في لحظة دخولي للمقهى شبه الفارغ، تقدمت نحو منطقة الطلب لأطلب قهوتي، توقفت قليلا لألتفت نحو تلك المرأة التي تنتظر طلبها. كان وقوفها وقوف امرأة تتسلى بلحظات انتظارها. لكن عندما تأملت وجهها ورأيت دموعها المُنسكبة وملامحها الحزينة للغاية تلك الدموع التي لن أعرف ما سببها، أذهلني ذلك التضاد بين وقوفها وبين بكاءها الصامت. لم انتبه للباريستا الذي أخذ يسألني عن طلبي انخفض صوتي كثيرًا عندما بدأت بالتحدث، وخجلتُ أن أطلب وكأن شيئًا لم يحدث أمامي؛ لكن سياسية العمل لا تتوقف لأجل امرأة تبكي وإن لم أطلب.
وددتُ أن يتوقف كل شيء في المقهى قليلًا لأجلها، يُمكننا جميعًا الانتظار عن احتساء القهوة، هكذا قُلت بداخلي. وبالطبع لن يتوقف المسار والجميع مُستعجل يُريد كوبه اليومي، أكملتُ طلبي، ودفعتُ المُبلغ. وتساءلت: لماذا ليس هُناك ستار لأجل البُكاء؟ لماذا كل شيء سريع ولا يسمح لنا بالبكاءِ على مهل؟ طُحن البن وبُبطء اكتملت القهوة وأصبحت جاهزة وشيئًا ما بخاطري يود المواساة، لم يكن قلبي وجوارحي ويديّ تستلمُ الكوب وتذهب وكأنها من ريبورت، كنت أجهل ما هي العبارات المناسبة التي تقال لامرأة تبكي. حينها ترددتُ وثقل لساني وكدتُ من فرط ما انفطر قلبي أن أسقط وأنا أتراجع للوراء قليلًا.
جلست على الطاولة وأنا أفكر في الكلمات الهاربة مني وعن عجزي أن أقول لتلك المرأة عبارة واحدة فقط قد تعبر عن تفاعلي مع حالتها الحزينة. عبارة تشعرني بأنني قادر على أن أمنح تلك المرأة تعاطفا إيجابيا. وعدت أتأملها مرة أخرى وأنا أرى أنها ما تزال تحافظ على طريقة وقوفها، واستغرقت في التفكير حتى تخيلته وقوفا شهوانيا لكنني طردت ذلك التخيل عندما تذكرت ملامح وجهها ودموعها تنسكب على خديها.
رأيت الباريستا وهو يسلمها طلبها وكان واضحا أنه كان يتحدث معها بكلمات لم أستطع أن أتبينها، لقد تحدثا قليلا وبعد ذلك استدارت وهي تحمل طلبها، رأيتها وكأنها امرأة أخرى، لقد كان الفرح يشع منها وكانت ابتسامتها تضيء ملامحها.
خرجت بهدوء، وأنا ظللت في ضجيجي وحيرتي واسئلتي، كيف تغير حال تلك المرأة وماذا قال لها ذلك الباريستا؟
*الكاتبة شهد