جاءت زيارة رئيس جهاز المخابرات و مستشار السوداني لسوريا للقاء الإرهابي الجولاني بأوامر مباشرة من رئيس الحكومة ضمن برنامج حكومي برعاية أميركية و تماشياً مع التحرك الرسمي الأخير للسوداني باتجاه الأردن و مصر و السعودية ضمن حزمة من مساعي إضفاء الشرعية على نظام إرهابي تم اصطناعه في أقبية المخابرات الأميركية و الصهيونية و التركية .
قبل الخوض ببعض ملامح خطة الحكومة العراقية التي قضت بالإنفتاح على النظام الإرهابي في سوريا ، فإنه يجب التذكير بشكل موجز بخطوات مدروسة تقف خلفها المخابرات الأميركية و الغربية في إنتاج حركات الإرهاب في منطقتنا .
أميركا تستشعر الخطر الحقيقي تجاه تنامي الإسلام المحمدي الأصيل الذي تمثله حركات المقاومة الإسلامية في العراق و لبنان و اليمن و التي غذّتها ولادة الجمهورية الإسلامية بفكرها المقاوم الذي أعاد بوصلة الصراع ضد الصهيونية إلى الواجهة بعد أن كانت المنطقة قد سلّمت تسليماً مطلقاً بالخضوع للأميركي .
الأميركي يستخدم الأدوات الإرهابية مرة كل عقد من الزمن :
بعد سقوط نظام البعث الصدامي الذي كان يُعتبر الأداة الأميركية الجرباء لمحاولة ضرب الثورة الإسلامية تفاجأ الأميركي بأن إرادة الشعب العراقي الذي إلتصق بمرجعيته الشريفة قد أنعشت فيه روح المقاومة ضد أي وجود إحتلالي غربي للعراق مما أجبرها على الرحيل على الرغم من محاولة المحتل الأميركي إدخال تنظيم القاعدة عام 2004 في الساحة العراقية لكي يُحدث انقساماً داخلياً عبر تغذية النزاعات الطائفية التي أشعلها المحتل عن طريق أدواته التكفيرية .
ما حدث أن المحتل قد إنهزم هو و أدواته في تلك الفترة مما جعل هذا المحتل يفكر بإعادة إنعاش تنظيم إرهابي جديد على شكل شبه دولة عام 2014 ، و كان حينها الأميركي يهدف من خلالها إلى العودة و التموضع في العراق و سوريا بعد أن تم طرده بفعل ضربات المقاومة التي كانت تستند إلى ظهير سياسي غير خانع أو متآمر .
شبه الدولة الإرهابية تم دحرها بفعل الفتوى المباركة و دعم الجمهورية الإسلامية و رجالاتها المخلصين و بفعل تضحيات قادة و شباب الحشد الشعبي المقدس و رجال المقاومة الإسلامية العراقية و رجال حزب الله .
و في عامنا هذا 2024 عادت الفكرة الأخطر للمنطقة و هي تأسيس دولة محورية في موقعها تقودها حركات الإرهاب و التي ستستفيد من إمكانات و طاقات هذه الدولة إضافة إلى الدعم الدولي و الغربي لها .
كافة هذه الحلقات الدورية للتوظيف الأميركي لهذه التنظيمات الإرهابية هي بسبب إدراك الأمريكي و الصهيوني و الغربي بأن حركات المقاومة في فلسطين و لبنان و العراق و في الجمهورية اليمنية الحديثة و الجمهورية الإسلامية قد تنامت قوتها و أصبحت هذه القوى المبدئية حجر عثرة في تنفيذ مشروع صهيوني واسع بتواطؤ مع أنظمة عرب الناتو في الخليج .
بالعودة إلى خطة الحكومة العراقية في التعامل مع دولة الإرهاب الطالبانية في سوريا ، فإنه تم الإتفاق في ما يسمى بإئتلاف إدارة الدولة على خطوات يستشعر المرء بها إنبطاحاً ذليلاً لهذه التنظيمات الموصومة بالإرهاب بحيث تكون هذه الخطوات أفخاخاً ستؤدي إلى تأزيم الداخل العراقي شيئاً فشيئاً.
من هذه الخطوات هو الإنتفاح على ما تسمى بحكومة سوريا و تقديم الدعم و المساعدات لها ، و تكثيف زيارة الوفود و التي أسماها إئتلاف إدارة الدولة بأنها وفود فنية .
من الخطوات أيضاً هو التعاطي مع سوريا على أساس المصالح الوطنية و لم يوضح لنا من كتب هذه الجملة ماهية المصالح المرجوة من نظام إرهابي يضع في جدوله العراق كخطوة لاحقة بعد أن يفرض سيطرته على الداخل السوري.
كان الأولى على ساسة الحكم في العراق لاسيما السوداني الذي تدور الشبهات حول تحركاته العلنية على أقل تقدير بأن يفكروا بتحصين الواقع العراقي من هجمة مرتدة من داخل سوريا عبر حركات التكفير و بقايا البعث الصدامي بمساعدة خليجية و برعاية أميركية و التي ستعمل على إرباك الداخل العراقي .
كان الأولى على ساسة الحكم عدم الإنفتاح و لا بشكل من الأشكال على سلطة الأمر الواقع في سوريا و العمل على وضع الخطط لتحصين الوضع العراقي الداخلي لا الهرولة بإيعاز أميركي نحو خرّيج من كلية بوكا الأميركية للإرهاب .
ما جرى اليوم في دمشق هو إسقاط رسمي عراقي مُخزٍ لفواتير الدم و الإرهاب الذي أقدمت عليها تنظيمات إرهابية أوغلت بدماء العراقيين ، و هذا دليلٌ على ما تم ذكره في المقال السابق عن خطورة تسنم شخصيات عراقية لمهام تنفيذية و هي تدور في الفلك الأميركي بذات الوقت مما يجعلها تقدم المصلحة الأميركية على كل مصلحة أخرى.
https://t.me/makalatseyasia