من هذا التعريف، يظهر أن الرفاعي لا ينظر إلى الدين بوصفه مجرد عقائد وأحكام، بل بوصفه تجربة وجودية تمنح الإنسان معنى روحيًا وأخلاقيًا وجماليًا. وبالتالي، فإن الرؤية الجمالية عنده ليست عنصرًا ثانويًا أو مكمّلًا للدين، بل هي جزء أصيل من جوهره.
كيف تتجلى الرؤية الجمالية في الدين وفقًا لهذا الأساس؟
1. الجمال كجزء من الحاجة الوجودية للدين
• الدين عند الرفاعي ليس مجرد التزام بالعقائد والشرائع، بل هو استجابة لحاجة الإنسان إلى تجربة روحية وجمالية تمنحه الطمأنينة والمعنى.
• هذه الحاجة إلى الجمال تتجسد في التأمل في الكون، وفي الشعور بالسمو الروحي، وفي الانجذاب إلى القيم الأخلاقية الرفيعة.
2. الجمال في المعنى الروحي للدين
• بما أن الدين يمنح الإنسان معنى روحيًا، فإن هذه الروحانية ترتبط بالجمال، حيث تفتح أفقًا للتذوق الجمالي عبر التأمل في العالم والعلاقة مع المقدّس.
• التصوف مثال على ذلك، حيث يرتبط بالسعي نحو تجربة جمالية للحب الإلهي والوجد الروحي.
3. الجمال في الأخلاق والسلوك
• يرى الرفاعي أن الأخلاق ليست مجرد قواعد نفعية، بل هي تعبير عن الجمال الداخلي للإنسان، حيث يصبح الشخص المتخلق إنسانًا جميلاً في سلوكه وعلاقاته.
• هذا ينسجم مع تعريفه للدين بأنه يمنح معنى أخلاقيًا، مما يعني أن الجمال ليس محصورًا في الفنون أو الطبيعة، بل يشمل المعاني والقيم السامية أيضًا.
4. الجمال في الخطاب والتجربة الدينية
• بما أن الدين عنده هو “حياة في أفق المعنى”، فهذا المعنى لا يمكن أن يكون جافًا أو منفّرًا، بل يجب أن يكون مشبعًا بالجمال، سواء في الخطاب الديني أو في الممارسات والشعائر.
• ينتقد الخطابات التي تفرّغ الدين من بعده الجمالي، سواء عبر الترهيب أو الجمود، ويدعو إلى استعادة الجمالية في التعبير عن الدين، كما نجد في النصوص الدينية الراقية أو الفنون الإسلامية.
خلاصة
عبر هذا التأسيس، يربط الرفاعي بين الدين والجمال بشكل عضوي، فلا يمكن فصل البعد الجمالي عن الدين، لأن الدين في جوهره يمنح الإنسان معنى روحيًا وأخلاقيًا وجماليًا، وكل هذه الأبعاد متداخلة في تشكيل تجربة دينية حية وعميقة.