نادتني وهي تناولني طبقا به ثلاث خوخات لضيفتي.
استحييت أن أقدم لها ثلاث خوخات فقط!!،
فقلت لأمي :لا داعِ سنشرب شايا.
لكن أمي أصرت أن تأكل ضيفتي من الخوخ وأعطتني الطبق.
نظرتُ للخوخات الثلاث بخجل فصديقتي من أسرة ميسورة الحال،وحينما أزورها تقدم لي أصنافا عديدة من الفاكهة أو الحلوى.
اهتز الطبق في يدي وتبعثرت الخوخات المسكينات،
فأعادتهن أمي إلى طبقهن وقالت وهي تضمهن بجوار بعضهن: "الجودة بالموجودة".
على مضض قدمت لصديقتي الطبق وكلي خجل من الخوخات الثلاث حتى أني تمنيت ألا تلحظهن.
لكن العجيب أنها فرحت جدا، وتلقفت الطبق من يدي دون أن أطلب منها أو أقسم عليها أن تأكله كما جرت العادة.
بدأتْ صديقتي تلتهم الخوخ واحدة وراء الأخرى وانا مندهشة،ويقين عندي أنهم يأكلون أجود أنواع الفاكهة
وما إن انتهتْ حتى دعتْ لأمي وأثنتْ على اختيارها لفاكهة الموسم التي كانت تتوق لها، وطلبت من والدتها أن تجلبها لهم، لكنها لم تجد الخوخ يومها.
ظننتُ أنها تفعل ذلك حتى ترفع عني الحرج من مشهد الثلاث خوخات،
لكن ما حدث بعدها حين كنت أزورها يوما جعلني أتأكد أنها استمتعت بالفعل بالخوخات الثلاث.
كانت تصف لوالدتها طعم الخوخ الذي قدمته أمي لها، وأنها لم تذق في حياتها مثله.
وتمر الأعوام ونلتحق بالجامعة ولا تنسَ صديقتي خوخ أمي فتدعو لها وتبارك كرمها وجودها.
من يومها علمتُ أن ما تقدمه لغيرك لا يشترط فيه غلو ثمنه أو فخامته عليك فقط بالصدق والإخلاص.
وأن ما خرج من القلب يصل إلى القلب مباشرة ولو كان طبقا بائسا به خوخات ثلاث.
بقلم الأستاذة الفاضلة / حنان الشيمي
❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️