مدونة سَـــارَة @saarah_am Channel on Telegram

مدونة سَـــارَة

@saarah_am


شوارد الأفكار والكَلِم

@Sarah_A92

مدونة سَـــارَة (Arabic)

هل تبحث عن مصدر إلهام مميز يحمل في طياته الكثير من الأفكار الثرية والكلمات الراقية؟ إذاً، قد وجدت المكان المناسب! مرحبًا بك في قناة "مدونة سَـــارَة" التي تعتبر وجهتك الأولى لاستكشاف عوالم جديدة مليئة بالإبداع والإلهام. تتميز هذه المدونة بتقديم مجموعة متنوعة من الأفكار الجديدة والكلمات الرائعة التي ستثري حياتك وتضيف لمسة من الجمال والعمق. يمكنك متابعة كل جديدها من خلال الانضمام إلى قناتنا الرائعة @saarah_am على تطبيق تيليجرام. هنا، ستجد تنسيقًا مميزًا يجمع بين الحرف والصورة في إطار ممتع ومثير للفكر. كل ما عليك هو الانضمام لهذه الرحلة الفريدة من نوعها والتمتع بكل ما تقدمه مدونة سَـــارَة. فلا تفوت الفرصة لتحصل على جرعة يومية من الإلهام والإبداع. انضم اليوم وكن جزءًا من هذه العائلة الإبداعية المميزة!

مدونة سَـــارَة

15 Jul, 16:32


‏عاش أبو حيان التوحيدي حياة تحمل من النكسات والويلات ما جعله يشعر بالنبذ والانكسار.

‏قضى عمره في التأليف، إلا أنّه في النهاية أقدم على إتلاف أعماله بنفسه، كنوع من التوبة والإنابة؛ لعدم إخلاصه فيها! كتب في إحدى مراسلاته لابن مسكويه «فقد أصبحت غريب الحال، غريب اللفظ، غريب النحلة، غريب الخلق، مستأنساً بالوحشة، قانعاً بالوحدة، معتاداً للصمت، مجتنفاً على الحيرة، محتملاً الأذى، يائساً من جميع ما ترى...»

‏فرد ابن مسكويه مواسياً أبا حيان التوحيدي: «أنظر حفظك الله إلى كثرة الباكين حولك و تأسَّ، أو إلى الصابرين معك و تسلّ، فلعمر أبيك إنما تشكو إلى شاكٍ و تبكي إلى باكِ»

‏كتب أبو حيان التوحيدي مبرراً حرق كتبه بنفسه :«وكيف أتركها لأناسٍ جاورتهم عشرين سنة فما صحَّ لي من أحدهم وداد، ولا ظهر لي من إنسان منهم حِفاظ، ولقد اضطررت بينهم بعد الشهرة والمعرفة في أوقات كثيرة إلى أكل الخضر في الصحراء ... وإلى بيع الدين والمروءة وإلى تعاطي الرياء والنفاق»

مدونة سَـــارَة

15 Jun, 16:57


في حديثٍ عن العيد:

"عندما أشم رائحة الضأن القوية تنبعث من الخراف المربوطة أمام دكان الجزار المجاور، فإنني أعرف أن عيد الأضحى قادم قبل أن يستوعب ذهني المعلومة. نوع من الارتباط الشرطي. ابنتي تكره هذه الرائحة كراهية التحريم وتؤكد أن حتى مياه الصنبور تكون لها ذات الرائحة.
الحق أنني أحب هذه الرائحة لأنها تستدعي حشدًا من الذكريات.


لم نكن أسرة ثرية، بل هي الأسرة التي ينطبق عليها مصطلح الطبقة الوسطى حرفيًا، لكن ظل الخروف جزءًا من تقاليد العيد، حيث ترسله جدتي هدية لنا كل عام تقريًبا، وكان يصل بحفاوة مع السيارة نصف النقل والحبل الغليظ وصوته الأجش الذي نعتقد أنه (ماء) بينما يعتقد الغربيون أنه (باء). هناك في الحمام يقف كضيف فوق العادة له ثقله وأهميته.  ثم يأتي يوم العيد والذبح وبرك الدماء وشعوري الممض بأنني أتخلى عن صديق، وهو الشعور الذي يزول فورًا بمجرد أن يبدأ طهي اللحم.. تتحرك عصارات معدتي وأنتظر في شغف.

