الحب هو غاية الوجود واساس خلقه، تتنفسه الكائنات كحالة وجودية،
فالكون بكل مافيه ينيض به، لأنه رئة الحياة،
فالحب جزء من تكويننا ، تركيبة تمنح الحياة معنى أجمل ، وهو لغة موحدة لجميع الكائنات ، تتعارف من خلاله ، وتتعامل بمكنونانه ، وتتحدث بعواطفه، فالكون كله مخلوق من الحب ، فلولاه ، لما انبثق الورد من قلب الأرض ،ولما تحولت البذرة الى شجرة يانعة تعطى ثمارها ، وتمنح بأوراقها واغصانها ظلها اللطيف، ولما غردت البلابل والعصافر ، وتبادلت القبل، ولما حنت الام لوليدها أكانت بشرا ام طيرا ام حيوانا .
فالحب شعور تحمله مخلوقات الله في أصل تكوينها ، فتنفعل به ، ومن هذا الانفعال ، يتبدد الخوف ، ويتلاشى القلق وتخف الاوجاع ، ويغدو الأمل والتفاؤل زهرته ، وثمرته.
الحب شعور نتنفسه فنرى جمال الحياة وبهجتها ، فهو الصباح الذي يشرق في الوجدان فينعكس ، في الافعال والاقوال ، لطفا وخلقا ، وعطاء.
فنحن لا نتعلم الحب لانه موجود في اصل تركيبتنا، نعيش به ومعه، نتذوق حلاوته حين نسمح لمشاعرنا بالتسامي فوق الماديات لأن الحب لغة القلوب وليس الجوارح.
فنحن نحب لأن الحب هو الطاقة الخفية ، التي تجعلنا نشعر بنبض الحياة، ننساق معه ، ونحلق به نحو عوالم من الألفة ، فنلامس السماء طهرا ، ونستشعر الجمال، في كل روح نتعامل معها ،
به تتجلى احلامنا ، وتتكتشف قدراتنا ، ونقترب اكثر فأكثر من فهم ادق اسرار الحياة ، بالحب فقط ، نتذوق ، المتعة الحقيقة ، ونعيش اروع حالات المشاعر ، كاللوعة والاشتياق والحنين ، واللهفة ،
به نتجاوز عوراض الحياة واحداثها مهما كانت مرة ، فتغدو الايام يسرا بلا عسر ، به نتواصل بأناقه ، وبه نتعلم الصفح والتسامح والعفو ، وبه نتذوق حلاوة الصبر الجميل ، ونقترب اكثر من بعصنا دون ظنون فنتعاطف دون قسوة ، فتتجلى اسمى معاني هذا الوجود ، ونستشعر الوحدة التي تجمعنا مع هذا الكون الواسع .
بالحب ليس هناك كراهية ولا عداوات ، فنختبر من خلاله معنى اللذة الممتدة ، ونوازن بين شهوة الروح وشهوة الجسد، فلا نشعر بالانهاك ولا بالامراض , وان اصابنا مرض تجاوزناه دون اعراض تفسد الجسد، بالحب نعيش الغاية ونحقق الرسالة ونترك اثرا لا يمحى،فالحب هو رسالتنا التي نسعى بها لمداواة الاوجاع واصلاح الخراب الذي حل بأرواحنا وانفسنا، بالحب نتسامى فوق هذا الوجود لنصل الى عوالم الروح تلك العوالم الشفافة الطاهرة النورانية ، التي تجعلنا في حالة من الترقي والاتصال اللامحدود مع كل شيء
وبدون الحب انما نحن قطيع ، يسعى للشهوة ، شهوة المال شهوة الشهرة شهوة الجسد، لنصل للذة قصيرة الأمد ، فنتألم بعدها آلام ممتدة، آلام مبرحة ، خوف وقلق وهموم، حتى نألفها ، ونتعايش معها قسرا لكنها تنهك ارواحنا ، وتبلى اجسادنا بكل انواع الأمراض ، فلا نستشعر نبض الحياة الحي وكأننا احياء بدون حياة نتنفس ونتحرك ثم نموت دون أن نترك اي اثر طيب فتتلاشى اسماؤنا وملامحنا ، حتى كأننا لم نكن يوما جزء من هذا الوجود.
المعلم حامل المسك