لأن النفس بحر كبير جدًا، أو كما قال حضرة سيدنا الإمام علي عالم انطوى بداخلك، فكم الاحتمالات لكل أفعالك في منظمة دوافعك عدد يكاد يكون لا نهائي، وكم الأفعال التي تصدر منك عدد كبير وكم التشابكات بين المثيرات والدوافع أكبر وأعقد، ففهم النفس بحر يقبل كل الاحتمالات،وبالتالي قد تظن أنك ترتكب فعل معين لأجل دافع معين، ثم هذا الدافع ذاته يقبل التشكيك، ثم هذا الشكيك يقبل النقد، فلا تدري هل أنت بخيل أم كريم، هل أنت حساس فعلا أم أن هذه الافعال تسبب الضيق للإنسان العادي، هل أنت مضطرب ام طبيعي، لأن كل هذه الأفعال تحتاج ميزان تقيس عليه.
ففهم النفس هي وسيلة للترقي بها، والترقي يأتي من معالجة الخلل، ومعالجة الخلل يأتي من معرفة الوسط الذهبي، فإن لم يكن لك علم تقيس عليه وتعرف به كيف تنقب ولماذا تنقب انقلب السحر على الساحر، وتحول التنقيب لشيء ذاتي يقبل كل الاحتمالات ولا مرجح لاحتمال على آخر، فيتوه العقل في هذه النسبيات والتشكيكات فيسقط!