إنَّ الذي نعيشُ فيه اليومَ حياةٌ قد مَهَّدَ لها جَبابرةُ الدُّهاة؛ لا أقولُ مُنذُ عامٍ أو عامين، بل مُنذُ أكثرِ من مِائتَي عام. حُطِّمَ كُلُّ شيءٍ قليلاً قليلاً حتى خَرَّ البناءُ كُلُّه. ثمَّ انبعثتْ من تحت الأنقاضِ حَيَّاتٌ خبيثةٌ تلبسُ إهابَ البَشر. غُذِّيَتْ بالسّمِّ الذُّعافِ حتى صارتْ لحمًا وسمًّا، لا لحمًا ودَمًا؛ ولا يَعنيكَ أو يَعنيني أن ننظُرَ: أهي تَعرِفُ نفسَها وتُدرِكُ أنها مُسِخَتْ أفاعِيَ في مِسلاخِ إنسان، أم تُراها لا تَعرِفُ ولا تُدرِك؟ بل يَعنينا - ويَعنيها هي أيضًا - أن نَصدُقَ المعرفةَ أنَّها حَيَّاتٌ تَنفُثُ سمَّها في حياةِ الناس؛ في حياةِ الغافلينَ النائمين. فمَن استعصَى عليها فتكتْ به؛ ومَن أطاع لسَمِّها مُسِخَ كمِثلِها حيَّةً تَسعى. فإذا قُدِّرَ لهذه الحَيَّاتِ أن تَبلُغَ الغايةَ التي مُسِخَتْ لها؛ فلن يَتِمَّ ذلك حتى تكونَ الأرضُ العربيةُ والإسلاميةُ كُلُّها خرابًا من البشرِ الأحرار؛ خرابًا تُعَمِّرُهُ العُمَّارُ من أفاعٍ وحَيَّاتٍ وأصلال.
[فِيمَ أكتُب؟ || جمهرة المقالات]
https://t.me/Batnaasalafia