فإن قلت أي الخذلان موجع؟ قلت: أن نرى إخواننا يتمزقون جوعا وعطشا من قِبَل بني صهيون ثم لا نلتفت بقلوبنا لله داعين فضلا أن نكون في حماية أرضهم بأبداننا مدافعين. أحقا هانت الأخوة الإيمانية حتى صرنا نسمع بالأشلاء ولا نبالي، بل صار الدعاء لأهل غزة بالنصر علامة ضعف ديانة عند منتكسي الفطر! نسأل الله العافية.
قال لي -سلمه الله- وقد جرى بيننا حديث طويل عن اختيار البحث النافع :" تميّز ابن تيمية بقلب الدليل على المخالف، وابن حزم بالإلزامات، وتميّز البخاريُّ بذكر الفائدة واستنباطها في غير مظانّها."
تعجّبتُ كيف قرأنا تراث هؤلاء الأفذاذ بلا وعي ..وحللنا بلا تركيز!
الخلاصة: إذا قرأت لمحقق فاقرأ عقليته وتحليله وتعامله مع النصوص..ستتطبع بملكته في الاستنباط والتحليل وحل المشكل. -بإذن الله-.
(وما عند الله خيرٌ للأبرار) فلو قدر أنهم في دار الدنيا، قد حصل لهم كل بؤس وشدة، وعناء ومشقة، لكان هذا بالنسبة إلى النعيم المقيم، والعيش السليم، والسرور والحبور، والبهجة نزرا يسيرا، ومنحة في صورة محنة، ولهذا قال تعالى: ﴿وما عند الله خير للأبرار﴾ وهم الذين برت قلوبهم، فبرت أقوالهم وأفعالهم، فأثابهم البر الرحيم من بره أجرا عظيما، وعطاء جسيما، وفوزا دائما.
كثير من العلاقات بين الناس يتيمز صدقها من زيفها بالعطاء والمنع، بالقرب والبعد، ويتهاوى كاذبها وينقطع حبله عند منعطف (فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون). -
يؤخّر الله عنك الشيء ويباعده منك ولا يشرح لك صدرا للإسراع به؛ ليشهدك مشهدا ما كنت تفهمه في أول أمرك، فيقبض قلبك عن الشيء وأنت راض مطمئن! وهذه رحمة وعناية، أن تُصرف عن الشيء وقلبك راض وآمن، ولو باعده عنك قبل ذلك المشهد لتألمت للفوات، ولاحترّ قلبك على الفقدان. فثق بالله ما دمت صادقا. -
"قالت عائشة وأبوها يغمض : وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ربيع اليتامى عصمة للأرامل قالت عائشة: فنظر إلي وقال: ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم أغمي عليه، فقالت: لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر فنظر إلي كالغضبان وقال: قولي: ( وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد ) .
"كان من جملة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بين السجدتين سؤاله ربه أن يجبره فيقول ( اللهم اغفر لي وارحمني واجبرني واهدني وارزقني )
وما أعظمه وأجله من دعاء ، وما أحوج العبد إلى جبر الرب له مع ما يواجهه من كسور ظاهرة وباطنة ، وضعف وعجز وفقر وحاجة ، ومصائب وآلام تصيب النفس والقلب ، ولا يجبرها إلا الجبار سبحانه ، الذي يجبر الضعيف والمسكين ، والكسير ، جبرا حسيا وجبرا معنويا." .
وكل كسر لا يجبره الرب ، فلا جابر له ، وكل من حفظه الرب وحرسه فمن ذا الذي يقدر على كسره، ولو اجتمع على ذلك أهل المشرق والمغرب.
يا مَن ألوذ به فيما أؤمله ومَن أعوذ به مما أحاذره
لا يجبرُ الناسُ عظماً أنت كاسرُه ولا يهيضون عظماً أنت جابره. -