صاحبي ، يا صفيّ الرّوح يا رفيق كلّ اللحظات التي ولّت ورفيق الأيّام السّعيدة التي ستطلّ.
صدقّني، مهما رأيتها شيئًا رفيعًا يستحقّ أن تذرف له دمعة واحدة تحرقني قبل أن تحرقك تظلّ دنيا صغيرة .. صغيرة! "ومالحياة الدّنيا إلا متاعُ الغرور".
تظلّ طريقًا فقط يصلنا بالله وفردوسه إن صدقنا و آمنّا، أعترف لك أنه قد يبدو أحيانًا ضيقًا، خانقًا جدًا!
لكن الوصُول يكنس بؤسه ووعثائه .
لابأس لكلّ هذا الألم، و الإخفاق والتعثّر ياصاحبِي، فما بعده من اللّقاء يطفئ حريقه في روحك.
المواهبُ الربّانية والعطايا السّماوية والمعارج الروحيّة لا تؤتى بذكاء وفطنة، ومنصب و مرتبة، و لا بمجدٍ عمّره لك أحدٌ قبلك، إنما يؤتى ماعند الله من الفضل بالله، والصّدق معه.
لا تظنّ ياصاحبي أنّ معيار الصّدق درجةٌ ترصد في ورقة، أو تقديرٌ رفيع تذيّل به مرحلة من حياتك، ولا أن تصل! لا تظنّ أنّ الصّدق يعني أن تبلغ كلّ شيء على وجه الكمال!
هل تصدّق هذا؟
علّمنا القرآن في تبوك عن قلوبٍ صدقت، فلحقت بأجر الظّمأ والنّصب والمخمصة بل وحتى الخطوة.. وهم في بيُوتهم!
لم يخطو خطوة واحدة لكنّ القلوب سارت فسار الأجر لهم خطوة بخطوة، و وطأة قدم بوطأة قدم...
تأمّل كيف بلغ الصّدق بهم .. (ولا يقطعون واديًا إلا كُتب لهم..)
يأسرني هذا الوصف كلّ ما قرأته، يبرد عليّ حرقة أن أرنو لشيء فيحال بيني وبينه، ومع أنّ كلّ أحد لا يؤتى إلا من نفسه إلا أنني أظلّ أتشبّث بحبال المطمئنّ الرّاجي رحمةً وسعت كلّ شيء.
لا يخلُ من المصائب والعثرات أحد، لكنّي أحبّك القوية التي تُبصر الحياة بلطفِ الله لا بما تلاقي من نَصب، و ترى النّعم بعينٍ واسعة قبل أن تخفض رأسها لترى العثرات، وتطمئنّ لرحمة الله قبل أن تطمئنّ لمواساة أحد.
صاحبِي.. "وللآخرةٌ أكبرُ درجاتٍ وأكبرُ تفضيلاً" هنا أسرج خيولك.
*نصّ قديم لي، أحبّه، كتبته لصديقة بعد إخفاقها في إختبار مهم عندها.