في هذه الرحلة، أخذناكم بين الظلال الداكنة للإدمان، فهمنا كيف يمكن لخطوة صغيرة نحو المخدرات أن تسحب شخصًا إلى قاع مظلم، وكيف أن كلمة واحدة أو نصيحة صادقة أو تشجيع بسيط قد يكون الفرق بين حياة ضائعة وحياة مملوءة بالأمل.
سافرنا أيضًا عبر أرجاء الأمراض النفسية، وقرأنا في عيون الاكتئاب والفصام ما يعجز اللسان عن وصفه ، وتعلمنا أن الاكتئاب ليس مجرد حزن، وأن الفصام ليس جنونًا، بل هي اختلالات كيميائية تحتاج إلى علمٍ وفهمٍ عميق.
ورأينا كيف أن العقل البشري يمكن أن ينقلب على نفسه بسبب تغيرات كيميائية بسيطة،وكيف يكون العلاج أحيانا في تفاصيل متناهية الدقة.
وكل هذا وأكثر، لم يكن مجرد معلومات نقلناها لكم ، بل كان شغفًا، كان لمسة روح أضفناها، لأنه لم يكن هدفنا مجرد إيصال المعلومة، بل جعلها تنبض بالحياة في قلوبكم.
فقد علمنا أن الطريق إلى العلم ليس في حفظ الحقائق فقط، بل في فهمكم وفي إحساسكم بما تتعلمون، في رؤيتكم للواقع الذي تعيشونه، وفي قدرتكم على ربط كل معلومة بحياة الإنسان، بحياة كل مريض، بحياة كل شخص قد يحتاج إليكم يومًا ما.
وإنني لا أخفيكم، أن هذا الكورس كان الأقرب إلى قلبي، وكان الأكثر إمتاعًا بالنسبة لي. في كل محاضرة، كنت أحاول أن أضع لمساتٍ من الجمال، لمسات مونتاج فكري، لكي تتحول الحروف إلى مشاعر، والأرقام إلى قصص، والبيانات إلى حياة تنبض ولكي تُفهم المعلومة.
لم يكن همّنا أبدا أن تُحفظ المعلومة وتُنسى بعد قليل، بل كنا نريد أن تصل إليكم بطريقة سلسة، عميقة، وجميلة، بحيث تظل محفورة في ذاكرتكم، تستطيعون أن تشعروا بها في كل لحظة تمر عليكم.
اليوم، ونحن نختتم هذا الفصل، تذكروا أن الدواء ليس مجرد حبوب وأمصال، بل هو قوةٌ خارقة يمكن أن تغير مصير إنسان. تذكروا أن العلاج ليس في الوصفات فقط، بل في الاستماع، في التفاهم، في النصيحة التي قد تنقذ حياة.
لقد بذلنا كل جهدٍ كي تكونوا مستعدين لهذا العالم، لهذا التحدي الذي ينتظركم في المستقبل، وأنا على يقين أنكم ستكونون الأطباء الذين لا يُقدرون بثمن.
الآن، وقد أنهيتم هذا الكورس، تذكروا أنه ليس نهاية، بل لايزال لدينا عمل كما بدأناه بإتقان سننهيه بإتقان.
ستستمر رحلتنا عبر كورس الاندوكراين وكورس العملي و لنا لقاء بعد قريب عاجل جدا، إلى أن ألقاءكم جميعا على خير في السنة الرابعة.
#_مصير .