بعد الإفطار الشهي يأتي الجزء القذر من العملية – بالنسبة لي – وهو أرغفة الخبز المحشوة بالأرز واللحم التي يأخذني أبي معه لنوزعها في أماكن تجمع الفقر والمتسولين. نجوب أزقة ضيقة وعرة خلف السيد البدوي وفي منطقة سيدي مضيها والشيخة صباح. هناك تكتشف درجات من الفقر والقبح والتشوه لم تتصور أنها موجودة قط، ويخرج لك المتسولون من الظلمات يئنون مثل أفلام الزومبي.

كنت في العاشرة مثلاً، وكنت أعتبر هذه الجولة تنغيصًا.. ضريبة لابد منها مقابل متعة لحم العيد، بينما كان أبي يعتبرها أهم لحظات اليوم. وفي المساء نقوم بجولة سريعة أخرى على بيوت الأقارب وطانط فلانة وطانط فلانة. ينتهي اليوم وأنت كتلة عجين من فرط الإرهاق.

لكن البيت مليء باللحم، وأنا لا أكف عن الأكل كأنني الطفل المقصود في بيتي بيرم التونسي الجميلين:

استنظره الموت وفي العيد الكبير جاله
في اللحم لما أكل من كل ما طاله
أكل في بيتهم وبيت عمه وبيت خاله
ويعيد غداه كل ما يدخل لأهله ضيوف

كانت معدتي ما زالت في فترة الضمان.. لقد خرجتْ من المصنع لتوها، وكانت قادرة على هضم الحجارة والزلط.. تعبير (عسر هضم) كان يبدو لي نوعًا من الخيال العلمي الغامض.

بعد يومين تضع لي أمي قطعة لحم كبيرة لكن مشبعة.. في اليوم الرابع هي قطعة في حجم علبة ثقاب صغيرة فأجن رعبًا.. هل انتهى كل شيء بسرعة؟.. تقول أمي بلهجة الحكيم الذي خبر قسوة الزمن:
ـ«كل سنة وانت طيب.. الخروف خلص!»

مستحيل!… هناك سرقة في الموضوع.. هناك عشرة كيلوجرامات مخبأة في مكان ما من الثلاجة، أو لابد أن نوبة كرم غلبتها فأعطت زوجة البواب خمسة كيلوجرامات.

يكون علي أن اتحمل قسوة الحياة ومرارة انتهاء كل شيء، خاصة أمام طبق البامية القرديحي أو طبق الفول الذي سيأتي في اليوم التالي.. تلك تجربتي الأولى مع التشيروفوبيا أو الخوف من السعادة.. الخوف من قسوة انتهائها"

د.أحمد خالد توفيق

مدونة سَـــارَة

17 Aug, 22:41


‏من مسببات تغير دلالة اللفظ: الأسباب النفسية بدليل أن الألفاظ لها أثر شعوري على المتلقي، فنقول عما يؤثر فينا: "كلام دافىء، أو آلم قلبي" وكثير من العبارات التي نستخدمها تعبر بالضرورة عن انفعالاتنا، وما أحسن التلميح في تلك المواضع التي قد لا يحسن فيها التصريح.

‏ومن تلك المواضع التي لا يحب المرء فيها أن يذعن لحقيقة الموت، التعبير عن الميت بالراحل، أو الفقيد، تخففًا من وطأة اللفظ ووطأة الأقدار.

وتغير الألفاظ ذات العلاقة بها لذات السبب، كمفردة (مأتم) فقد كانت تدل على الاجتماع سواء في الخير أو المصيبة، إلا أن العام قد خُصص، فصار اللفظ من أجل العزاء وأيامه.

