هلوسات رجل

مساء الخير، 
كيف حالكم يا رفاق؟!

كنت أقرأ في سيرة أحد الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، فشدني قوله: "والله لولا الإسلام لمكرت مكراً لا تطيقه العرب!" 
السؤال هو: من هو هذا الصحابي وما المناسبة التي جعلته يقول هذه العبارة؟ 

كان أيضًا من أكرم الناس وأجودهم، وكان شجاعًا ومقدامًا. ما الفائدة التي يمكن أن نستخلصها من هاتين الصفتين؟ 

مرت عليه امرأة ذات يوم وقالت: "يا فلان، بيتي لا تدخله الفئران"، فماذا كانت تقصد؟ ولماذا؟ 

يمكنكم إرسال الإجابات على بوت الصراحة
- http://t.me/SY8Bot?start=1hRRb01bi
أو هنا على معرفي الشخصي. @jul_010

هـامش:-
اليوم هو آخر يوم للمسابقة. من لم يشترك فيها يمكنه المشاركة، فقد تكون الجائزة من نصيبه!

لا يوجد أجمل من أن تعود إلى بيتك فتتفاجأ بكمية من الكتب وصلت لك في وقت غير متوقع. لحظة تشبه اكتشاف كنز مدفون، تشعر بفرح شديد وبسعادة عارمة تتلاعب بقلبك كالأمواج المتلاطمة. تسارع إليها كأنك حبيس قد أُطلق سراحه، تنزعها من بين أغلفتها نزعًا، وتقلب صفحاتها بلهفة وشوق وكأنك تفتح باباً لعالم جديد.

تأخذ دفترًا وقلمًا لتبدأ برسم جدول جديد وخطة للقراءة، تبحث بين مشاغل يومك عن أوقات الفراغ كصياد يبحث عن فرصة للصيد في بحر مشاغل الحياة، لتستغلها في غوصك في عوالم هذه الكتب. في الحقيقة، يا رفاق، لا يوجد أجمل من العيش مع الكتب. حين تضع كتابًا بين يديك، تشعر وكأنك ستخوض مغامرة استثنائية، فتتجهز بكل جوارحك، وتُهيئ المكان المناسب كمن يستعد لرحلة إلى عوالم بعيدة، تتساءل: ما الذي سأخرج به من هذه المغامرة؟ كيف ستغيرني هذه الصفحات؟ من المؤكد أنك لن تبقى كما كنت بعد قراءة أي كتاب.

حاليًا، أشعر بلهفة شديدة، فأنا على وشك خوض الكثير من المغامرات، لذا يجب علي أن أُهيئ نفسي جيدًا وأستعد. ورغم أني قد خضت المغامرة في أغلب هذه الكتب، إلا أن المغامرة لا تُعتبر مغامرة إلا إذا كان الكتاب بين يديك، وليس مجرد ملف PDF.

نصيحتي لكم: اقرأوا، اقرأوا، اقرأوا! فليس ثمة شيء يمكن أن ينصحكم به شخص مفلس مثلي، ولا يوجد بجعبتي سوى هذه النصيحة الثمينة. اجعلوا من القراءة رفيق دربكم، فهي بوابتكم إلى عوالم لا حصر لها، وتجارب ستغير حياتكم للأبد...ツ

- بين صفحات الكتب، نحن لا نقرأ فحسب، بل نعيش تجارب تعيد تشكيل أرواحنا...ツ

| عبرة مـــن التــــاريخ.

في الصباح، استمعت إلى قصة الصحابي الجليل عمير بن وهب، وقد تأثرت جدًا بطريقة إسلامه وما الذي جعله يعتنق الإسلام. الدرس الذي تعلمه عمير والذي أدى إلى إسلامه، نحن جميعًا بحاجة له في حياتنا، خاصة في هذه الأيام المباركة. لو استشعرنا ما استشعره عمير، لتحسنت أحوالنا جميعًا وعشنا حياة ترضي الله وتلبي رضا النفس.

سأروي لكم قصة إسلامه باختصار: بعد معركة بدر، وعندما عادت قريش تجر أذيال الهزيمة، جلس صفوان بن أمية مع عمير بن وهب في الحجر يتذاكران أصحاب القليب. وكان صفوان قد فقد والده وأخاه في تلك المعركة، فقال: "ما في العيش بعدهم خير." فرد عليه عمير: "صدقت، ولكن لولا دين علي ليس عندي قضاؤه وعيال أخشى عليهم الضيعة بعدي، لركبت إلى محمد حتى أقتله." وقد استغل صفوان هذه الكلمات، فقال: "علي دينك، أنا أقضيه عنك، وعيالك مع عيالي، سأواسيهم ما بقوا." فتوافقا على ذلك، ولم يكن معهما إلا الله يشهد مكرهم.

