كُنتُ أسيرُ علّىٰ هٰذا الرصيفٍ عينهُ ،
مَنهوك القوىٰ مَهِدودَ الروّحِ كـالآنِ ؛
وَ كانَتْ أحلامي حِدادًا ،
وَ لِمْ تَكُنْ حَياتي أقربُ إلىٰ الفرحٍ كثيرًا
وَ لَكن يُخيل إليّ أنني كُنتُ
أحِيّا حياة أجمل مِنْ حياتِي الآن ،
وَ أنّ الأفكارَ السودُ لِمْ تَكُنْ تَسكُن
دِماغي قويةَ عنيفةَ كمّا تَسكُن فيِهُ الآن ،
وَ أنني لِمْ أكُنْ أعاني مِنْ هٰذهِ الندامات وَ آلام الضمير
التي لا تدعْ لِي اليوم راحة ،
وَ أنني لِأسألَ نفسي : "أينَ أحلامكَ كُلّها إذنْ ؟ " ،
وَ لِشدّ مِا تَجري السِنونَ سريعة سريعة ؛
أحسنُ ما فِي حياتِكَ ماتَ .
أ أنتَ قِدّ حَيّيتَ حقًا ؟ أُنظرْ كيفَ صارَ كُلّ ما حوالِيكَ
جْليدًا مِنْ الصَقيعِ ،
وَ سَتنقضي سِنونَ أخرىٰ وَ سَتظل تَعيشَ هٰذهِ العزلة الرهيبة
ثُمْ تَدُب فِيّكَ الشيخوخةَ العاجزةَ ،
عِالمُكَ الخيالي سَتّحول ألوانهُ وَ أحلامكَ الكثيرة سَتسقطُ
سقوطَ الأوراقِ الصفرِ عِنْ أشْجارِهُا فِي الشتاءِ ،
مْا أبأس أنْ يبقىٰ المرءُ وَحِيدًا ، وَحِيدًا كُلّ الوحدهِ ،
وَ ما أبأس إلّا يَكون لهُ ما يتحسرَ عَلّىٰ أنقضائِه
لأن كُلّ ما فَقدهُ إنّما كانَ عدما بِاطلًا صفرًا غبيًا حلمًا عابرًا .
- دوستويفسكي .