𝟲𝟭𝟳

فَزِعتُ إلى الدُّموعِ فَلَم تُجِبْني
‏وفَقْدُ الدَّمعِ عِندَ الحُزنِ داءُ
‏وَما قصَّرتُ في جَزَعٍ ولكنْ
‏إِذا غَلَبَ الأسَى ذَهَبَ البُكاءُ.

فكُن كما شئت يا مَن لا شبيه له
‏و كيفَ شئتَ فما خَلق يُدانيك.

فتَودُّ لو تبكي وما مِن أدمُعٍ
وتظَلُّ مختنِقًا وما مِن خانقِ.

وكَم مَكثتُ دُجَى الَّليلِ مُفزَعةً
أَردَفتُ قَولًا ، ربِّي معي سيحميني

وكَم قابَلتُ نُفُوسًا الشَّرُ مَبسَمُها
فذكرته ذُعرًا عَساهُ مِنها يُنجينِي

خَبَائِثُ الخَلقِ طِباعُ بِهِم دَجَلٌ
نِفاقُ بَل صِفاتٌ مِن شَياطِينِ

و دَعَوتُ ربِّي أَرجو مَعِيَّتهُ أيَا ربَّنا
كُن لِي حفيظًا مالِي سِوَاكَ يَقِيني

ضَعيفٌ أَنا يَا ربُّ و أَنتَ المُرتَجَى
أَنتَ القَويُّ أيَا خَالِقِي و مُعِينِي

ولمّا رأى التذلُّلَ مَذهَبِي و سَبِيلِي
أُحِطتُ بحِفظِ عَينٍ لا تَغفى ولَو حِينِ

فمَا ترَكنِي لخُبثِ عبيدِه لو مرّةً
حفيظُ كَمَا أسمُهُ فَكَانَ حَفِيظِي .

جاءَ الشتاءُ وَ رُوحِي في حرائقِها
وما أزالُ أُداري سرَّ إحراقِي .

وليسَ الوصلُ في الُّلقيا ولكنْ
ودادٌ في القلوبِ بلا جفاءِ
‏فكم مَن حاضرٍ قَد غابَ عنَّا
‏وَكم مَن غائبٍ زاهي اللقاءِ.

يا مَن لهُ حلمٌ يعيشُ لأجلهِ
‏والدربُ صَعبٌ والنهايةُ تُقْلِقُ
‏أَوْكِل أموركَ للذي رفعَ السما
‏ولِمن بهِ كُلّ الرجاءِ يُعلّقُ
‏ودَعِ الغيوبَ لِلُطفهِ فلرُبّما
‏تُمسي وتُصبحُ والرّجاءُ مُحقّقُ.

‏عارٌ على الحُرِّ أن يحيا بأقنِعةٍ
‏وأن يعيش ولو يومًا بوجهَين.

فاضتْ بنا الأشواقُ والدمعُ انهمرْ
‏للحجَّةِ المهديِّ والنجمِ الأغرْ
‏ما قيمةُ الساعاتِ مهما جُدِّدتْ
‏إنْ لمْ تجِئنا ساعةُ "الثاني عشَرْ" ؟

تأتي الشَّدائدُ ساعةً وتغيبُ
‏وتلُوعُكَ الأيَّامُ ثُمَّ تطيبُ

‏هيَ هكذا الدُّنيا وهذا حالُها
‏ما كُلُّ شِرْبٍ في الزمانِ عَذِيبُ

‏إنَّ الرِّضا عند النوائبِ سلْوَةٌ
‏والصبرُ إنْ حلَّ الأسى تطبيبُ

‏ما طالَ ليلٌ ، أو تداعَتْ كُربَةٌ
‏إلَّا ولُطْفٌ الله مِنْـــكَ قريبُ.

هوَ العراقُ، فَقُلْ لِلدائراتِ قِفي
شاخَ الزَّمانُ جميعاً والعراقُ صَبي .

وإذا شعرتَ بحُرقةٍ في قُربِهم
‏وكأنّما في الجِيدِ حبلٌ مِن مسَد

‏وفقَدتَ روحكَ في غَيابَةِ جُبِّهم
‏ونسيتَها، لم يبقَ مِنكَ سوى الجسَد

‏فانفُض غبارَ الذُلِّ وارحل صامتًا
‏وأَرِح شعورَ القلبِ مِن أخذ ورَد

‏واحفظ لنفسك قَدرها دومًا ولا
‏تفرِض وجودك في الحياةِ على أحَد

خلقت حُرًا كموجِ البحرِ مُندفعًا
‏فما القيود وما الأصفادُ واللجمُ ؟

وهمومُ قلبِكَ بالسجودِ زوالُها
‏والذنبُ يُغفرُ والمواجعُ تنجلِي.

ستغلِبُك الأيامُ إن كُنتَ وَاهنًا
وإنْ كُنتَ صَبَّارًا فذُو الصَّبرِ أغلَبُ.