مدونة سَـــارَة

26 Jul, 23:45


مما جاء في الألفاظ الكتابية في باب قرب المسافة والخطوة، وباب البُعد ما يجانسه.
وتتمايز الأضداد بذكرها، وتتباين الكلمات في حُسنها بمعناها الذي تصفه، فالقُرب زُلفى، والبُعد انشطار.

مدونة سَـــارَة

20 Jul, 19:41


الأغلال المُحرَّرة

حينما نقرأ مفردة الأغلال يتبادر للذهن مباشرة أنها القيود التي تجمع الأيدي وبعضهم يزيد وصفًا آخرًا لهذا الوصف فيصير الحال أشد فيكون بمعنى: القيود التي تجمع الأيدي إلى الأعناق، فتكون بهذا المعنى وصفًا ظاهريًا حسيًا، إلا أنها قد تغل الدواخل، فيصير المرء مقيدًا بقيودٍ تلو أخرى، هذه القيود تحتم عليه التراخي، والانحباس، والبقاء دونما حراك في مواجهة كل ما قد يجعله يتباطأ عن اللحاق بركاب الحياة، ففي كل مرّة تهزمه ذكرى عابرة، وهاجس لا يقطعه سلام، وتمني لا يعقبه سعي، وفوات لا يتبعه مضيّ، فكل فكرة وخاطرة إذا لم تكن مما يفتح الآفاق للمرء، فهي غل تغل نفسه الحبيسة إلى الحناجر.
وإذا استشعر المرء أغلاله التي تُبقيه في مكانه، وسعى لفكها وعرف مفاتح تحريرها، صارت أولى خطوات انطلاقه وانعتاقه.

مدونة سَـــارَة

08 Jul, 23:51


عن تجليات إحدى لحظات الطفولة والإبحار في زورقها:

في جلسة سمرية شتوية في بيت إحدى الصديقات وأيادينا الممتدة لسرقة دفء نارٍ شبه مشتعلة، وصوت اندلاق القهوة في قعر الكوب، حيث لحظات الصفاء واستحضار ما تناثر من الذكريات، وبمقارنة بيني وبين بعضهن ممن نشأن في المدينة، وجدتُ بونًا شاسعًا في التذكر، فالذين نشأوا في الضواحي والقُرى لديهم مخزون هائل من الذكريات خلافًا لمن نشأوا بين جدران البيوت، -ولا أعلم حقيقة إن كانت هنالك دراسة استطلاعية خاصة بهذا الشأن، ولا أظن هذا الأمر خفيًا على علماء النفس- المهم أن الذين لعبوا ميادين طفولتهم في المكان غير المسوّر ينشأون طَلِقين لا يهابون شيئًا، فهم لا يعترفون بحدٍّ ولا بطول مسافة، يقتاتون على المغامرة ولا يهابون موضعًا أو ظلامًا متقدين بالأدرينالين، بينما في المدن حيث الطفولة المعتادة، والأسْوِجة الرفيعة من الحذر التي شلّت حركة كل كائن حيّ، فحتى أفسح مكانٍ فيها لا بد له من سياجٍ يحيطه، ينشأ الطفل خائفًا مدعمًا بالذعر، تتشتت ذكرياته بين هذا الشعور وذاك، فمستوى الأمان بين القرى والمدن لا يقارن، وهنا نأتي لعامل المعرفة، معرفة من حولك حتى أنك تأمنهم على فلذات أكبادك، شعور الأمان الذي بدوره أن يعزز كل أمرٍ جيّد في نفسية الطفل والذي يصعد به إلى مستوى غير محدود من الشعور بالثقة؛ لأنه آمن.

