تعددت تفسيرات المواطنين حول سبب ارسال الاحتلال هذا النوع من الطائرات القديم..
فما تقوم به في أشهر. تستطيع الطائرات الحربية الأحدث مثل F35 التي تحرث أرواح المواطنين على مدار الساعة. أن تقوم به في دقائق.
البعض فسر ذلك على أنه عمليات جرد حسابي في نهاية اليوم لقائمة الخيام المطلوب قصفها. فما يتم نسيانه طوال اليوم من الطائرات الفتاكة. تعود طائرة الهليو كابتر الصغيرة لإكمال قصفه. خصوصا أن قصفها يكون روتينيا. عملية اطلاق على خيمة لقتل من فيها دون أي احتياطات منها كتجنب ظهورها الواضح وارتفاع ضجيجها الذي يقلق نوم النازحين وينبههم.
في الغالب تقتل صوااريخها الأطفال. في المرة الأخيرة قبل يومين صااروخها قتل طفلين من عائلة شقورة مع أمهما في مواصي خان يونس. كانوا ينامون في الخيمة في البرد والجوع. كان ذلك حوالى الساعة الثانية عشرة منتصف الليل.
البعض قال أنهم يرسلون هذه الطائرة لتدريب الطلاب والفتيات الإسرائيليات الصغيرات اللواتي يدرسن في كليات عسكرية. في ساحة قتال حقيقية. خصوصا أن عمليات القصف تكون استعراضية. وتستغرق وقتا طويلا ومكشوفا من التحضير والإعداد. وكأن مدرسا داخل الطائرة يشرح لهم المراحل المختلفة لعمليات التجهيز للاطلاق. ثم يتم اختيار الأهداف بشكل عشوائي مع دقة التصويب.
في الماضي كانت وثائق تدريب هؤلاء الطلاب تشير إلى أنهم يختارون شواخص وأهداف أرضية في ساحات خالية من الصحراء. أما الآن. وفي ظل عدم المحاسبة على سحق أرواح الغزيين في حرب الإبادة . فإنهم يفضلون تدريب طلاب المدارس العسكرية بقصف أهداف حقيقية من الخيام. في الحقيقة. إن هذا النوع من التدريب الواقعي يجعل الطلاب أكثر مهارة وجرأة في اكتساب الخبرات.
أثناء جلوسي في الكافتيريا قال لي أحد الأصدقاء. أنه لا يعتقد ذلك. ويرى أن استمرار تشغيل هذا النوع من الطائرات القديمة بسبب الخشية من الصدأ والتآكل مع أسطول الطائرات الحديثة التي تكدست في مطارات الاحتلال العسكرية بسبب المعونات الهائلة التي تلقاها العدو من حلفائه أثناء الحرب الحالية. ما يقوم به الاحتلال هو نوع من الصيانة والمحافظة لهذا النوع من الطائرات إلى أن يستطيع بيعها إلى دولة أخرى غالبا تكون من دول العالم الثالث.
لم يؤيد صديق آخر هذا الرأي. واعتبر أن إرسالها بين الفينة والأخرى إلى غزة. بصوتها العالي المرتفع. وضجيجها الذي يفزع النازحين ويدعوهم للقلق والترقب انتظارا للصااروخ الذي ستطلقه أنه شكل آخر من تعذيب النازحين أنفسهم ليلا...
ثم واصل حديثه:
هذا أولا. وثانيا تحليقها على ارتفاع منخفض مكشوف هو اختبار لقدرات المقااومة العسكرية لمدى اسقاطها بمضاداتها الأرضية...
سكت قليلا ليسمع رد الأصدقاء على رأيه....
لا أعلم لماذا لم يعلق على رأيه أحد. واكتفوا بالنظر إليه نظرة دهشة واستهجان مع شيء من الابتسامة الساخرة. وكأنهم يقولون له: كل الاحتمالات ممكنة إلا احتمالك هذا.
قاطع نظرات الاستغراب صوت صديقنا سعيد الذي يميل إلى تفسير كل الأحداث تفسيرا نفسيا واجتماعيا. ويعتد برأيه:
قد يكون في آرائكم شيء من الصحة. لكني أعتقد ادخال الاحتلال هذا النوع القديم من الطائرات قبل شهرين تقريبا. وبعد أن استطاع احتلال قطاع غزة عسكريا وتدمير رفح والشمال والسيطرة الكاملة على القطاع. وحشر المواطنين في مناطق التجويع. فإن هذا يحمل رمزية نفسية خطيرة. أنه وصل إلى مرحلة الإذلال الكامل للتاس. حتى أنه يقول لهم أنكم لا تستحقون أن تقتلوا بوسائل عسكرية حديثة وعالية التكلفة. يكفيكم وسائل رخيصة كنا نقتلكم فيها قبل أكثر من عشرين سنة.
يوجد مثل فلسطيني عندنا يقول: (فلان لا يساوي الرصاصة التي يقتل بها) هم يريدون أن يوصلوننا إلى هذا الشعور النفسي بالدونية. لديهم عدة أنواع من الأسلحة. بعد أن تأكدوا أننا لا نمتلك أي قدرة لمواجهتهم بدأوا في استخدام وسيلة قديمة ترمز للدونية النفسية..
كنا ننظر جميعا إليه مشدوهين في قدرته على اقناعنا كيف أن هذه الطائرة الملعونة تريد إذلالنا قبل موتنا. وقد بدأ بعضنا ينظر إلى السماء. إلى المكان الذي تأتي فيه دائما فوق شاطئ البحر. لنعيد نظرنا وفهمنا إليها. لأول مرة نتشوق لعودتها لنتأكد إن كان ما يقوله فيها سعيد حقا؟!.