ج/ هذا منشور مهم في المسألة ..
[ منشور مهم وبسيط في صورة سؤال وجواب، لكل من يستفتي في أمور دينه ]
.............................................................
س: ما القول الفَصْل الحق الأوحد النهائي في المسألة الفلانية لأني سمعت أقوالًا غريبة؟!!
ج: لا يوجد قول فصل فيها، محدش مخبّي السر عنك، المسألة فيها خلاف بين العلماء، ولا يمكن الجزم أين الحق، ومسألة الغرابة شيء نسبيّ، أنا أعرف ناس استغربت إن الصلاة واجبة!
...............
س: لماذا هناك الكثير من الاختلافات في الفتاوى والأحكام الشرعية، هذا يقول يجوز، وهذا يقول لا يجوز؟!
ج: لأن الكثير من المسائل الشرعية وقع فيها خلاف بين الصحابة والأيمّة، ولا زال هذا الخلاف جاريًا منذ عهدهم إلى يومنا هذا، وكل مفتٍ يفتي بما يراه الأقرب للحق.
..............
س: لماذا لا ندع الأيمّة واختلافاتهم ونأخذ ما قال به النبي صلى الله عليه وسلم؟!
ج: لو كان النبي صلى الله عليه وسلم قال شيئًا قاطعًا في هذه المسائل لسبقونا هم إليه، ولكن هناك قضايا استجدت لم يتكلم فيها النبي صلى الله عليه وسلم بشكل مباشر، فالأيمة قاسوا هذه القضايا على استقرائهم الواسع لنصوص الشرع وآثار الصحابة، وهناك قضايا كان كلام النبي صلى الله عليه وسلم فيها محتملًا، يعني يحتمل مثلًا التحريم أو الكراهة، وهكذا ..
ولذلك وقع الاختلاف بين الأيمّة لتعدد الاحتمالات واختلاف الفهوم والمشارب.
.............
س: لماذا أصلًا وقع هذا الخلاف؟ أليس الخلاف شرًا؟
ج: لا يوجد شر محض في تقدير الله جل وعلا، ووقوع الاختلاف وتعدد الاحتمالات فيه خير كثير جدًا ورحمة، منه: استمرار التفقه في الدين وطلب الحق وبذل الجهد والعمر في ذلك، ومن ذلك استمرار حاجة الناس للعلماء، واستمرار رفعة منزلتهم بالجهد العظيم الذي بذلوه في فقه دقائق الشريعة على اتساعها، ومن ذلك الرحمة بالمسلمين والتيسير عليهم ورفع الحرج عنهم برجوعهم لعلمائهم، واتساع الشريعة لتشمل اختلافات العقول والطباع والنفوس، وأمور أخرى كثيرة.
..............
س: أليس هذا الخلاف هو الذي مزّق أوصال الأمة وشرّدها؟
ج: لا، سبب التمزق والتحارب في كل زمن هو الجهل والبغي وحب التسلّط، سواء كانت اختلافات عقدية أو فقهية أو عرقية أو أيًا ما كان ..
..............
س: طيب .. أتبع من الآن؟ أين الحق؟
ج: اسأل عالمًا ثقة واعمل بفتواه، هذا هو الحق في حقك، وهذا ما يرضي الله عنك، وما تبرأ به ذمتك أمامه جل وعلا.
.............
س: وكيف أعرف أنه عالمٌ ثقة؟! أليس من الممكن أن يكون جاهلًا؟!
ج: ممكن، بل هم كُثُر!، ولكن الذي يلزمك أن تجتهد في استفتاء عالم ثقة قدر وسعك، إن لم تكن تعلم عالمًا ثقة فاجتهد في معرفته بالعلامات والأمارات، كأن يثني الناس على علمه ودينه، ويستفتيه عدد كبير من الناس، ويجيزه العلماء، فإن اجتهدت وكان جاهلًا، فهو من يتحمل الوزر، وليس أنت، أما إذا علمت أنه جاهل أو ساقط العدالة أو متتبع للرخص ونحو ذلك فلا يجوز لك استفتاؤه ولا العمل بقوله وإن اجتمع عليه الناس واستفتوه.
...........
س: طيب .. لماذا لا أبحث أنا عن الحق؟ أقرأ الأقوال والأدلة وأقارن بينها!
ج: اقرأ وقارن كما تشاء طالما ستقلّد عالمًا ثقة في النهاية، لكن نظرتك ومقارنتك لا قيمة شرعية لها، ولا تبرأ بها ذمتك، ولكن تقلد عالمًا ثقة؛ لأن الأدلة والتعليلات التي تراها في الفتاوى بصورة مبسطة ولطيفة وراءها عشرات الأسطر من التحريرات والتقريرات والأصول والأخذ والرد التي لا يبلغها عقلك، ويمكن أن تطالع - على سبيل التجربة - شيئًا من هذا في كتب الخلافيات والحجاج، لذلك الأيمة يشترطون لأجل النظر في الأدلة والأقوال شروطًا تتضمن آلاف الصفحات من الدراسة والتعلم والبذل والجهد، كأي علمٍ في الدنيا.
.............
س: أليس هذا نوع من الكهنوت واحتكار الدين الذي نعيبه على الرهبان والأحبار؟
ج: لا أبدًا، طلب العلم متاح للجميع، ليس حكرًا على أحد دون أحد، المراجع متاحة والشروح متاحة والكتب متاحة، من أراد أن يتعلم ليتكلم فلا شيء يمنعه، لكن طالما ليس عنده العلم الذي يؤهله لكلام في أي قضية في الدين أو الدنيا فلا يبنغي أن يلبس ثوبي زور، وهذا فيه وعيد عظيم في باب الشريعة. (بالتالي لا يجوز إنك تقعد مع مدحت وفوزي وتهروا في الدين وتناظروا بعض مناظرات وهمية عجيبة، أو إنك تتخانقي مع لمياء وشيماء بحثًا عن الحق والقول الفصل في المسألة الفلانية)
............
س: وإذا كان عندي قريب لا يمكنه استفتاء أحد، وطلب مني أسأل له؟