مدونة سَـــارَة

06 Jul, 22:48


أخاف من المضيّ بلا اقتصاصٍ
ومن دَركِ السكوتِ عن الجراحِ
ومن زيفِ التّراجعِ في عيوني
إذا أوشكتُ أن ألقي سلاحي
وأنّي كلما صادفتُ حربًا
ظننتُ بأنّ سِلمي من صلاحي
وقمتُ أهوّنُ الأشياءَ حتى
أُريك معانيَ الصّفحِ الصّحاحِ
فؤادي غافرٌ سَمْحٌ كريمٌ
وفي عقلي صدودي واجتراحي

مدونة سَـــارَة

03 Jul, 22:52


بعض العتب صريح العبارة، واضح في الإشارة، يوصل القصد، بشكل مقتصد، دون إذلال للذات، ودون تهويل في الملمات، إذا قُريء أعيد ولم يمل، وإذا اختُصر لم يخل، كامل المعنى، وسليم المبنى، يتوغل في القلب توغل الدماء في الأوردة، فيحيي الأرض اليباب، ومنه:

{وما حُسنُ البِداءَةِ شرطُ حُبٍّ
ولكن شرطُهُ حسنُ الخِتامِ
وليسَ العهدُ ما ترعاهُ يومًا
ولكن ما رعَيتَ على الدَّوامِ
نَقَضتمْ يا كرامَ الحيِّ عهدًا
حَسِبناهُ يدومُ لألفِ عامِ
وكنَّا أمس نطمعُ في جِوارٍ
فصرنا اليومَ نقنعُ بالسَّلامِ
جَرَى عهدُ الثّقاتِ على فَعالٍ
وعهدُ الغادرينَ على كلامِ
ومَن لا يبتغي لِلذَّنبِ عُذرًا
يهونُ عليهِ تفنيدُ الملامِ
ومَن لا يَرْعَ وُدَّكَ في رحيلٍ
فلا يَرعَى وِدَادَكَ في مُقامِ}

مدونة سَـــارَة

28 Jun, 03:51


ويأتي العيد، لينتشلُنا من تماثل الأيام وتسارعها :
إلى شعــائر الله، وتقوى القلوب.
فافرحـوا، واستبشـروا، وكبّـروا:
فهذا عيد -شعيــرة الله-
وليسَ أيُّ عِيــد !!

كل عام وأنتُم في معية الله، وخيرهِ السابق إليكم.

مدونة سَـــارَة

24 Jun, 21:46


وتساءلت بعدها:
تُرى لماذا يحرص ركاب القطار، أو الطائرة الذين تجمعهم الأقدار في رحلة سفر على أن يتعاملوا فيما بينهم، برقة وأدب وعطف متبادل، واستعداد للمجاملة والحرص على مشاعر الآخرين؟
وأجد الجواب دائماً في أنهم يعرفون أنهم رفاق سفر، لن يطول وسوف يتفرقون بعده، ويذهب كل منهم إلى وجهته، لهذا فهم يترفعون خلال الرحلة القصيرة عن الصغائر..

فإذا كان الأمر كذلك، فلماذا لا يهوِّن رفاق رحلة الحياة على أنفسهم وعلى شركائهم متاعب السفر بنفس هذه الروح، وبحسن المعاشرة وبالتعاطف المتبادل ورحلة الحياة مهما طالت قصيرة؟

——————————————
عبدالوهاب مطاوع، وقت للسعادة ووقت للبكاء.

مدونة سَـــارَة

23 Jun, 15:38


عن المديح:
قالت العرب: اللُّهى تفتح اللَّهى.
فالأولى: جمع لهوة وهي الأُعطية -الجائزة-
والثانية: لهاة الحلق التي في أعلاه.
والجامع بينهما أنه كلما زادت الأعطية للمادح، كثر مدحه شعرًا أو نثرًا.

حلقة مثرية وفوائد منتقاة نخبوية، لمحمد المختار الذي تشعر وكأنه معجم تراثي ناطق.

مدونة سَـــارَة

18 Jun, 16:37


عن سر طهورية الأرض، وكونها من خصائص أمة النبي محمد ﷺ، يعلل ابن رشيق برّقة بالغة بمنظوره الشعري فيقول:
‏سألتُ الأرضَ لِمْ كانت مُصلّى
‏ولِمْ كانت لنا طُهرًا وطِيبا؟!
‏(فقالت غيرَ ناطقةٍ لأنّي
‏حويتُ لكلّ إنسانٍ حبيبًا)

مدونة سَـــارَة

21 Apr, 00:39


معاني العيد
يحضر العيد ليجدد في النفس ما خفت فيها، ويوقظ ما همد وسكن منها، فيه تجديد لتعاهد الفرح وتشاركه، وتنقية الدواخل مما اعتراها من كدر، وتنقية للضمائر مما علق بها من أذى وقطيعة، يوم الجوائز كما وصفه ﷺ، سمي عيدًا؛ لأنه يعود كل سنة بفرحٍ متجدد، وسمي بيوم الجائزة؛ لأن الله ﷻ يكافىء الإنسان على ما بذل من عبادة في شهر رمضان، بالأجر والثواب العظيم.

