هل المال أو الجاه أو جمال الروح مرتبط بالنجاح؟
من يتعمق تفكيراً في الحياة، قسوتها، حقارتها، بشاعتها، عزّها، لينها، جمالها؛ يدخل بصراع هستيري في المتناقضات كيف لهذه الحياة أن تستمر هكذا، فرص ضائعة كثيرة، واقع مؤلم مرير؛ يا عزيزي إنّها ليست كذلك أبداً لكنك تنظر لها من هذا المنظور فلو ابتعدت عمّا تحمله من أفكار وناقشت ذاتك من منظور خارجيّ لوجدت لها لوناً آخر.
إنك تنظر لها على أنّها تستحق التضحية وهي ليست كذلك، إنك تخطط للخلود فيها وليست إلّا محطّة مؤقتة لحياة خالدة، إنك تنظر لنصف الكأس الفارغ، تنظر لما ينقصك من نِعمٍ، فرص...
لا تنظهرها هكذا بل انظر لما لديك من النِّعم، لما لديك من المقوّمات، لما لديك من الامكانيات حتى لا تحبط ولا تيأس.
انظر كم من نعمة لديك يفتقدها غيرك، كم من خيار متاح لك يتمنّاه غيرك!!!
ستجد أنك في نعمة عظيمة ستجد أنك في أفضل مكان ممكن أن تصل إليه!!!
لمَ تسخط؟
أنت كإنسان سار على طريق العلم وهو يرنو حلماً ذات يوم حارب من أجله وحطم قيوداً عظيمة أيستوقفك واقعك؟
هل أمّلك أو أمّلت نفسك بطريق مفروش بالورود عندما سلكت سبيل طلب العلم؟
كلّا وألف كلّا، لكنك افتقدت ذاك الشغف لأنك غيّرت وجهتك غيرت ما كنت تنظر له عندما بدأت طريقك في طلب العلم، لم تكن تنظر لما تنظر له الآن عندما شرعت في المسير لم تكن غايتك هي غايتك الحالية، مالذي تغيّر؟
هل تظن أنّ المال هو ما تحتاجه الآن؟
هل حقاً تقاعست عن حلمك انشغالا في التفكير بالمال؟
أم أنك أشحت بوجهك عن الحلم لأنك شاهدت أهل جاه وقلت في نفسك لن أصل لهم يوما ما؟
أم أنّك استحقرت جمال روحك نسبة لأناس رأيت أرواحهم جميلة مقارنة بروحك المتعبة القبيحة؟
إليك الحقيقة التي نسيتها، هي منهج حياة، هي غاية وجود، هي أصل كل مسير.
(من أراد الآخرة فعليه بالعلم ومن أراد الدنيا فعليه بالعلم، ومن أراد كليهما فعليه بالعلم)
هذا هو منهج الحياة، بلال كان حبشياً عبداً مملوكاً إلّا أنّه حظى بصلاة في جوف الكعبة مع رحمة الله لنا صلى الله عليه وسلم، لتتعلم أن التميّز والنّجاح لم يكن يوماً مرتبطاً بجاهٍ أو تبعيّة.
عنترة لم يكن سوى عبداً مملوكاً قضى حياته سعياً لغاية واحدة قد تظنها سخيفة لكنّه أفنى عمره وهو يريد من أبيه أن يعترف به ابن، صنّف من أبرز الشعراء وأقوى الفرسان وهو عبد أبوه رفض أن يعترف بأنه ابنه.
إمام عصره وفقيه زمانه محمد بن ادريس الشافعي رحمه الله، في أحد الأيام قالت له أمّه _يا بني لم يبق لنا من حجرتنا مكان نستلقِ فيه لأن صحفك ملأتها، فوعدها أن يحفظ مافي الصحف ويوزّعها بعد أن يحفظها_، طفل يتيم يعيش فقر مدقع مقومات حياة معدومة إلّا أنّه حارب للغاية التي ربّته أمه عليها_:عسى الله أن ينفع به الأمّة_.
الإمام أحمد بن حنبل إمام عصره وجهبذ الفقه من ثبت في فتنة خلق القرآن وسجن ما يقارب ربع عمره في سبيل ذلك،
كان كثيراً ما يدعو _:رحم الله أبا الهيثم عفى الله عن أبي الهيثم، فسأله ابنه عبدالله ومن هذا؟، فقال له في يوم خرجت فيه للسياط(أي خرجوا به ليجلدوه) وأوثقوني فاقترب منّي رجل قبل أن يجلدوني وقال لي أتعرفني؟ قلت لا، قال أنا أبا الهيثم مسجّل في ديوان الخليفة لصّاً ضُربت ثمانية آلاف ضربة بالتفاريق وكلّها طاعة للشيطان معصية للرحمن فاثبت أنت يا إمام طاعة للرحمن، قال الإمام والله ما كان شيء أنفع لي من كلامه.
لص بروح بشعة جداً نفع إماماً عظيماً، نفع أمّة.
هل تظن أنك سيء ولا يمكنك التفوق لقبح روحك، هذا لص سارق متعدٍ على الخلق ثبّت الله به الإمام أحمد!!!
إنّك تستطيع لكنّك تجهل قدراتك، قم وانهض وانثر غبار اليأس عن عاتقك، المال، الجاه، الجمال، الواقع، الحياة، أيّ منها ليس عائقاً لنجاحك لكنّك متقوقع في بضعة أفكار متخلّفة.
انهض وعاود النظر لحلمك من جديد لكن بالنظرة التي بدأت فيها المسير لا بنظرة الآن، بنظرة الفارس المقدام الذي تحدّى صعاب الحياة للوصول لمبتغاه لا بنظرة المستسلم للحياة.
الحياة ليست وردية، ليست للتفكير الدائم بالمستقبل بل التفكير يكون فقط في بداية المسير أما بعد البدء في المسير فلا وقت إلّا للمسير.
إنّ الله لمّا خلقك لم يعطك عهداً أن يسخّر لك كل ما تحتاجه من الحياة، أبواك لم يعدانك بكل ما تحتاجه من الحياة، حتّى أنت لم تعد نفسك بشيء من سهولة الطريق أو نعومة الظروف.
استعد همّتك تلك، حلمك ذاك.
لديك كل ما تحتاجه من مقوّمات.
#أنت_تستطيع_قم_وانهض
#علو_الهمة_يجعلك_تصل_للقمة
تم الخروج عن النص قليلاً لإيصال بعض الأفكار المبطنة
#hussein