أرقد هنا، جسدي محاط بأجهزة لا تنفك تذكّرني بأن حياتي أصبحت مرهونة بأرقام وشاشات. ضوء خافت ينير الغرفة، لكنه يعجز عن إنارة الظلام الذي يغمر قلبي وعقلي. أعيش بين حدّين، حدّ المرض القاتل الذي ينهش جسدي بلا هوادة، وحدّ اضطراب ثنائي القطب الذي يسلبني سلامي الداخلي.
ألم الجسد والمرض القاتل
مرضي لا يرحم. أشعر به يتغلغل في أعماقي، كأنه عدو خفي يقترب شيئًا فشيئًا. كل يوم يمر هنا في هذه الغرفة يذكّرني بأن العد التنازلي لحياتي قد بدأ. بين وخز الإبر وأنفاس الجهاز، أحاول أن أتمسك بشيء من الأمل، لكن الألم يسرقني في كل لحظة.
الصراع الداخلي مع ثنائي القطب
إن كان المرض القاتل عدوًا لجسدي، فإن اضطراب ثنائي القطب هو عدو لروحي. عندما أستيقظ أحيانًا، أشعر بطاقة عارمة تدفعني لرسم أحلام كبيرة، لكن في اللحظة التالية يغرقني الاكتئاب في دوامة عميقة لا قرار لها. هنا، في هذه الغرفة، لا يوجد مكان للهروب. أواجه نفسي كل يوم. في بعض الليالي، أرى انعكاسي في زجاج النافذة وأتساءل: هل هذا أنا؟ أم ظلٌ لشخص كان يومًا ما سعيدًا؟
الوحدة والانتظار
الوحدة هنا قاتلة. أصوات الأجهزة هي رفيقي الوحيد. الممرضون يمرون سريعًا، أحيانًا بابتسامة، لكنها لا تصل إلى روحي. أنتظر زيارة أو مكالمة، أي شيء يربط بيني وبين العالم الخارجي. هل يتذكرني أصدقائي؟ هل يفتقدني أحد؟ أم أنني أصبحت عبئًا ثقيلاً حتى على أقرب الناس إلي؟
صراع بين الأمل والاستسلام
برغم كل ذلك، هناك شعاع صغير من الأمل يتمسك بي. أحاول أن أذكر نفسي أنني ما زلت هنا، وأن الألم لا يعني النهاية. أستمد القوة أحيانًا من كلمات كتاب أو ذكرى جميلة تلوح في ذهني. لكن في أوقات أخرى، يصرخ داخلي صوت يريد الاستسلام، يريد الراحة من هذا العذاب المزدوج.
رسالة أخيرة
إن كان صوتي يصل إليك الآن، فأرجوك، تذكّر أن هناك قلوبًا تعاني في صمت. أنظر إليّ ليس كجسد ضعيف مرهق، بل كإنسان يعيش صراعًا لا يمكن أن يفهمه إلا من مرّ به. إذا كنت تعرف أحدًا يعاني، اقترب منه، اسأله عن حاله، أخبره أنه ليس وحيدًا.
هنا، بين الجدران البيضاء الباردة، أتعلم درسًا واحدًا: نحن البشر، مهما كانت آلامنا، بحاجة إلى القرب، إلى الحب، إلى الشعور بأننا مرئيون في هذا العالم.