لأولئك الذين طال بلاؤهم، إلى كل مسلم يعاني من الفقر والجوع، إلى كل مبتلى بالمكوث في دياره أو مدينته وعدم الخروج، إلى كل من أعياه العيش في ظل الحروب والمآسي. إلى كل أم فقدت أولادها أو أحدهم، لكل امرأة أحزنها اقتراب العيد بلا لباس جديد أو شيء من الحلوى يفرح قلوب أطفالها. إلى كل مبتلى بأيّ نوع بلاء.
أعلَمُ تماماً مرارة ذاك الألم، وتلك المشاعر المتخبطة ما بين الحزن والرضا، مشاعر خوف ورجاء.
أود أن أذكركم بقول الله حينما أخبرنا أنه سيبتلينا بشتى أنواع البلاء، فقال تعالى: {ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين}. عندما ذكر الله البلاء أتبعه بالعلاج؛ ألا وهو الصبر على البلاء (وبشر الصابرين)، فعلاج البلاء الصبر عليه، نعم.
الصبر والرضا على أقدار الله هو الدواء، ولا أقول لك أن تحبس الدمع ولا تتألم؛ بل إنما هي مشاعر طبيعية لا بد من ظهورها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما توفي ولده إبراهيم "إن العين تدمع والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا".
نعم، العين تدمع والقلب يحزن؛ لكن لا تبالغ بالحزن، بل اصبر وصابر، لا تضعف وتنهزم لمجرد فتات الدنيا لأنك لم تحصل على الطعام والمتاع الكافي.
مادمت على الإسلام فلا يضرك شيء؛ فالمؤمن دائماً مبتلى. ولا يغرنك عيش أعداء الله والنعم التي يتقلبون بها ليلا ونهارا ومتاعهم الذي لا ينقطع، لا تظن أن الله يعطي أعداءه النعيم ويذيق عباده الجحيم، أبدا.
لا تنظر للأمور بهذه الطريقة، قال تعالى واصفاً حال الكفار ومواسيا نبيه: {لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد}؛ أي لا يخدعنك تنقل الكافرين في البلاد وسعة تجاراتهم وأرزاقهم فتشعر بالهم والغم من حالهم. ثم قال ربنا: {متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد}.
شتان بين اختبار المسلم والكافر؛ فمصير الكفار جهنم إن لم يؤمنوا بالله، والمؤمن له من النعيم المقيم إن صبر وشكر ربه راضياً بقضائه، فالعبرة بسلامة الدين والعقيدة، وليس بمتاع الدنيا الزائل، بل بالثبات على الدين الحق.
فالدنيا دار ابتلاء وفناء لا دار قرار ونعيم. تأمل ما بين الحالتين واستشعر تلك المواعظ، قِس على ذلك كل بلاء ونعيم، واسِ قلبك بقراءة آيات الله وتدبرها، واصبر على مصابك مهما كان مؤلماً.
✍🏻 ابنة الإسلام
#رسائل_الثبات