عدد كبير من الناس يعيشون حياتهم بالطول و العرض أكبر هم لدى بعضهم أن يدرس الليل مع النهار لاختبار جامعي و آخرون يدرسون كل يوم ثمان ساعات و لكن لا يعلمون ما الغاية من كل ذلك ثم يعودون إلى بيوتهم ليرموا ملازمهم و يتجهون نحو اللعب أو مشاهدة المباريات و الأفلام... شباب بعمر الزهور غارقة في العلاقات أكبر همهم المظاهر ، فتيات كان الأجدر بهن حمل هم الأمة و تربية جيل يصنع الفارق في واقع مظلم و لكن تجد الواحدة فيهن تقف ساعات طويلات أمام المرآة تتزين لتخرج كأنها ذاهبة لصالة أفراح و ليس للدراسة أو الجامعة... وقت طويل يضيع في مشاهدة المسلسلات و الأفلام أو في الحديث الدنيوي التافه و بين القيل و القال ، ساعات كثيرات تمر دون تذكر الغاية أو الموت... لما نحن هنا في هاته الدنيا ؟ سعادة زائفة تعلو تلك الوجوه و لكن ظلمة في القلوب ووحشة يهربون من مواجهتها....
تبذير في الأكل و شراء للكماليات و دونهم إخوة الدين قد أخرجوا من ديارهم و هدمت بيوتهم و لكن دون أن يأبهوا بكل ذلك...
تذكرهم بأن لهم إخوة في الدين قد أصابهم ما أصابهم في سبيل نصرة الحق فينظر لك الواحد فيهم بابتسامة مصطنعة كأنه لا ينتمي لهذه الأمة ، فقط يهمه ما إن كان سينجح في إختباره الجامعي أو يجد وظيفة أو يتزوج و يعيش قبل ذلك قصة حب كالتي يراها في الأفلام و المسلسلات...و مثلهم بنسختهم المتدينة "التدين الساذج " أو التسنن الأمريكي ، يعيش حياته بالطول و العرض كما يقول بالحلال و يوهمك أنه قد بلغ مراتب الدين كونه فقط يقوم لصلاة الفجر و أظن ان هؤلاء أكثر ما كابدوه في حياتهم هو هذا الأمر... فيجعل الدين منحصرا في أمور الدنيا و لا يكاد يذكر لك شيئا عن الآخرة ، يذكر لك بأنه كان تائها و عندما بدأ يصلي صلاة الفجر في وقتها قد فتحت له أبواب الدنيا و تم قبوله في الجامعة التي يريد و صار عنده ملايين المتابعين في مواقع التواصل.. هكذا فقط بكل بساطة ليقتدي به الناس ليس لأجل ربهم بل لأجل الدنيا كي يحصلوا على ما حصل...أو التي تلبس الحجاب الشرعي لتظهره على المواقع ضاربة للغاية من لبسه و هو "عدم الظهور" عرض الحائط ، و ذلك كله فقط لتبيع ما تخيطه أو تروج لما عندها من ماركات ليس لأجل الدين و لا الدعوة...
لا يكاد يخرج كل فعلهم عن الدنيا و مع أول مواجهة مع الابتلاء يسقط كل شيء...
دعني أخبرك أن الدعوة مكابدة و ابتلاء و صبر على الأذية في سبيلها، الدعوة غربة و دموع بالليل ووحشة من الناس ، الدعوة دماء تنزفها على قارعة الطريق و ثأر تحمله و مشعل تنير به صفحات الأمة لتعيد مجدها التليد ، الدعوة هم يلازمك و همة تؤرقك فلا تنام ، سبيل الدعوة هو السبيل الذي تعلق فيه المشانق لصاحبها و لا غير ، سبيل الدعوة هو الذي يختم لصاحبه بالشهادة لأن هذا العالم لا يحتمل وجود الصادقين..