على الرغم من تعاملي مع الكثير من الأشخاص خلال مسيرتي المهنية في مختلف المجالات، وجدت أن مجال تجارة التجزئة، وخصوصًا متاجر التخفيضات، يُعد من أسوأ بيئات العمل، باستثناء عدد قليل من المتاجر التي يخاف أصحابها الله. أما البقية، فهي تعاني من الظلم الواقع على العمال، والتستر على المخالفات، سواء الأخلاقية أو التجارية.
المشكلة لا تقتصر فقط على هذه الجوانب، بل تتعداها إلى تجبر أصحاب هذه المتاجر، وعدم خوفهم حتى من القانون. إذ إن معظمهم يمتلك طرقًا تمكنهم من الإفلات من المراجعات والتدقيق المستمر، حيث لديهم معارف تسهل لهم معرفة توقيت هذه المراجعات مسبقًا، مما يمنحهم الفرصة لإخفاء المخالفات قبل التفتيش.
لقد كنتُ شخصيًا أحد المتضررين من العمل معهم، ورغم محاولاتي المستمرة للإشارة إلى أهمية التدقيق والمراجعة الدائمة في هذا المجال، إلا أنني لم أجد أي استجابة أو تغيير يُذكر.
ومن المواقف التي تأثرت بها بشدة، تعرّفي على أحد العمال في إحدى هذه المتاجر، والذي كان يعاني من مرض ما ويحتاج إلى علاج، لكنه كان مضطرًا للحضور يوميًا وعدم التغيب قدر الإمكان بسبب ضعف راتبه. كان لديه زوجة وعائلة يعولها، ومع ذلك، كان مدير المتجر يضغط عليه للحضور رغم حالته الصحية المتدهورة. وفي النهاية، توفي رحمه الله. والمصيبة أن هذا العامل لم يكن حالة فردية، بل هناك العديد من الحالات المشابهة التي مررت بها.
ومن أبرز القواسم المشتركة التي لاحظتها في هذه المتاجر، تفضيلهم لتوظيف العمالة الأجنبية، حتى وإن لم يكن لديهم أوراق رسمية تخوّلهم للعمل، وذلك لأنهم يُجبرون على العمل لساعات طويلة تصل إلى 12 ساعة يوميًا، مقابل رواتب تتراوح بين 800 و1200 ريال، وربما تصل إلى 2000 في أفضل الحالات.
لا أهدف من كلامي إلى اتهام أحد، ولا أريد إثارة أي مشاكل، ولكنني رغبت فقط في تسليط الضوء على مدى سوء بيئة العمل في هذا المجال، على الأقل في أغلبه، بناءً على تجربتي الشخصية. أسأل الله أن يعين الجميع، وخصوصًا المحتاجين الذين لا يجدون خيارًا سوى الانخراط في هذا المجال وتحمل مشقّته.
صحيح، وقبل أن أنسى، هناك بعض المتاجر التي، عند افتتاحها لفروع جديدة، لا تكلف نفسها حتى عناء استخراج رخصة بلدية. أذكر أن أحد هذه المتاجر افتتح فرعًا جديدًا، وظل يعمل لمدة عامٍ كامل دون رخصة بلدية، إلى أن نبهتهم شخصيًا إلى ضرورة استخراجها.