(الأحاديث النَّبويَّة جاءت تبيُّن أعدادًا معيَّنةً محدودة في كثير من صِيغ الذِّكر، والتَّسبيح، والتَّحميد، والتَّكبير، والاستغفار.
فإنَّ العدد له اعتبارٌ في الشَّرع وله شأنه الكبير بحيث إذا نقص لم يتمَّ المرادُ ولم يحصل المطلوب.
ومن ثمَّ نرى أنَّ التَّسبيح جاء بعد الصَّلوات المفروضه ثلاثًا وثلاثين، والتحميد كذلك، والتكبير كذلك... .
-وجاءَ عنه ﷺ (أنَّه كانَ يَستغفرُ اللهَ تعالى كلَّ يومٍ مائَة مرَّةٍ).
-وجاء عنه ﷺ أنَّه: (مَن قال في دُبُرِ صلاة الغدَاةِ: لا إله إِلَّا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، بيده الخير، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ، مائة مرَّةٍ، قبل أَنْ يَثْنِيَ رِجلَيهِ، كان يومئذٍ أفضل أهل الأرض عملًا، إِلَّا من قال مثل مقالته، أو زاد على ما قال).
[رواه الطبراني في الكبير والأوسط، عن سيدنا أبي أمامة رضي الله عنه، وقال الهيثمي: رجال الأوسط ثقات].
والأحاديث في ذلك كثيرة، ولذلك أجمع أهل الطرق كلهم على هذا الورد كل يوم:
ـ استغفار (مائة مرة)
ـ ولا إله إلا الله وحده لا شريك له إلى تمامها (مائة مرة)
ـ والصلاة على النبي ﷺ (مائة مرة)
ولك أن تزيد ما شئت.
ومن ذلك كلِّه تعلم:
أن الأعداد التي جاء بيانُها وتحديدُها في الأحاديث النَّبويَّة، لها اعتبارٌ في شريعة الله تعالى، وفي الأجر والثَّواب عند الله تعالى، وأنَّ جميع المقادير الشَّرعيَّة والأعداد والكمِّيات والتَّحديدات التي جاءت في الشَّريعة هي مِن أحكام الشَّريعة، ولها حكمُها، وأسرارُها، وأجورُها، وأنوارُها، وليست هي مِن باب العبث، ولا مِن باب الصُّدف، وإنَّما هي أحكام قائمة على حِكمٍ، وشريعةٌ قيَّمةٌ صادرةٌ عن العليم الحكيم...
فالصلوات المفروضة خمسة، وكل واحدة منها لها كمية عددية؛ ففرض صلاة الصبح ركعتان، والظهر أربع، والعصر أربع، والمغرب ثلاثة، والعشاء أربع، وكل ذلك له حكم وأسرار.
فانظر يا أخي في أسرار الأعداد وما رتَّب الله تعالى عليها من المراتب والمقامات والثواب والأجور).
الإمام الشيخ عبد الله سراج الدين
من كتاب التقرب إلى الله تعالى