والجواب :
ليس لدينا عداوة شخصية مع شخص معين، كما أنّ المقصود ليس أشخاصاً معينين - وإن كان الكلام مفهوماً لابدّ وأن ينطبق على مصاديق، ممكن أن يُعرفوا بتحسّسهم المفرط من الحديث عن هذا الموضوع - بل القصد الأساس هو بيان القاعدة التي يُعرف من خلالها المرجع الحقيقي من غيره، والتحذير العام من هذه الظاهرة.
وانما يقودنا إلى هذا البيان وهذا التحذير عدة أمور عامة:
أولاً : التكليف شرعي الذي يحتّم علينا أن نبين للمؤمنين الذين يجهلون القواعد التي تميّز بين الفقيه الحقيقي والمدعي المزيّف.
ثانياً : لكي لا تكون ظاهرة التمرجع واقع حال، تُفرض على المجتمع الشيعي ولا يمكن أن يُتحدّث عنها - غداً - كما أصبحت بعض القضايا واقع حال رغم أنها غير صحيحة.
ثالثاً : هناك مخاطر عديدة لظاهرة التمرجع لو تمكن مصاديقها، مخاطر دينية عقدية وفقهية وكذلك مجتمعية وحتى أمنية، والشاهد ما حدث من اعتقال أحدهم في الأيام الماضية.
رابعاً : إنّ كل من له حرص على الحوزة العلمية ويلتفت إلى ظاهرة التمرجع وكيف يُروّج لها بالمال والسياسة، فإنه يتأكّد بأنّ هؤلاء فيهم ضرر كبير على واقع الحوزة وسمعتها التي تلقيناها طيبةً من أسلافنا، فهل نرضى أن يُقال أنّ حوزة النجف مليئة بالمتمرجعين والمتسلقين؟! وبهذا المستوى العلمي الذي هم عليه من الوهن والضحالة؟!
خامساً : إنّ لدينا شباباً لم يدركوا نشوء بعض المتمرجعين لكي يعرفوا أنّ هذا فقيه ولدته البحوث وهذا متسلق ليس له قدم ثابتة في الحوزة العلمية، وبالتالي لا يفرّق هؤلاء الشباب بين الفقيه الحقيقي والمدعي المتسلق، خصوصاً وأنّ لدى المتمرجعين جيوشاً من المروجين ممن باع آخرته بدنيا غيره معممين وغير معممين أو ممن هو مغرر به ويحسب أنه على الهدى، وبالتالي سيذهب هؤلاء الشباب ضحية الإعلام والترويج المضلل، ومن مسؤوليتنا جميعاً أن نبين لهم الحال مع الإمكان.
سادسا: إذا سكتنا عن هذه الظاهرة، وصار شخوصها واقع حال مفروض على الواقع الشيعي والحوزوي، فسيتجرأ كل من هو على شاكلتهم ممن يسيل لعابه للمواقع الدينية، ليعلن وبكل أريحية عما يحقق رغبته بموقع المرجعية من دون حق، وسيجد الأتباع بعد أن يحصل على الدعم من جهات تريد بالمذهب والحوزة السوء.
ويمكنك أن تجد غير هذه الأسباب ـ دينيةً وعقلائية ـ تجعل من تناول هذه الظاهرة الشيطانية أمراً لا بدّ منه.
وعليه، فإنّ أصل التصدي لا إشكال في ضرورته، نعم قد تتعدد الطرق، والطريق الأسلم والأنفع هو تبيان القواعد وكشف التدليسات وما يكتنفه التاريخ القريب من حقائق وبيان التناقضات والوهن العلمي وأقوال الأعلام وأهل العلم في الظاهرة وغير ذلك مما يزيد بوعي المجتمع إزاء هذه الظاهرة.
وبعد هذا البيان فلا ينبغي أن يتحسس من الحديث عن ظاهرة المتمرجع من كان متأكداً من أساسه وبنائه.
كما أنّ الكلام فيها ليس بالضد من أتباع المتمرجعين كون أكثرهم مغرر به ولا يعلم أنه على المنهج الخطأ، وهو مؤمن ـ وبعضهم أصدقائي وأحبهم حقاً ولا أجامل في ذلك كوني غير مضطرّ لذلك - ولهم واجب الإخوة الإيمانية كما أنّ عليهم مثل الذي لهم، ونأمل أن لا يسيئوا الظن بكل من تناول هذه الظاهرة، والتأمّل بما يُطرح من قواعد شرعية وعقلائية، خصوصاً تلك التي تصدر من أهل العقل والعلم، ولا يضع أحكاماً مسبقة تجاه كل من خالفه في هذا الجانب.
والله تعالى ومذهب أهل البيت (ع) من وراء القصد.
نسأل الله تعالى أن يهدي الجميع إلى سواء السبيل.
#أبو_تراب_مولاي
https://t.me/Aboturabmaulaay