تتضافر العناصر السابقة مع بعضها في مشهد أكسبه صوتُ دقات الساعة الجدارية فضاءً مسرحياً يشي باقتراب حدوث شيء ما، تفجر قنبلة موقوتة مثلاً…
– عادت، فتحتِ البابَ وأغلقَته، لكنها لا تستطيع التوقف عن ذرع الغرفة جيئة وذهاباً والصحن في يدها تأكل، وتمشي…
تأكل، وتمشي، وتفكر…
تأكل، وتمشي، وتفكر، وتشتم حظها الذي جعلها ابنة أم تقليدية لا تستطيع مواكبة العصر وأبناء هذا العصر…
تأكل، وتجلس على السرير، وتزيل السماعات عن الهاتف، وتشغل حلقة من مسلسل Friends لتنسى الاستفزاز الحاصل منذ قليل في المطبخ:
“انزواؤكِ في غرفتكِ بهذا الشكل لا يجوز، تدرسين في الجامعةِ الافتراضية، تمام.. حفظنا هذه الأسطوانة المشروخة، لكن لمعلوماتك، تناولُ الوجبة الوحيدة التي نجتمع خلالها معاً لا يحتاج إلى إنترنت، ألا تسمعينني! إلى أين تأخذين صحنكِ؟ أتحدثُ معك…ألا تفهمين؟”.
شعرَتْ أنّ ضحك الجمهور في خلفية مشاهد المسلسل ما هو إلا ضحكٌ على قولِ الأم الذي لم يفارق ذهنها في أثناء مشاهدتها الحلقةَ، لم تُضحكها دعابات “تشاندلر” هذه المرة، فرمت الهاتف جانباً ونهضت سائرةً باتجاه النافذة، أزاحت الستارة السميكة لتتأمل المشهد في الخارج:
طبقةُ الأوزون اليوم بخير فالجو غائم، ووجوه المارة كذلك غائمة، كل واحد يسير إما شارداً في جدران غرفة داخل رأسه، وإما مستغرقاً في الشرود داخل هاتفه، كم هو ممتع تشاركُ وجبة مع قبيلة الشاردين هذه!
ارتسمت ابتسامةٌ على شفتيها حين قفزَت إلى ذهنها الفكرةُ الأخيرةُ، ستحقِّقُ لها الوضعين المتناقضين: ممارسة طقس جماعي دون التخلي عن استغراقها في فرديتها إذ إنها ستكون مائدة صامتة، ستترأس هي هذه المائدةَ وستكون لغة التواصل الإشارات، فمن يُرِد الأكلَ من طبق بعيد عن متناول يده فسيطلب إلى الشخص القريب من الطبق بإشارة من سبابته، ومن يرد ملعقة بدل التي وقعت على الأرض فسيطلب أيضاً إلى الشخص الأقرب من معدات المائدة بضم الإبهام إلى السبابة ثم رفعهما معاً إلى الفم، وكذلك الأمر بحركة مشابهة بالنسبة إلى من يريد شرب كأس ماء بعد أن غصَّ بقطعة لحم كبيرة، أما من…
لقراءة القصة كاملة من الرابط
👇
https://www.qalamrsas.com/archives/10332
#كتابة_إبداعية
#قصة_قصيرة