لا شيء يعلو على إرادة الانسان في تغيير ذاته، لأن الإنسان أقوى في عزيمته بكثيرٍ وكثيرٍ، مما يوسوس له الشيطان.. فالملعون يهمس في أذنك: "أنَّك أضعف من أن تترك هذا الذنب أصلا.. فلا تحاول"!
والهمس يتحوَّل الى صراخ بعد كُلِّ فشلٍ وتراجعٍ في الالتزام.. أليس كذلك؟!
لكنَّه مثل قادة إسرائيل: كذّاب ملعون.
ولكن سأكتب لك بعض الوصايا تنتفع بها ان شاء الله.
أولاً: أن تحاول.. وتحاول.. وتبقى تحاول.. فتنجح في 50% وتفشل في 50%.. أفضل بكثيرٍ من ان تستسلم، فتفشل في 100% من الحالات.. فدع عنك وساوس الملعون، واستمر بالمحاولة، وصولاً للنجاح.
واعلم أنَّ الله تعالى بابه مفتوحٌ للتوبة، ورحمته واسعة.. فاستمر بالمحاولة حتى وان فشلت 1000 مرَّة، لعلَّ الواحدة بعد الألف تكون هي التي تنجح فيها الى الأبد!
لأن أثر التوبة قد يكون تراكمياً، يزداد بعد كل مرة ابتعادك عن الذنب، وبمقدار ذلك قربك من الله
فلا تيأس!
ثانيا:
كلما قَبُح الفعل عند الانسان أكثر، كلما زادت مناعته تجاهه، وزادت قدرته على ردع نفسه عنه.. حتى وان اعتاد عليه.. والعكس بالعكس.
أي كلما استهان المرءُ بفعلٍ، حتى وان عرف انه خاطئ.. استهان بالعودة اليه.
فاذا كنت مبتلى بالغناء، اقرأ عن آثاره، وروايات شدة النهي عنه، وأثره في جسدك، وروحك، وفي ايمانك..
فالروايات تسمي الغناء، رُقية الزنا، تسميه مُنبِتِ النفاق، تسميه نَوْح ابليس.. وفي كل بُعدٍ من الابعاد اثرُ سلبي يطال روح الانسان او جسده.
ثالثا:
إن ترك العادات أو الإدمان صعب، لكنه سهلٌ اذا عرفت كيف تتعامل معها، وتروِّض عادتك كما يروِّض البهلوان وحشاً كاسرا.
وفي ترك العادات السيئة – ذنباً كانت أو لا- اتبع المفاتيح الثلاثة:
🔑 المفتاح الأول:
صعِّب على نفسك الرجوع الى العادة.. فكلما كان الجهد المبذول للرجوع الى العادة أكثر، كلما كان احتمال الرجوع اليها أقل.
دعني أضرب لك مثالاً: اذا كنتَ مبتلى بشربِ المشروبات الغازية، وأردتَ تركها، ففي أي الحالتين احتمال شربك لها أكثر: اذا كانت موجودة في ثلاجة بيتك، أو في المحل خارج بيتك؟
طبعا، في الحالة الأولى أكثر.. صحيح، أن الانسان قد يجتهد للوصول الى المحل ويشتري منه أيضا، لكن يبقى الاحتمال اضعف.
ففي مثالك
صعِّب على نفسك الاستماع الى الغناء.. بأن تسمح – مثلاً- الأرشيف الموجود على جهازك كاملاً، أو بالتخلُّص من الجهاز واستبداله بجهازٍ بسيط – غير ذكي- مثلا.. وكذلك عدم الذهاب إلى الأماكن التي تسهِّل عليك الاستماع، أو الجلوس مع الأشخاص الذين يرِّغبوك فيه.
🔑 المفتاح الثاني:
تخلَّص من محفِّزات العادة..
حين يُدمن الانسان على شيء، فإن له "محفِّزات" تذكِّره بها.. فمثلاً، هناك من اعتاد التدخين بعد شرب الشاي.. هنا يكون شرب الشاي بالنسبة له محفِّزاً للعادة التدخين.
فلتجاوز العادة السيئة / الإدمان عليك بترك المحفِّز فترةً طويلة – حتى وان كان حلالاً بحد ذاته-
فبالنسبة الى مثالك، قد يكون المحفِّز حالة (الفراغ) أو حالة (الحُزن) و (التعب).. فحاول ان تبتعد عنها اكثر مقدار، أو حاول أن تسيطر على نفسك اكثر في مثل هذه الحالات حتى لا ترجع الى الذنب.
🔑 المفتاح الثالث:
يُقال أنَّ الانسان لا يترك عاداته السيئة .. إنَّما يستبدلها بعادةٍ حسنة.
فحاول أن تجد البديل عن الاستماع الى الغناء.. لا أقصد الاستماع الى شيءٍ آخر مثل القصائد او الموشَّحات.. بل اقصد عادة حسنة
كأن تستبدل التوجُّه نحو (الغناء) حالة التعب أو الحزن.. بالرياضة البدنية النافعة. او الترفيه الحلال، أو قراءة الكتب المفيدة، وما أشبه.
ويبقى التذكير
أن الانسان لابد أن يترك عادته السيئة يوماً.. فما أحسن أن يكون اليوم قبل غد!
فتقليل الخسارة ربحٌ معجَّل، فافهم واغتنم.
واعلم بعد كل ذلك
أنَّك تحتاج الى عَونٍ من الله تعالى في ذلك.. فاطلب العون منه:
(اللهم أعِنّي على نفسي، بما تعين الصالحين على أنفسهم) يا كريم.
#قصاصات_جامعية