مرَّ المجتمع العراقي بظروف وتغييرات كثيرة منذ عام ٢٠٠٣ ولغاية الآن، ولم يكن مهيأ، ولم يعرف كيف يتكيف معها؛ لكون التغيير كان أكبر من الاستيعاب خصوصاً مع الانفتاح الذي رافق دخول الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، وما نراه إلا صدمة التغيير، وهذا أثّر على الاسرة بكل مكوناتها، وأكثر الفئات تأثراً هي الشباب، وبالتالي ضعفت قدرة التمييز بين الصواب والخطأ، وبالذات في القرارات المصيرية، وأهمها الزواج فأصبح وسيلة وغريزة أكثر مما هو بناء لأسرة ونواة لمجتمع سليم، كما نرى بأن التصدعات موجودة قبل الزواج وتستمر بعده وتنتهي غالباً بالانفصال، والكارثة تكون أكبر بوجود الاطفال الذين يضيعون مابين أب يريد الانتقام وأم تميل لقلبها أكثر من عقلها، وهذا واضح من مراجعة الاحصائيات التي تنشر حول اعداد الزواج والطلاق فقد بلغ مجموع حالات الطلاق في عموم العراق لشهر تموز الماضي (٦٣٦٤)ستة الاف وثلاثمائة واربع وستون حالة طلاق مابين (٤٥٦٢) الف حالة تصديق طلاق خارجي و(١٧٨٢) الف تفريق بحكم قضائي، أي مايقارب (٢٠٠) حالة طلاق في اليوم الواحد وكل ذلك بسبب عدم صلاحية الزوج والزوجة للزواج،
عليه اقترح استحداث فرع لهيئة البحث الاجتماعي والهيئة موجودة حالياً في كل استئناف، مهمتها اجراء بحث اجتماعي للمقبلين على الطلاق مع ذكر الاسباب في حالة عدم التوفيق بين الطرفان، لكن ما اتحدث عنه هو هيئة بحث اجتماعي خاصة بدراسة حالة طالبي الزواج، فكما يتم طلب فحص طبي للحالة الجسدية للمقبلين على الزواج يتم ايضا فحص الحالة النفسية لهم ويجب ان يتم تهيئة طاقم كامل من الموظفين لهذا الغرض على ان يكونوا من ذوي الاختصاص في مجال علم النفس ومن حملة الشهادات العليا ويتم تخصيص فحوصات نفسية معينة ومعتمدة لغرض دراسة شخصية المتقدمين للزواج واعتبار هذا الاجراء جزءاً أساسياً لابرام عقد الزواج لايقل اهمية عن الفحص الجسدي وهنا سوف نتلافى الكثير من حالات الطلاق التي تنجم عن عدم التوافق الفكري والنفسي بين الازواج، ولعل قائل يقول حتى لو رفضت المحكمة اجراء عقد الزواج سيلجأ الطرفان لعقد الزواج الخارجي وهنا أقول اذا اعتمدنا هذا المبدأ سنظل واقفين مكتوفي الايدي امام انهيار مجتمع بانهيار الاسرة لكن لو تمكنا من تقليل نسبة الطلاق ولو عشرة من المائة فسوف نكون انقذنا عشرة في المائة من الاطفال من الضياع والتشرد بسبب الطلاق، وهذا أضعف الايمان، فالقيام بشيء ولو بسيط للانقاذ خير من عدم القيام بأي شيء
القاضي المتقاعد مها العدواني