نعم الجهد الممنهج لإفساد دينهم وإغراقهم في هذه التفاهات من قبل بعض الحكومات ووسائل الإعلام الغربية والعربية له دور كبير في هذا بلا شك، لكنه ليس السبب الوحيد، ولا يمكن أساساً البحث فقط عن الحل في مواجهة هذه الإمكانات الضخمة والمرعبة، والتي ستبقى مستمرة ومتزايدة، وهذا دأب الكفر وأهله، الإنفاق للصد عن سبيل الله، بل لا بد من البحث في ذاتنا وفي طبيعة الصف الداخلي للأمة ومجتمعاتها
ولذلك فإن أول مما تتوجه إليه الجهود، هو الجهد الدعوي الضخم والواعي، والذي لا يركز فقط على قضية الصلاح الذاتي والمسؤولية الفردية للمسلم في نجاته يوم القيامة، بل يضيف إلى ذلك نوعاً آخر من المسؤولية والواجب لا يقل أهمية عن هذا النوع الأول، وهو المسؤولية المتعدية العامة تجاه الدين والأمة والقيام بهما ونصرتهما والعمل من أجلهما، وأن العبد المسلم مسؤول أمام الله تعالى بهذين الاعتبارين، واجب النفس وخلاصها والواجب العام تجاه الإسلام والمسلمين، ولا يكتمل إيمان المرء إلا بأداء الواجبين حق الأداء، وعلى هذا ربى النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه، فلم يكن واجب الجهاد أو الدعوة أو إقامة الدين مسؤولية جماعة معينة منهم، فلم يكن هناك ذلك الفصام النكد بين "مسلم" و"إسلامي"، يعفى الأول من أي واجب ومسؤولية تجاه أحوال هذه الأمة، ويقع كل العبء على الثاني، ويضاف إليه طبعاً الطعن والتشويه والإسقاط والتخوين،
بل الجميع صغاراً وكباراً رجالاً ونساءً واجب عليهم - بما يستطيعون ويقدرون - أن يبذلوا ويقدموا لدينهم وأمتهم، من شق التمرة إلى بذل الروح، ومن تربية الأبناء إلى الدعوة العامة، ومن زراعة الفسلية إلى الصناعات المتقدمة
وعلى هذا يجب أن نربي ونعد الجيل القادم ان شاء الله تعالى