المنشور السنوي:
عاشوراءُ جهازُ إنعاش الأمّة، لولا عاشوراء لدبَّ الموتُ في أرواح البشريّة، ولتفسَّخت قلوبُ النَّاس وتحلَّلَت أخلاق القوم، ولتلاشتْ كلُّ قيم السّماء. الإسلامُ بدؤهُ محمّدي, واستمرارُه حُسينيّ, ابتدأه محمّد بن عبد الله في صحراء همجيّة انتقل بها إلى معالم الحضر والمدنيّة، ثم انقلب المنقلبون على أعقابهم، وكادت تندثر رسالة السماء، وكل أحكامها، ولكنّ عدلَ القرآن وَهبَ روحه وأهله وأصحابه لتستمر شريعة محمّد، استمرَّ بصدرِ الحُسين وهو يُداس بالخيول الأعوجيّة، استمرَّ بعين العبّاس النّازفة، استمرَّ بطفلٍ رضيعٍ نحرُهُ مخروقٌ بِسَهم،استمرَّ بشباب القاسم وهيبة الأكبر، استمر بأوْرَعِ صحابةٍ وطأت الأرض، صحابةٌ ما اتخذوا الليلَ جملًا، واستشهدوا دون الحُسين، استمرَّ بصبرِ زينب وصوت السّجاد . نحن -بكلِّ ما لدينا-مَدينون لعاشوراء، مدينون لذلك الإمام المُلهِم (أبو عبد الله الحسين بن عليّ بن أبي طالب).
فما نقومُ به من إعلان الحداد، وإرساء مواكب العزاء وإشهار الحزن، لا يفي بعضَ حقّ هذا الدَّين الذي زرعه الحسين بن عليّ في رقابنا، وإنما ما نؤمله هو أنْ نساهمَ ونُكتب مِن الذاكرين لما جرى، عسى أن تصيبنا بذلك شفاعة بيت آل هاشم الكرام.
أعظم الله لكم الأجر ، وأحسن لكم العزاء.