فابذل جهدك في نصحهم، والتأليف بين قلوبهم، وجمع كلمتهم، ولو بين اثنين منهم.
وتأمل قول الله تعالى حيث يقول: {شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه} [الشورى: 13]. وأمثالها من كتاب الله تعالى، كما يأتي قريبا. وقوله في حق البغاة: {فأصلحوا بين أخويكم} [الحجرات: 10] وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حقهم أيضا: " إن ابني هذا سيد، وأرجو أن يصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين " (1).
وإذا نقلت مذاهبهم، فاتق الله في الغلط عليهم، ونسبة ما لم يقولوه إليهم، واستحضر عند كتابتك ما يبقى بعدك: قوله عز وجل: {إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم} [يس: 12].
ولا تكتب بكفك غير شيء … يسرك في القيامة أن تراه
واطرح قول من كفرهم بغير دليل شرعي متواتر قطعي، إن كنت ممن يسمع ويعي، وحقق النظر في شروط هذه الصورة، تعلم أنها لا تكون إلا في المعلوم من الدين بالضرورة، كما سيأتي تحقيق ذلك، عند سلوك هذه المسالك --------------- إلى أن قال: "وأما رسول الله، عليه أفضل السلام والصلاة، فإنه شرع بين المسلمين المؤاخاة، وغلظ في المهاجرة والمنافاة، والتكفير والمعاداة، فكفر من كفر أخاه.
فرحم الله من اعتبر، وأنصف في النظر، والرحمة -إن شاء الله- إلى من بذل الجهد حين تعثر، فيما وجب من دقائق النظر أقرب منها إلى من أفطر أو قصر، لمشقة السفر."
العواصم من القواسم