الترجمة الأدبية بين النظرية والتطبيق، د. محمد عبد اللطيف هريدي، 167 صفحة.
.............
هناك العديد من الكتب التي تناولت الترجمة من اللغة الإنجليزية إلى العربية، وأشهرها كتب د. محمد عناني رحمه الله، وكتب د. خالد توفيق، إلى غير ذلك. لكن بالنسبة للغة التركية فالكتب قليلة جدًا في هذا الباب.
أنصح طلاب الدراسات العليا والماجستير بقسم اللغة التركية بقراءة هذا الكتاب الفريد، الذي بذل فيه المؤلف حفظه الله جهدًا طيبًا في الحديث عن الترجمة الأدبية من اللغة التركية إلى العربية، ونقل لنا خبرة سنين طويلة في هذا المجال.
تناول المؤلف حفظه الله في القسم الأول من الكتاب الحديث عن ماهية الترجمة والإبداع والترجمة، وشواهد نظرية الترجمة عند العرب القدماء، وجاء بنصوص مهمة من كتب القدماء مثل الجاحظ والجرجاني وغيرهما، ثم الحديث عن الدراسات النظرية الحديثة حول الترجمة.
وكان الحديث عن المقارنة النحوية بين اللغة العربية والتركية مفيد جدًا في كشف أغوار طبيعة اللغة التركية وأنها لغة التصاقية تعتمد على اللواحق بخلاف العربية، ونبه إلى ضرورة العودة إلى القواميس عند الكلمات العربية وعدم الاعتماد على المعنى العربي للكلمة لأن الكثير من الكلمات العربية قد تغير معناها بعد دخولها التركية.
وقبل نهاية هذا الفصل تحدث المؤلف عن عملية الترجمة، وقسمها إلى مراحل هي: المرحلة التصورية، وهي لقاء المترجم مع النص وتشكل صورة ذهنية أولية لديه بالاعتماد على المخزون المعجمي والخبرة المعرفية بثقافة النص. ثم المرحلة التحليلية أي فك الشفرة اللفظية وتفكيك التراكيب النحوية والدلالية للنص وحث على ضرورة تعلم المترجم النحو في اللغة الأصل واللغة المترجمة، والمرحلة الثالثة من عملية الترجمة هي إعادة تركيب النص في ضوء معرفة قواعد اللغة التركية ومميزاتها وأسلوبها، والصياغة الأسلوبية للنص المترجم.
والقسم الثاني من الكتاب كان تطبيقًا على نماذج من الترجمة من اللغة التركية للعربية فقدم الفصل بمقدمة عن دور الترجمة في التواصل بين الأدبين العربي والتركي في العصر الحديث، ثم تناول ترجمات أحمد السعيد سليمان الأدبية والتاريخية وحللها تحليلاً جيدًا، ثم ترجمات روايات نجيب محفوظ إلى التركية، ثم ترجمة رواية ثلج لأورهان باموق إلى العربية، وحللها تحليلا جيدًا مع إعطاء أمثلة من التركية والعربية.
وفي نهاية الكتاب وضع المؤلف حفظه الله قائمة بالأعمال الأدبية المترجمة من اللغة التركية إلى العربية.
هذا الكتاب هو مصدري ينبغي أن يعود إليه الباحث والمترجم من اللغة التركية للعربية كل حين، ويستفيد منه، ويطبق ذلك على ترجماته، ولابد من معرفة خصائص اللغة التركية وعدم الوثوق بمعرفته بالكلمات العربية وترجمتها كما هي في العربية، وثقافة المترجم بالنص الذي يترجمه ومعرفته به لها دور كبير في جودة الترجمة، وهناك فرق كبير بين المترجم المتخصص والمترجم الهاوي، وعلى الرغم من كثرة برامج الترجمة والذكاء الاصطناعي فإن (الإنسان المتمكن) سيبقى دائمًا هو الأساس في مجال تخصصه الدقيق.
د. محمد عبد العاطي محمد
23/ 10/ 2024م سوهاج المحروسة