لكل نص نبوي قصد وحد إن تجاوزه العبد وقع في الخطأ والخلل ودخل في حدود النصوص الأخرى !
مثال:
النصوص الوادة في التحذير من الرياء خاصة لمن سلك طريق العلم كحديث:
"إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ .. وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ، وَعَلَّمَهُ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟
قَالَ: تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ، وَعَلَّمْتُهُ وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ.
قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ: عَالِمٌ، وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ: هُوَ قَارِئٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ .."
وحديث:
"لا تعلَّموا العِلمَ لتباهوا بِهِ العلماءَ ، ولا تُماروا بِهِ السُّفَهاءَ ولا تخيَّروا بِهِ المجالسَ فمَن فعلَ ذلِكَ فالنَّارُ النَّارُ"
القصد من هذه النصوص:
تنبيه العبد وتحذيره من خطر الإشراك في النية ووجوب تصفية القصد والعناية الدائمة بالقلب .. وليس المراد ترك طلب العلم بحجة الخوف من الرياء !
ولا يصح التأول في ذلك بأنه قرار خاص كما يتوهمه الكثير من محبي الخير ..
العلم منه ما هو فرض عين ومنه ما هو فرض كفاية .. ومنه ما يتعين على بعض الأفراد في بعض الأزمان ..
فمن ملك آلة العلم وذلل الله له الطريق لتحصيله والفوز بمرضاته والدخول في آياته المشرفة لهذا الصنف من البشر ثم تركه وصد وأعرض فهو مغبون .. مغبون .. مغبون ..
وهو بين الإثم لتقصيره في القيام بالواجب عليه من طاعة الله أو الخسارة للدرجات العالية من الجنة والتضحية بها إن كان في أمر مستحب ..
وفي كلا الحالتين هو مطيع للشيطان مخالف للرحمن فيما صنعه وفعله ..
ولو لم يكن من خسارة إلا الحرمان من الدخول في هذا الشرف العظيم لكفى:
"شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ"
وخسران ميراث النبوة:
"وإنّ العلماءَ ورثةُ الأنبياءِ ، وإنَّ الأنبياءَ لم يُورِّثُوا دينارًا ولا درهمًا ، ورَّثُوا العِلمَ فمن أخذَه أخذ بحظٍّ وافرٍ"
وأختم بالتنبيه على وهم كبير يطرأ على عقول عامة المحبين للخير:
الكثير منهم يظن بأنّه بطاقته وجهده وقراءته وعلمه ومعرفته سيحمي نفسه من مداخل الشيطان وشراكه وثوران نفسه الأمارة بالسوء ..
فلما يقارن بين مصائد الشيطان وخدعه وطرقه وبين ضعفه البشري يغلب عليه التفكير بمثل هذه الطريقة المتجاوزة لحدود النصوص وقصدها ..
والباب الذي دخل منه الشيطان عليه هو ظنه بأنه هو الذي سيحمي نفسه ونسي بأن الحامي هو الله ..
ابذل الأسباب الموجبة للحماية ولا تتعلق بها .. بل علق القلب دائما بالله وتوكل عليه وانكسر بين يديه حتى تدخل في قوله تعالى:
"إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَٰنٌ إِلَّا مَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْغَاوِينَ"
ليكن همك الدخول في ياء عبادي ..