لا أسافر لمصر إلا وحيدًا، وذلك أنني رجل غير صبور على الانتظار ويُعكّر صفو نفسي الاختلاف في ساعات الصباح الأولى، زد على ذلك أن وقت السفر ضيق يحتاج إلى سرعة في اتخاذ القرارات ولا يقبل التمتع بانتظار الاختيار الأفضل، أذهب إلى أقرب مكان للإفطار وخصوصا المختص بالإفطار المصري بأنواعه وبعده أشرب كوب من الشاي الكشري وعندها ترى عيني العالم بشكل جيد وبرؤية واضحة، بعد ذلك جولات في وسط البلد حتى قبل صلاة العصر ثم أنطلق إلى معرض الكتاب وهناك أجد بُغيتي حيث الكثير الكثير من العناوين والكتب جديدها وقديمها، أُقلب صفحات الكتب مثل جواهري، وأبتهج ابتهاج الطفل بالاكتشافات غير المنتشرة، ويطير قلبي فرحًا عندما أجد ما يشد انتباهي، وأحمل بيدي أكياس كثيرة، أتهادى مثل عجوز في السبعين، لا أشعر بالتعب والأرهاق أبدًا، وأنتقل من دار إلى أخرى كأنني في حدائق ذات بهجة، وأستمتع بلقاءات الأصدقاء والتقاط الصور التذكارية، حتى إذا أعلن إغلاق المعرض تنبهت أنني جائع جوعًا شديدًا يكاد يمزق أحشائي، وأنطلق مع الأصدقاء إلى أقرب المطاعم ونأكل ما لذ وطاب من الطعام والشراب ونأخذ بأطراف الحديث عن الكتب والشؤون الثقافية المختلفة، ونتلو من بديع الأشعار ما تطرب له النفوس إلى منتصف الليل، ثم تأتي لحظة الوداع والوعد بلقاء في الليلة القادمة، هذا باختصار ما كان يحدث في تلك الليالي السابقة في معرض القاهرة وعلى هامشه…ليالي لا تُنسى وستبقى حيّة في الذاكرة .
-
مطار القاهرة الدولي.
1-2-2025