وقفة مع بيان من سموا أنفسهم بـ #علماء_الطوفان
متى يتركون لغة التخوين والرمي بالنفاق ومزيد تفريق الأمة؟ متى ينتهون عن بث الفوضى في بلدان المسلمين؟
فالأمة يكفيها ما أصابها...
نعم, يجب على الدول الإسلامية المطبعة أن تنقض الاتفاق مع الدول الكا فرة التي تساند اليهو د, وأن تقوم بالواجب الذي أوجبه الله عليها تجاه المسلمين وأراضيهم وأموالهم.
نعم, مناصرة إخواننا في غ زة في بقية أقطار المسلمين تختلف من شخص إلى شخص بحسب ما هو في إمكانه وما تعين عليه.
نعم, من قصر من الحكام في أمر هو باستطاعته فهو آثم ظالم, وعند المالكية ضامن...
نعم، الأمة قصرت...
ومن يقول: إن الأمة -بحكامها ومحكوميها-
قادرة اليوم ومهيأة...
فالحقيقة أنه لا يعي ما يقول، ووقع في رق عاطفته..!!
وما خذلانها وبعدها عن دينها إلا دليل من أدلة عدم قدرتها...
وأما الملاحظات على هذه البيان:
1- صُدر بما يزيد الأمة فرقا وشتاتا؛ إذ جعلوا أنفسهم هم علماء الأمة وأما من عداهم فهم علماء السلطة, ويتهمونهم بالنفاق, مع أن كثيرا من أصحاب هذا البيان يعيشون في تركيا ودول الكفر, ولا يمارس عليهم أي ضغط, فغرتهم الحرية التي يتنعمون بها في إبداء آرائهم, وليتهم مع هذا كانت معالجتهم للمسألة بحكمة وفق نور النبوة..!!!
ليتهم انطلقوا من نظر شرعي صحيح..
وهنا يأتي سؤال من وضع هذه الهيئات؟ ولمن تتبع؟ وما هي خلفيات أعضائها وأفكارهم؟ فالعالم دين...
ولو تريث هؤلاء وأمعنوا النظر لميزوا بين المعاني الشرعية والنظر المصلحي وبين ما تشربوه من موروث أفكار منحرفة كان له أثره في تحديد المواقف واتخاذ المعايير ..
قال ابن مسعود – رضي الله عنه –: (إنها ستكون أمور مشتبهات، فعليكم بالتُّؤدة؛ فإنك أن تكون تابعا في الخير خير من أن تكون رأسا في الشر)
2- الملاحظ على أصحاب هذه البيانات أنهم لا يلتفتون إلى حال النساء والأطفال والشيوخ المحصنين في بيوتهم والذين لا علاقة لهم بالقتال المباشر, فلا ترى بياناتهم تناقش المفاسد الواقعة عليهم ولا تراهم يبحثون في المفسدة المخوف منها والتي يخطط لها اليهود هل هي أعظم من مفسدة قتل الأبرياء وتدمير البيوت على رؤوسهم أو لا؟
وهذا يحتاج إلى فقه دقيق بالشريعة وإدراك الواجب فيها, والوصول إلى الحكم المناسب لا يحتاج إلى أمثال أصحاب هذه البيانات الذين لهم نفسية ثورية وتحكمهم أفكار الجماعات التي ينتسبون إليها أو الهيئات التي تقيد حرية تفكيرهم, فليس الأمر أن يطلب منهم أبو عبي دة أن يعلنوا الجها د فيلبوا طلبه ويعلنوا الجها د, ويسموا أنفسهم بعلماء الطوفان وانتهى الأمر!!!
أين صراخات الآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ؟ وهل قتلاهم مجرد خسائر تكتيكية لا قيمة لها؟
3- من الخطأ الدعوة إلى النفير العام من كل الأمة وفتح الحدود للمدنيين من غير تهيئة واستعداد وتدريب على القتال؛ حتى لا يتعرضون للإبادة العامة بالصواريخ والطائرات, فهذه الأمور تحتاج إلى تقدير خاص لا إلى عاطفة جياشة..
وتقييدها باستئذان الحاكم له وجهه من جهة درء مفسدة الإبادة الجماعية للمدنيين غير المستعدين للقتال, ونحو ذلك..
4- ليس من نصرة إخواننا ما اشتمل عليه البيان من محاولة بث الفوضى في بلاد المسلمين ومطالبة الشعوب بعدم السماع مطلقا لأنظمتها, فليس هذا طريقا للإصلاح والنصرة, فإصلاح ما فسد من الأنظمة لا يكون علاجه بالفوضى وبث الفتنة, ومخاطبة الشعوب بما يجر عليهم الويلات, وانظر للدول التي ثارت ما حالها؟
فتحريضهم على أنه "ليس على المسلمين سمع ولا طاعة (بإطلاق)، لأي نظام أو حاكم يمنعهم من مساندة المجا هدين في غ زة؛ بل يجب عليهم مقاومة هذه الأوضاع واستفراغ الجهد والطاقة في ذلك"
ولا شك أن نقد الفتاوى المحرضة على المقاومة وإذكاء الفتنة في الدول المسلمة تحت شعار نصرة أهل غ ز ة أعظم من عدم نقدها, ومعلوم شرعا وواقعا أن بث الفتنة في بلاد المسلمين لا يحقق نصرا على العدو, بل مع إذهابها لأنفس مسلمة وإشعال نار الحرب بين المسلمين سيمنح للدول الكافرة الفرصة لاحتلال أرضهم وتسلطهم على رقاب المسلمين وأموالهم, فلا حافظنا على رأس المال ولا أدركنا ربحا!!!
5-لابد من فهم الآخر, فالذين منعوا لم يمنعوا منه لكونه جهادا عندهم, أو أنهم منعوا لأجل وجود خسائر في أرواح المقاتلين, أو منعوا لعدم وجود التكافؤ, وإنما منعوا منه لعدم تحقق شرطه عندهم, وهو القدرة الشرعية, ولكون الخسائر تعلقت بالمدنيين, فكيف يأتي من ينزل عليهم نصوص النفاق؟, هذا فيه جناية عليهم.
كتبه د. أحمد محمد الصادق النجار
http://abuasmaa12.blogspot.com/2024/10/blog-post_13.html