منذ لحظاتنا الأولى في هذه الحياة، نحن نولد بحاجة ماسة إلى الحب والرعاية، لا سيما من الأشخاص الأقرب إلينا: الأهل. هؤلاء الذين من المفترض أن يكونوا مصدر الأمان الأول، والمنبع الذي نغذي منه أنفسنا بالاهتمام والتقدير. لكن ماذا يحدث عندما يتغافل هؤلاء الأشخاص عن توفير هذا الاحتياج الأساسي؟
الطفولة هي الفترة التي تحدد الكثير من ملامح شخصيتنا وتوجهاتنا النفسية في المستقبل. نحن، في هذه المرحلة، نشكل أفكارنا عن أنفسنا، عن العالم، وعن علاقاتنا بالآخرين. وإذا كانت هذه المرحلة قد خلت من الحب والاهتمام، فإنها قد تترك آثارًا عميقة. عندما يُحرم الطفل من الحنان والرعاية التي يحتاجها، يتشكل لديه شعور بالفراغ العاطفي، وقد يصبح هذا الفراغ مصدرًا لآلام نفسية مستمرة.
الأطفال الذين يفتقرون إلى هذا الدعم العاطفي الأساسي قد يواجهون صعوبة في بناء علاقات صحية في المستقبل. فهم يعانون من مشاعر عدم الجدوى، من القلق المزمن، ومن صعوبة في التعامل مع التوترات العاطفية. من الممكن أن تنمو مشاعر الخوف من الرفض، والشكوك حول قيمتهم الذاتية. وما يحدث مع مرور الوقت هو أن هذه المشاعر تتحول إلى مشاكل نفسية واضحة، سواء كانت اكتئابًا أو قلقًا أو اضطرابات في العلاقات.
المشكلة تكمن في أن كثيرًا من الآباء والأمهات يعتقدون أن توفير الاحتياجات المادية للأطفال يكفي. ولكن الحقيقة أن الاحتياجات العاطفية أكثر أهمية من أي شيء آخر. الحب الذي يحتاجه الطفل ليس مجرد كلمة تُقال، بل هو اهتمام حقيقي، وفهم لاحتياجاته العاطفية، وحضور من الأشخاص الذين يحبونه ويرعون مشاعره.
وفي النهاية، المرض النفسي لا يظهر فجأة في مرحلة البلوغ أو الشباب. هو نتيجة تراكمات سنوات الطفولة، ومجموعة من التجارب التي لم يتم معالجتها بشكل صحيح. ولذلك، من المهم أن نفهم أن جراح الطفولة يمكن أن تظل مفتوحة إذا لم يتم الاهتمام بها، وإذا لم يحصل الشخص على الحب الذي كان في أمس الحاجة إليه في تلك المرحلة الحرجة من حياته.
#منصه_نجاح