تأليف : هنري كيسنجر
#نبذة_عن_الكتاب
تتمتع الولايات المتحدة، في فجر الألفية الجديدة، بتفوّق لم تضاهه حتى أعظم الإمبراطوريات في الماضي. فمن صناعة الأسلحة إلى تنظيم العمل، ومن العلوم إلى التكنولوجيا، ومن التعليم إلى الثقافة الشعبية تمارس الولايات المتحدة سيطرة لا مثيل لها في كل أنحاء العالم. فالموقع الراجح جعلها المكوّن الذي لا غنى عنه للاستقرار الدولي. فقد توسطت في النزاعات في بقع الاضطراب الرئيسية إلى الحد الذي جعلها جزءاً لا يتجزأ من عملية السلام في الشرق الأوسط. وقد التزمت الولايات المتحدة التزاماً كبيراً بهذا الدور لدرجة أنها تقدمت بشكل شبه طقسي كوسيط، وأحياناً عندما لم يكن مرحباً بها من كل الفرقاء المعنيين كما في النزاع بشأن كشمير بين الهند وباكستان في تموز/ يوليو 1999. فالولايات المتحدة تعتبر نفسها مصدر المؤسسات الديموقراطية في كل أنحاء العالم والضامن لها، ما جعلها بشكل متزايد تنصب نفسها حَكَماً على نزاهة الانتخابات الأجنبية وتفرض عقوبات اقتصادية أو ضغوطاً أخرى إذا لم تستوفي معاييرها
ففي البلقان تؤدي الولايات المتحدة الوظائف نفسها في جوهرها التي قامت بها الإمبراطوريتان النمساوية والعثمانية عند منقلب القرن الماضي، أي حفظ السلام بإقامة محميات مقحمة بين المجموعات الإثنيّة المتحاربة. وهي تسيطر على النظام المالي الدولي بتوفير أكبر وأوسع سوق للصادرات الأجنبية، وتحدّد الثقافة الشعبية الأميركية معايير الذوق في كل أنحاء العالم، حتى عندما توفّر شرارة الاستياء الوطني بين الحين والاخر .