جاء في كتاب الجهاد لعبد الله بن المبارك:
لمَّا دنا العدوُّ من النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحُدٍ، دافعَ عنه مصعب بن عمير حتى قُتل، وأبو دُجانة حتى كثُرتْ فيه الجراح، فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم: مَنْ رجلٌ يبيعُ لنا نفسه؟!
فوثبَ زياد بن السَّكن، فقاتلَ حتى أثخنته الجراح، فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم: أُدنُ مني!
فوسَّده فخذه حتى ماتَ عليها!
انتهتْ غزوة أُحد، ولكن صوتَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ما زال يصدح: مَنْ رجلٌ يبيعُ لنا نفسه!
رحلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن هذه الدنيا بجسده، ولكنه باقٍ أبد الدَّهر بدينه وشريعته وأمته، وما زال السُّوق مستقراً، وعرض البيعِ
سارياً فمن يبيعُ له نفسه!
كلما رأيتَ فقيراً ذا حاجةٍ وعيالٍ تذكَّر قول نبيِّك: من يبيعُ لنا نفسه؟
وقُلْ: أنا يا رسول الله! وأخرجْ من مالكَ وتصدَّق!
كلما جُمع مالٌ لعملية جراحية طارئة لفقير تذكَّر قول نبيك: من يبيعُ لنا نفسه؟ وقل له: أنا يا رسول الله! وساهِمْ بقدر ما تستطيع!
كلَّما مرض عندكَ أم أو أب وأنتَ غارقٌ في وظيفتك وتجارتك، تذكَّرْ قول نبيك: من يبيعُ لنا نفسه؟ وقُلْ له: أنا يا رسول الله! ثم فرِّغْ وقتك، وخذ المريض منهما إلى الطبيب!
كلما نشبَ خلافٌ عائلي لن يُحلَّ إلا إذا تنازل أحدهم وبادر بالصلح والتنازل، تذكرْ قول نبيك: من يبيعُ لنا نفسه؟ وقل له: أنا يا رسول الله! وكُنْ الأطيب قلباً، والأسرع مبادرة!
كُلَّما فُتح لكَ بابٌ لشهوة حرام ميسورة مستورة،
تذكَّرْ قول نبيك: من يبيعُ لنا نفسه؟ وقُلْ له: أنا يا رسول الله! ثم تعففْ متحسساً أنَّ من تركَ شيئاً لله عوَّضه الله خيراً منه!
بيعُ النَّفس لله ورسوله ليس في المعارك فقط وإن كان هذا أجملَ البيع وأجلَّه، وإنما في كل يوم هناك سوق بيعٍ للنفس في سبيل اللهِ ورسوله، فبِعْ نفسكَ!
أدهم شرقاوي / صحيفة الوطن القطرية