.
.
أخرج مسلم عن عبد الله بن الشخّير رضي الله عنه قال: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم وهو يقرأ: ألهاكم التكاثر. قال "يقول ابن آدم: مالي. مالي. قال: وهل لك، يا ابن آدم! من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت؟".
صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا مزيدا إلى يوم الدين.
فيه أن ابن آدم قد شغَلَه التكاثر في الأموال عن المبادرة إلى الأعمال، فهو في جمع دائم، وهمّ متلازم، وقد أنساه جمعه وهمّه حقائق الأمور، لولا أن تداركه الله برحمة التذكير، فإذا هو ينتبه من غفلته، فيعلم أن ليس حظه من ماله إلا مأكول فان، وملبوس بال، ومسكون مائل، وظلّ زائل، والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير مردّا. وفيه تعليمه صلى الله عليه وسلم أمته تقدير الأمور ببقائها، والمساعي بمآلاتها، لئلا ينشغلوا بالفاني عن الباقي وبالوسائل عن الغايات. وفيه إشارته صلى الله عليه وسلم إلا ما جبل عليه ابن آدم من حبّ المال، حتى لا يبصر غيره عند فراغ القلب، فهو يقول: مالي، مالي، وهذه حكاية المشغوف المشغول فؤاده، فنسأل الله تعالى أن يخلع من قلوبنا الشغل بما يلهينا عما فيه النجاة، والحمد لله رب العالمين.