدخل في السبب ما استثناه الفقهاء يرحمهم الله من إتلافات البهائم؛ فإن الأصل في إتلافات البهائم أنه لا شيءَ فيه، كما نص النبي ﷺ على هذا الأصل في قوله: «والعَجْماءُ جُبارٌ»، أي: هدَرٌ.
واستثنَوْا من هذا العموم: مسائلَ ترجع إلى تفريط صاحبها وعدوانه؛ كالإتلافات الواقعة في الليل، كما قضى النبي ﷺ أن على أهل الحوائط حفظها بالنهار، وعلى أهل المواشي حفظها بالليل.
إرشاد أولي البصائر والألباب (ص ٢١٩ - ٢٢٠).