إذا تم علم أحد الناس بدين الله كان فعله الشيء كتركه، لأنه لا ينطق عن الهوى وأيضا لا يسكت عن الهوى!!
فإن الذي قال: ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ﴾، هو الذي قال: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾.
فعدم الفعل إما أن يكون نقصا في تبليغ الرسالة أو بلاغا بأن مقتضى الرسالة الترك.
فيتبين أن جعل ترك النبيﷺ للشيء سنة هو إثبات لتمام علمه بالشرع وإثبات لأمر خصه الله به عن سائر الناس، ونفي مفهوم "السنة التركية" طعن في بلاغ النبيﷺ رسالته وتمام علمه وفضيلته.
واليوم ترى عامة من يجيز المولد ينازع أهل السنة بهذا المفهوم، ثم يلمزهم ببغض النبيﷺ ومعاداته، وعند التحقيق ترجع تهمته له.
فإن النبيﷺ لا يفعل عن عيٍّ ولا يترك عن عيٍّ فيه أبدا كسائر الناس، فإنه يفعل عن علم ويترك عن علم.
قال عبدالله بن أحمد في زوائد الزهد: حدثنا أحمد بن حميد، حدثنا عبد الله بن المبارك، حدثني سفيان، أن عمر بن عبد العزيز، كتب إلى بعض عماله: «أوصيك بتقوى الله عز وجل والاقتصاد في أمره واتباع سنة رسولهﷺ وترك ما أحدث المحدثون بعده مما قد جرت سنته وكفوا مؤنته، واعلم أنه لم يبتدع إنسان بدعة إلا قد مضى فيها ما هو دليل عليها، وغيره فيها فعليكم بلزوم السنة فإنها لك بإذن الله عصمة، واعلم أن من سن السنن قد علم ما في خلافها من الخطإ والزلل والتعمق والحمق فإن السابقين عن علم وقفوا وببصر ناقد كفوا وكانوا هم أقوى على البحث لو بحثوا».
وقد قال القائل:
إِذا كنتَ ذا علمٍ فلا تكُ صامتًا
عن القولِ بالأمرِ الذي أنتَ خابرُهْ
فإِن سكوتَ المرءِ عيٌّ يشينُهُ
كما نطقُهُ عيٌّ إِذا جاشَ خاطرُهْ
والنبيﷺ ترك الاحتفال بالمولد وهو أعلم بميلاده ممن تأخر واختلف في تحديده، لما تكلم قال: «كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة»، فحاشا أن يكون تركه عيٌّ فيه ولا كلامه عيًّا، إنما الإعياء في أصحاب المولد ومن لف لفهم.