بعد كثير مِن رَسائِل مزقتها الليلة، أكتب إليك علىٰ ضوءِ أخر شمعةٍ أشعلناها معًا، بقيَ مِنها القليل، وأعتقد أنها ستنطفئ قبل أن أنتهي مِن بث حنيني إليك.
أنا أفتقدك حقًا، أنت تعلم جيدًا أننا حينما نتفقد أحدًا لا نتمكن بعدها مِن مواصلة حياتنا بشكل طبيعي كأن شيئًا ما كان، وصدقني ما عُدت أأمل أن تعود لي كامِلاً، أُريد فقط أن يعود لي شعور البهجة بالانتظار، والثواني كُلما اقتربت لحظة لقاءنا، كم أفتقد الشعور بهروب الوقت مِن يدي وأنا معك.
هل تذكر كم كنتُ أحاول الإمساك بالوقت، وأنا في الواقع أُريد الإمساك بك، أنت تفهم مِن الارتباك في ضحكتي، والتأمل الغائِر في ملامحِك وأنت تقص عليا حكاياك القديمة، هذه الحالة التي لا أشعر بها إلا معك.
ساعةُ الصفر جاءتني متأخرة يا عزيزي، تنصبُ فخًا آخر ليومٍ جديد وأنا لا أزال أفتقد الشعور الذي يأتي بعدما نفترق، الدفء في يدي، الأمطار في صدري، والهواء الذي يحمل قدمي، كنتُ أظن أنَّ وقتي لا يزال باكرًا، لكني أمضي في عُجالة، وأدركُني بعد فوات أواني، كما يفعل البقية، يتأخرون عني، وأنا المنتظرةُ بأملٍ واهٍ.
أخبرتني مرة؛ أنَّ الحُب يصنع مِثل هذا وأكثر، في كل مرةٍ أُصدقك، قولاً وفِعلاً، حقيقةً ما عدتُ أرغب في عودتك، أرغبُ فقط في أن يعود لي قلبي، وأخشىٰ أن تعود أنت، فلا أشعر بشيء، وهذا أقسىٰ ما قد يحدث لي في حكايتي معك.
الحبُ ينتهي بانتهاء الشعور، لا برحيل مَن نُحب، أنت أخبرتني أيضًا مرةً؛ أنَّ الرحيل كالحب، كالميلاد، أقدار تُكتب لنا قبل أن نولد، لا نختارها، وكنتُ أُجادلك في الرحيل فقط، وأنه نحن مَن نختاره، لكنكَ لم تلتفت لي، كُنتَ تعلمُ أنك سترحل أولاً، وكنتَ تعلم أني سأحيا بعدك.
لكِن مَن أخبرك أن الحياة هكذا؟ أمَا سمعت يومًا حديث أحد السابقين حين قال: قُولي لي كيف سأنقذ نفسي مِن أشواقي وأحزاني، ماذا أفعل فيك وأنا في حالة إدمان! قولي لي كيف سأقتُل نفسي؟ كيف أُنهي عمري؟ ماذا أفعلُ بقلبي هو في حالة هذيان؟ كيف يعيشُ قلبي في الحياة دونك؟
تلك الحياة التي يُشاركنا فيها الجميع يا عزيزي، حتىٰ أولئك الذين لا نُحبهم، الحياة الحقيقة هي التي كانت تبدأ مِن صوتك، وتنتهي مؤقتًا بصوتك، وأنا أُريد للشعور ذاك أن يعود أيضًا..
رَسائِل | بلا تاريخ.