السفن لا تغرق بسبب المياه التي تحيطها من كل جانب، بل تبقى عائمة، شامخة في أعماق البحر، مهما اشتدت الرياح وتلاطمت الأمواج. ولكنها تهوي وتغرق إذا تسلل الماء إلى داخلها، ولو قطرة بعد قطرة.
كذلك الإنسان. لن يُهزم بسبب ما يدور حوله من أزمات وأحداث، لكن السقوط يبدأ حينما يسمح لتلك الأزمات أن تتسلل إلى قلبه. حين تصبح ضغوط الحياة همومًا تثقل روحه، وحين يسمح للكلمات الجارحة أن تسكن أعماقه، يصبح أشبه بسفينة تحمل أوزانًا تفوق طاقتها.
أليس القلب هو مركز التوازن؟ أليس هو مستودع الإيمان والصبر؟ فلماذا نسمح لما يحدث خارجنا أن يغزو أعماقنا؟ تساءل مع نفسك: كم مرة سمحت لآراء الآخرين أن تهدم ما بنيت؟ كم مرة جعلت مخاوفك تتسلل لتسلب منك طمأنينتك؟
الحياة ليست خالية من الأمواج، لكنها تهبك القدرة على الإبحار. قاوم الرياح، واستعن بالله، وكن كالسفينة التي تدرك أن قوتها ليست في صمودها أمام البحر، بل في حفظ أعماقها نقية. فلا تدع ما يجري حولك يطفئ نور قلبك، ولا تترك الأحزان تغرق روحك. التجأ إلى الله، فهو الموجّه، وهو الأمان.
د. محمد الخالدي
.
.