المكاتبة
صورتها أن يكتب الشيخ كتابا في القراءات للطالب سواء سأله الطالب ذلك أو كان ابتداء من الشيخ، فهذه حقيقة المكاتبة.
فقول المقرئ مكاتبة يعني أن شيخا ما كتب له كتابا فيه مروياته القراءاتية، ودفعه إليه.
إيقاظ:
وليس معنى المكاتبة استدعاء الإجازة بالقراءات- بأن يطلب الطالب أن يكتب الشيخ له أسانيده ويأذن له بالرواية عنه دون مشافهة، فلينتبه لذلك.
تاريخ وقوعها:
وقعت المكاتبة في عصر تدوين القراءات وقبل عصر التدوين.
فوقع لأبي معشر فاعتمد عليها أداء لكونه عالما شافه بالقراءات، فلم ير مانعا.
واعتمد عليها الداني دراية في تعضيد ما ترجح لديه مما تلى به ونحو ذلك، ولم يعتمدها إلا تعضيدا وترجيحا لبعض ما رواه تلاوة.
المكاتبة في عصرنا:
أما بعد استقرار علم القراءات فلم تعد هذه الصورة موجودة ولا ممكنة الوقوع لأنه ليس لأحد مرويات خاصة به بأسانيد شيوخه، بل جميع العالم يروي القراءات بمضمون كتب محددة، فلا يستطيع أحد أن يقول كتب لي الشيخ فؤاد مروياته وإنما يقول أذن لي برواية القراءات التي يرويها عن شيوخه.
ولكن قد يقع أن يسأل طالب شيخا سؤالات في القراءات فيكتب له ما يعضد أداء ما أو يرجح وجها ما؛ فله أن يقول: كتب لي فلان كذا، ولا يدخل ذلك في صور المكاتبة لأن المكاتبة تكون على سبيل الرواية وسوق سند الكاتب لما رواه من القراءات، وهذا غير واقع في هذه الصورة.
فأصبح في عصرنا الأمر بين أمرين إجمالا:
١- إذن بعد مشافهة للقرآن كاملا أو مشافهة ببعضه بشرط تأهل المجاز.
٢- إذن مجرد عن المشافهة كما هو الحال في الإجازات العامة التي تروى بها الأثبات المشتملة على أسانيد القرآن التي تلا بها صاحب السند أو التي لم يتلو بها وإنما يروي بها القراءات وكتبها.
* فالإذن الذي بعد المشافهة سواء كانت مشافهة للقرآن الكريم كاملا أو لبعضه بشرط التأهل- تُجوِّز الأداء يعني يحق للمجاز بعدها أن يجلس للإقراء.
* والإذن برواية القراءات الخالي عن المشافهة- لا يعطي لصاحبه حق الجلوس للإقراء لأن القراءات لا تُحكم إلا بالمشافهة، وإنما يحق لمن أجيز إجازة خالية عن المشافهة أن يروي أسانيد القراءات وكتب القراءات فيجيز بها كما أجاز شيخه.
هذا خلاصة ما في المكاتبة وجماع أمره، وبيان تاريخه وواقعه قبل استقرار التدوين وبعده.
وكتبه
فؤاد خطاب الجابري
٢٤ ربيع الأول ١٤٤٦هـ