طالبته كثيراً أن ينظر في عينيها
أن يغتسل بمائهما
أن يشرب
أن يتزود
لكنه أجبن من أن يفعل
كان يكتفي بأن يراه هناك يملأ صفحتيهما
تلفه الماء والأشجار ولا تبلغه
فلا شيء يحتمل الرحيل دونه..
لم يكن يود أن يقول أكثر
الفرح لحظة عزيزة
حين قبضها بكلتا يديه
لم يصدق أنه هو
أنها له
أخذ نفساً عميقاً
ثم أغلق الباب..
حين همت بالرحيل
أحس بثقل البناء
من قبل لم يكن يبالي
كان يسمع خطواتها
ضحكاتها
كلماتها المملة
وهي تحفر في القلب
تبني غرفاً
تنقل إليها أعضاءها
وتؤثثها بذاكرة وصور وحكايات
حين همت بالرحيل
كان يتأمل غفلة الشارع
ويكتم أنفاسه من عادم السيارات
ويغوص في وحل الذاكرة..
أقسمت له أنها تحبه
إذ لابد أن تحبه
وأمسكت بيده حتى انفجر منها الماء
الماء يلامس وجهه
الماء يجرف الجسد
الماء علي عتبة الروح
الماء مقعد في غرفة
كل ما فعله في ذلك اليوم
ضحكة خاسرة
دفع بعدها الباب
وخرج..
محمد الحمامصي