وصل عمير إلى المدينة متظاهراً بأنه جاء لدفع الفدية عن ابنه الذي كان أسيراً لدى المسلمين. وعندما رآه عمر بن الخطاب، انطلق إلى رسول الله ودخل عليه المسجد، وقال: "يا نبي الله، هذا عدو الله عمير بن وهب قد جاء متوشحًا سيفه." فقال النبي عليه الصلاة والسلام: "أدخله علي." فأحضره عمر وادخله على رسول الله، فلما رآه قال: "أرسله يا عمر، ادنُ يا عمير."

فدنا عمير، وقال: "أنعم صباحًا"، وهي تحية أهل الجاهلية. فرد رسول الله: "قد أكرمنا الله بتحية خير من تحيتك يا عمير، بالسلام تحية أهل الجنة." فقال عمير: "أما والله يا محمد إن كنت بها لحديث عهد." قال: فما جاء بك يا عمير؟ قال: جئت لهذا الأسير الذي في أيديكم، فأحسنوا إليه. قال: فما بال السيف في عنقك؟ قال: قبحها الله من سيوف، وهل أغنت شيئًا عنا يوم بدر؟ قال: أصدقني، ما الذي جئت له؟ قال: ما جئت إلا لذلك. قال: بل جلست أنت وصفوان بن أمية في الحجر، فذكرتما أصحاب القليب من قريش، ثم قلت: لولا دين علي وعيال عندي لخرجت حتى أقتل محمدًا. فتحمل لك صفوان بن أمية بدينك وعيالك على أن تقتلني له، والله حائل بينك وبين ذلك.

فقال عمير: أشهد أنك رسول الله، كنا يا رسول الله نكذبك بما كنت تأتينا به من خبر السماء وما ينزل عليك من الوحي، وهذا أمر لم يحضره إلا أنا وصفوان، فوالله إني لأعلم ما أتاك به إلا الله. فالحمد لله الذي هداني للإسلام وساقني إلى هذا المساق. ثم شهد شهادة الحق.

فقال رسول الله: فقهوا أخاكم في دينه، وعلموه القرآن، وأطلقوا أسيره، ففعلوا.

انتهت القصة، وأسلم عمير. وكان سبب إسلامه أنه استشعر رقابة الله عليه وإحاطته به. فالحوار دار بينه وبين صفوان فقط، فإن كان هناك أحد علمه وأخبر به رسول الله، فليس سوى الله عز وجل. نعم، الله عز وجل الذي لا تخفى عليه خافية، ويعلم السر وأخفى، ويعلم ما تخفيه الصدور، ويعلم سرنا ونجوانا، ويعلم همساتنا وحركاتنا وسكناتنا، ولا يوجد شيء إلا ويعلمه الله.

إن ما يجب علينا أن ندركه هو أن الله مطلع علينا في كل أحوالنا. أليس هو القائل: "يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَىٰ مِنَ الْقَوْلِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا"، وهو القائل: "وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ."

فالله عز وجل يعلم ما نخفي وما نعلن. فهل نستشعر رقابة الله علينا؟ هل ندرك أنه يراقبنا في كل وقت وحين؟ إذا تعلمنا هذا الدرس جيدًا واستشعرنا رقابة الله علينا، لتغيرت فينا الكثير من الأمور ولأخلصنا في أعمالنا كلها، لأننا نعلم أن الله يرانا ومطلع علينا.

وليس يكفي أن نعتقد بذلك اعتقادًا فقط، بل يجب أن نحول هذه الرقابة إلى واقع عملي نعيشه. ينبغي علينا أن نبتعد عن الحرام لأننا نعلم أن الله مطلع علينا، وأن نتجنب ظلم الناس لأننا نستشعر أن الله تعالى يعلم حالنا وسيحاسبنا على الظلم. كما يجب أن نبتعد عن التعرض لأعراض الناس وحرماتهم، لأننا نؤمن أن الله مطلع علينا ورقيب على أعمالنا كلها، وسيحاسبنا عليها.

إذا تعلمنا هذا الدرس فقط في رمضان، لتحسنت أحوالنا ولحققنا التقوى التي هي الغاية من صومنا. يقول أحد السلف: "والمراقبة في ثلاثة أشياء: مراقبة الله في طاعته بالعمل، ومراقبة الله في معصيته بالترك، ومراقبة الله في الهم والخواطر."

ويقول الشاعر:
"إذا ما خلوت الدهر يومًا فلا تقل خلوت ولكن قل عليَّ رقيب 
ولا تحسـبن الله يـغـفـل سـاعــة ولا أنَّ ما تُخفي عليه يغيب."

اللهم إنا نسألك أن تُعيننا على استشعار رقابتك في كل أوقاتنا. وارزقنا الإخلاص في القول والعمل. اللهم تقبل منا صيامنا وقيامنا وسائر أعمالنا، وارزقنا الجنة واعتقنا من النار....ツ