بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي خلق الأزواج وجعل بينهما مودةً ورحمة، وأمر عباده بالسكنى والمعاشرة بالمعروف، والصلاة والسلام على خير الأزواج والمرشد إلى طريق السعادة، نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيتها الزوجة الفاضلة، إن الزواج ميثاقٌ غليظ، ونعمةٌ عظيمة، ومتى التزم كل طرف بحدوده وحقوقه، سادت الرحمة وحلّت البركة. ولأننا جميعًا نسعى لحياةٍ زوجية مستقرة، فإليكِ بعض الأخطاء القاتلة التي قد تهدد سعادتكِ الزوجية، مع أدلةٍ من الكتاب والسنة لتوضيح خطورتها:
1️⃣ النوم بشكل منفرد بحجة الأطفال
ابتعادكِ عن زوجكِ في الفراش قد يُشعره بالوحدة واللامبالاة، والله سبحانه وتعالى قال:
"وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً" (الروم: 21).
فلا تهملي هذا السكن، وإياكِ أن تتركي زوجكِ يعتاد النوم وحده.
2️⃣ تكرار كلمة الطلاق في الخلافات
الطلاق ليس كلمةً تُقال عند الغضب، بل هو آخر الحلول عند استحالة العشرة، والنبي صلى الله عليه وسلم قال:
"ثلاثٌ جِدُّهن جدّ، وهزلهن جدّ: النكاح، والطلاق، والرجعة" (رواه أبو داود).
فلا تجعلي لسانكِ يعتاد هذا اللفظ، حتى لا يصبح واقعًا!
3️⃣ الإساءة إلى أم الزوج
الأم مكانتها عظيمة، ومن يبرّها يباركه الله، فقد جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "يا رسول الله، من أحقّ الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك..." (متفق عليه).
فكيف ترضين أن تؤذي زوجكِ في أغلى إنسانة عنده؟ احفظي احترامها، وكوني سببًا في بره بها، فذلك يرفع مكانتكِ في قلبه.
4️⃣ نقل المشاكل إلى أهلكِ
الإفشاء بالأسرار الزوجية يهدد الاستقرار، والنبي صلى الله عليه وسلم قال:
"إن من أشر الناس عند الله منزلةً يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها" (رواه مسلم).
فليكن بيتكِ حصنًا، ومشاكلكِ تُحل داخله، لا أن تكوني سببًا في إدخال الآخرين بينكما.
5️⃣ عدم احترام وجوده والتجاهل الدائم
الاحترام أساس العلاقة، قال النبي صلى الله عليه وسلم:
"خيرُ النساء التي تسرّه إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ومالها بما يكره" (رواه أحمد).
فانتبهي، فإن عدم الاهتمام والكلام الجاف قد يجعل زوجكِ يبحث عن التقدير في مكانٍ آخر.
6️⃣ الكذب حتى لو كان بسيطًا
الكذب سمٌ زعاف، والنبي صلى الله عليه وسلم قال:
"إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة... وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار" (متفق عليه).
فالثقة متى ما انهارت، يصعب بناؤها من جديد.
7️⃣ الصراخ في وجهه ورفع الصوت عليه
قال الله تعالى: "وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا" (البقرة: 83).
والرجل يرى في رفع الصوت إهانةً له، فكوني هادئةً في الحوار، حتى تكسبين احترامه.
8️⃣ المرأة الوقحة التي ترد الكلمة بالكلمة
التسامح والتغاضي من شيم الزوجة الصالحة، قال النبي صلى الله عليه وسلم:
"ألا أخبركم بنسائكم من أهل الجنة؟ الودود، الولود، العؤود، التي إذا ظلمت قالت: هذه يدي في يدك لا أذوق غمضًا حتى ترضى" (رواه الطبراني).
فلا تكوني سريعة الغضب والرد، بل كوني حكيمةً في تصرفاتكِ.
9️⃣ الانعزال بالهاتف وإهمال الزوج
الانشغال الدائم عن الزوج يزرع الشكوك، والحياة الزوجية تقوم على التواصل، فلا تجعلي هاتفكِ حجابًا بينكِ وبين زوجكِ.
🔟 فضح أسراره للناس
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "المجالس بالأمانة" (رواه أبو داود).
فإذا أفشيتِ أسراره، فقد تكسّرين جسور الثقة بينكما، وحينها قد لا يعود كما كان معكِ أبدًا.
ختامًا
الزواج نعمة، والسعادة فيه تُبنى بالصبر والتفاهم، لا بالجدال والصراخ. كوني لزوجكِ سكنًا، يكون لكِ أمانًا. وأسأل الله أن يملأ بيوت المسلمين بالمودة والرحمة، وأن يبارك لكِ في زوجكِ ويبارك له فيكِ.
قال النبي ﷺ: "أكملُ المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خلقًا، وخيركم خيركم لأهله" (رواه الترمذي).
اللهم اجعل بيوتنا عامرةً بالسعادة، واحفظها من الفتن، وبارك لكل زوجين في حياتهما. آمين.