برنامج البناء المنهجي برنامج قلّ نظيره في واقعنا المعاصر
من حيث عدد المنتسبين إليه
ومن حيث المواد العلمية المقدمة فيه
ومن حيث مناسبة الخطاب فيه للعصر
لكنّ المشكلة أنّ كلّ ذلك لم يُبنَ على منهجٍ سليم
منهج أهل السنّة في الانتساب إلى مذاهبهم في الفقه (المذاهب الأربعة) والاعتقاد (الماتريدية والأشاعرة وفضلاء أهل الحديث)، ومنهجهم في قبول المخالف وفي الإنصاف العلميّ
ليست كثرة المنتسبين معيارا، وإلا لفاز بها معجبوا أيّ مغنّ في بلادنا!
وليست كثرة الكتب معيارا
وليس الخطاب العصري معيارا
الأهمّ من ذلك كلّه انضباط القائمين على البرنامج بمنهج أهل السنّة المذكور، ولم ألاحظه مطلقا في كلّ ما استمعت إليه من كلامهم!
ومما لا أستسيغه في هؤلاء الدعاة الجدد أن يخلطوا بين العلم والدعوة، فيظهروا أنفسهم العالم الموسوعيّ والفقيه الألمعيّ والمحدّث الحافظ وأصوليّ البارع والمتكلّم النظار والتاريخيّ المحقق! وما هو إلاّ قصّاص في نظر علماء كلّ فنّ من هذه العلوم، ولن يستطيع أحدٌ أن يتمكّن في جميعها! فضلاً عن أن يجمع إليها علوم النفس والاجتماع والاقتصاد والقانون!!
لا أحبّ للقائمين على هذه البرامج أن يتركوا بلدهم الذي يفتقر إليهم وإلى جهودهم، ليشتغلوا بأبنائنا، يتركون الشواذ فكريا وأخلاقيا في مجتمعهم، وينشطون في بيئاتنا!
ما لا أقبله أن تُدَسّ الأفكار المخالفة لمنهج أهل السنّة دون تصريح، ولا يدركها إلا الحاذق، فينخدع بها عامة المسلمين! (وهو نوع من التقيّة والباطنيّة لا أراه مقبولا)
ما لا أرتضيه أن تكون فلتات اللسان كثيرةً على المخالف في بيئة مفتوحة كهذه البيئة، فينشر الإنكار على جماهير أهل السنّة وعلمائهم، ويشيع انتقاص العلماء بطرق ملتوية كثيرة! لا يدركها إلا من يفهم ما يريده أمثال هؤلاء.
والخلاصة: لا أنصح بالانتساب إلى البرنامج، مع علمي بكثرة فوائده، لكني أرى ضرره أكبر على عقلية المسلم وطريقة تفكيره وانتمائه لأمته وتاريخها وعلمائها وسوادها الأعظم.
والله من وراء القصد.
د. محمد أيمن الجمال