‏ فهو ليس شعورًا يمضي وليس بروتوكول يمتثله الإنسان؛ ليتخلص منه بعد ما ينفذ حذافيره، هو فرحة!

له طقوسه المحببة باختلاف الأعمار والأحوال، فالصغير فرحته محورية حول حلويْات العيد وعيدياته التي تكثرعلى قبضة يديه الصغيرتين فيلجأ لأمه؛ لتحتفظ بها له في حقيبتها.

فرحة للأمهات بصنع أطباق العيد التي خصصنها وتوارثنها جيلاً بعد جيل، فكل منطقة تحتفي بموروثاتها في مشارق الأرض ومغاربها وأقاصيها.

فرحة للآباء ببذل أموالهم في كل صغيرة وكبيرة لتكتمل الأُطر وتظهر الصور بأبهى الحلل والبهاء، فأي بركة تناله الأعياد إلا بما أنفقه الآباء في سبيل إسعاد منهم تحت أكنافهم.

فرحة للكبار بتهيئة نفوسهم للعيد بنظرتهم التي تتفرس كيف يضاعف العيد فرحة الصغار حين يستقبلونه وكأنه الذي يحتاج لاحتفائهم وفرحهم به، ويوشوشون لبعضهم عن سر هذا الفرح، فيعم تأثيرهم الأرجاء.

فالعيد كما يصفه الطنطاوي -رحمه الله-:
«العيد في حقيقته عيد القلب، فإن لم تملأ القلوبَ المسرَّةُ، ولم يترعها الرضا، ولم تعمها الفرحة، كان العيد مجرد رقم على التقويم».

كل عام وأنتم بخير 🎊🤍

مدونة سَـــارَة

19 Apr, 02:44


‏"لا أحد يذكر شخصًا في دعائه إلا وقد صدق حبه، وخاصةً في هذه الأيام المباركة!
تخيل أن يثني أحدهم ركبتيه في خلوته، ويرفع يديه متضرعًا لله، ويرسل اسمك أنت بالتحديد إلى الله عز وجل مرتبطًا بأمنيات ودعوات صالحة لك. هذه واحدة من أعظم صور الحب."

مدونة سَـــارَة

06 Apr, 21:35


باب ما جاء في حُسنِ الإعذار:

"سخيُّ المودةِ حُلْوُ الطباع
‏حبيبُ الفؤادِ صديقُ العمُر
‏كحامِلِ مسكٍ نقيِّ الخِصال
‏ومنهُ الرفيقُ هَنى وعَطُر
‏فرَغنا، شُغِلنا، على كلِّ حال
‏قَرُبنا، بعُدنا فلا لن يضُر!
‏بخيرِ الظنونِ يحُفُّ الوِصال
‏بسبعينَ حُسْنٍ يصوغُ العذر"

فالصديق وجد ليعذر، مساحة صافية، ومكانًا للراحة، وإذا تكالب الزمان عليك والصديق، فمن بقي؟
وتعجبني مقولة: "التمس لأخيك سبعين عذرًا"، وأحدهم يقول: "حتى لو استنفدت السبعون عذرًا لأتيت بسبعين أخرى".
فثقافة التماس الأعذار مبدأ ديني، وقيمة أخلاقية لو فهم الناس معناها وطبقوها في حياتهم، عرفوا مدى الارتياح النفسي لتطبيقها.

