:
❂ يقولُ رسول الله وهو يحدّثنا عن عظمة مقام الزهراء صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليها في مواقف يوم القيامة، يقول: (ثمَّ يقول جبرئيل: يا فاطمة سَلي حاجتكِ، فتقولين: يا ربّ شيعتي، فيقولُ اللهُ عزّ وجلّ: قد غفرْتُ لهم. فتقولين: يا ربِّ شيعةُ وُلدي، فيقولُ الله: قد غفرتُ لهم. فتقولين: يا ربّ شيعةُ شيعتي، فيقولُ الله: انطلقي فمَن اعتصمَ بكِ فهو مَعكِ في الجنّة، فعند ذلكَ يودُّ الخلائقُ أنّهم كانوا فاطميّين فتسيرين ومعكِ شِيعتكِ وشِيعةُ وُلدك وشيعةُ أمير المؤمنين آمنةً روعاتهم، مستورةً عوراتهم، قد ذهبتْ عنهم الشدائد وسهّلتْ لهم الموارد يخافُ الناس وهم لا يَخافون، ويظمأ الناس وهُم لا يظمأون..) [تفسير فُرات]
✦ الذي سيعتصمُ بفاطمة صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليها في يومِ القيامة هُو كُلُّ مَن كان فاطميّاً في الحياةِ الدُنيويّة، يعني كان مِمّن نالَ حَظّاً مِن مَعرفةِ حَقِّ فاطمة صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليها، وكان شديدَ الارتباطِ بالزهراء صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليها، ومِمّن وَصَلَها ونَصَرَها ووالى أولياءَها وعادى أعداءَها، ووُفِّقَ للبِرِّ بفاطمة ووُلْدها.
❂ أيضاً يقولُ رسول الله: (إنَّ اللهَ تعالى إذا بعثَ الخلائق مِن الأوّلين والآخرين نادى مُنادي ربّنا مِن تحتِ عرْشهِ: يا مَعشرَ الخلائق غُضُّوا أبصارَكم لِتجوزَ فاطمةُ بنتُ مُحمّدٍ سيّدةُ نساءِ العالمين على الصراط فيغضُّ الخلائقُ كلّهم أبصارَهم، فتجوز فاطمةُ على الصراط لا يبقى أحدٌ في القيامةِ إلّا غضَّ بَصَرَهُ عنها، إلّا مُحمَّدٌ وعليٌ والحسنُ والحُسين والطاهرونَ مِن أولادِها فإنّهم مَحارِمُها، فإذا دخلتْ الجنّة بقي مَرْطُها مَمدوداً على الصِراط طَرَفٌ مِنهُ بيدها وهي في الجنّة وطَرَفٌ في عرصاتِ القيامة. فيُنادي مُنادي ربّنا: يا أيُّها المُحبّونَ لِفاطمة تَعلّقوا بأهدابِ مَرْطِ فاطمة فلا يبقى مُحِبٌّ لِفاطمة إلّا تَعلّقَ بهُدبةٍ مِن أهدابِ مَرطها، حتّى يَتعلّقَ بها أكثر مِن ألفِ فئام وألف فئام وألف فئام. قالوا: وكم فئامٌ واحدٌ يا رسول الله؟ قال: ألفُ ألفٍ مِن الناس -يعني مليون-). [تفسير الإمام العسكري]
✦ المُراد مِن المرط: هُو شيءٌ مِن الثيابِ تلبسهُ المرأة لهُ ذيل، هو كالعباءة. وأمّا الأهداب: فهي الخيوطُ التي في أطراف المرط وقطْعاً الحديثُ في الروايةِ عن مَرْطٍ جناني، وليسَ مرطاً دنيويّاً
وهُنا مُلاحظة مُهمّة:
وهي أنّ هذهِ الروايات تتحدّثُ بأسلوبٍ تقريبي وإلّا إنّ الزهراء صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليها مقامُها أعلى بكثير مِن هذهِ المعاني، وهذهِ الرواية لها دلالاتٌ عميقةٌ جدّاً، فحينَ تقولُ الرواية: (يا مَعشرَ الخلائق غُضُّوا أبصارَكم لِتجوزَ فاطمةُ بنتُ مُحمّدٍ) فإنّ غَضَّ البصرِ هُنا ليس المُراد مِنهُ غضُّ البصر الحِسّي. قد يكونُ غَضُّ البصرِ الحِسّي مَوجوداً. ولكنَّ المرادَ مِن غضِّ البَصِرِ هُنا: هو إشارةٌ إلى أنّ هذهِ الحقيقة وهي الحقيقةُ الفاطميّة هي حقيقةٌ أسمى مِن أن تدنو مِنها الأبصار تماماً كالمضمون الذي قالَهُ جبرئيلُ لرسولِ اللهِ في المعراج حين وصلَ رسولُ الله إلى سدرةِ المُنتهى، تركَهُ جبرئيل في تلكَ النُقطة، وقالَ له: (تَقدّم يا رسولَ اللهِ، ليس لي أن أجوزَ هذا المكان، ولو دَنوتُ أنْمُلةً لاحترقت).
✦ مع أنَّ جبرئيل ليسَ مِن البشر، جبرئيل مِن الأركان الأربعة، والأركانُ الأربعة ما بينَ الملائكة هُم سادةُ الملائكة فطبيعةُ جبرائيل طَبيعةٌ مَلكوتيّة وليستْ طبيعةً تُرابيّة. وهذا الحديثُ بين رسولِ اللهِ وبينَ جبرئيل كانَ في الملأ الأعلى وليس في العالم الأرضي، ورُغمَ ذلك فإنَّ جبرئيل قال لرسولِ الله: (لو دنوتُ أنملةً لاحترقت) لأنَّ نورانيّةَ رسول الله أسمى بكثيرٍ مِن نورانيّةِ سائرِ الخَلْق بما فيهم الملائكةُ والأنبياء فما بالكَ بسائر الخلق!
✦ وكذلكَ هي مولاتُنا الزهراء صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليها فلا يستطيعُ أحدٌ مِن سائرِ الخَلْقِ بما فيهم الملائكةُ والأنبياءُ أن يَحتملَ نُوريّتها التي تتجلّى في عرصاتِ القيامة، ولِذلك يُقالُ للخلائقِ يومَ القيامةِ: (غُضُّوا أبصارَكم لِتجوزَ فاطمةُ بنتُ مُحمّدٍ) لأنّ هذه الأبصارُ لا تستطيعُ أن تدنو مِن فاطمة صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليها وأن تَحتملَ نُوريّتها ولو حاولتْ ذلك لاحترقت (لو دنوت أنمُلة لاحترقت)
✦ أيلومنا أحدٌ بعد هذا الكلام حينَ نلهجُ دائماً بذِكْرِ فاطمة؟! وحِين نُزيّنُ مَجالسنا بذكر فاطمة؟! وحين نَرفعُ إسْم فاطمةَ شِعاراً لنا؟! وحينَ نجعلُ حياتَنا في مَدارِ خِدمةِ فاطمة؟! أيلومنا أحدٌ بعد ذلك؟! نحنُ نبحثُ عن نجاتنا في ذلك ونبحثُ عن منافعنا في ذلك. هل يلومُ أحدٌ التاجر حينما يحرصُ على تجارته؟! نحنُ تجارتُنا مع فاطمة رأسُ مَالنا مع فاطمة حَياتُنا مع فاطمة دِينُنا مع فاطمة صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليها.
●➼┅═❧═┅┅───┄
🔘 @alwilaya