‏"تأنَّ ولا تعجلْ بلومِك صاحِبًا
‏لعلَّ له عذرٌ وأنت تلومُ"

مدونة سَـــارَة

03 Apr, 02:45


عبادة الأحرار

فتأمَّل معنى الصيام من حيث نظرت إليه: هو عتق النفس الإنسانية من كل رقٍّ:
من رقِّ الحياة ومطالبها
ومن رقِّ الأبدان وحاجاتها في مآكلها ومشاربها
من رقِّ النفس وشهواتها
ومن رقِّ العقول ونوازعها
ومن رقِّ المخاوف حاضرها وغائبها
حتى تشعر بالحرية الخالصة
حرية الوجود
وحرية الإرادة
وحرية العمل
فتحرير النفس المسلمة هو غاية الصيام الذي كتب عليها فرضًا وتأتيه تطوعًا.
ولتعلم هذه النفس الحرة أن الله الذي استخلفها في الأرض، لتقيم فيها الحق، ولتقضي فيها بالحق، ولتعمل فيها بالحق- لا يرضى لها أن تذلَّ لأعظم حاجات البدن؛ لأنها أقوى منها، ولا لأعتى مطالب الحياة؛ لأنها أسمى منها، ولا لأطغى قوى الأرض؛ لأنها أعزُّ سلطانًا منها. وأراد الله أن يكرِّم هذه العبادات فأوحى إلى رسوله ﷺ أن يخبر الناس عن ربه إذ قال: ((الصوم لي)). فلا رياء فيه؛ لأنه جُرِّد لله فلا يراد به إلا وجه الله، فاستأثر به الله دون سائر العبادات، فهو الذي يقبله عن عبده، وهو الذي يجزي به كما يشاء.

_____________________________________
شيخ العربية: محمود بن محمد شاكر، جمهرة مقالاته.

مدونة سَـــارَة

23 Mar, 12:18


من كلام العرب في التهاني: { ليهنئك الأمر} أي: ليكن لك هنيئًا، فليهنئكم الصوم، بلغنا الله وإياكم تمام لياليه وأيامه، وحفنا فيها بالفضل وعظيم الأجر، وجعلنا الله فيه خير من تدارك واغتنم.
ومبارك عليكم الشهر 🌙

مدونة سَـــارَة

09 Mar, 21:59


اغتراب دائم

من متغيرات الحياة ولوازم مجرياتها، تبدل أحوالها، واختلاف جريانها، وتعاقب مسراتها، وأهوالها، ويختلف المضيّ تبعًا لذلك، ومن اختلافات أيامها وتعاقب فصولها، قوافل السفر التي قدرها أن تسير بمحاذاتنا وتتجاوزنا مودعة، ولا أقسى حينئذ على الفؤاد من يدٍ ملوحة، وعينٍ دامعة، وكأن المجريات ما بين صعودٍ ونزول، يد ترتفع بالوداع، وعين تهمي للفراق، في رحيلٍ حتميّ، يجعل المرء يتساءل كيف يعيش من بعدهم؟
تمر الفترات تعقبها أخرى، حتى إذا ما عاد وجد الأهل غير الأهل، والصحب غير الصحب، ألفوه بعيدًا، واعتاد تواصل العصر الحديث، قد تمر السنون، دون كلمة مسموعة، ودون نبرة صادقة، وكأن أصابعنا اعتادت طرق حروف لوحة المفاتيح، حتى شكلنا مسامير الكلام الواجمة، الغربة قد لا تغيّر الهيئات، لكنها تقتنص شيئًا من دواخلنا حتى تقسينا، وفي الأمر انتقام من الرحيل المفاجىء، تظنك إذا ما أتيت ستتصدع شوقًا لك الديار، وستحتويك جدرانه، وأن ساكنيه يتلظون بنار الجوى على بعادك، وأنك في كل مرة تعود سيبكونك من جديد وكأنك بُعثت لهم من أرضٍ موات، يثقل الوقت روزنامته، في حيثيات الوصول واستقباله، كل مرة يتجدد المشهد، ولا تملك الوقت الكافي لتعود لذاتك السابقة ولو مرّة!
وفي كل رحيل وعودة يتكرر ذات السيناريو، وفي كل اغتراب نجد اغترابًا آخرًا، كأن العودة قد استحالت.