فِي حَلقات القُرآن تُؤثرني مشاهد عَديدة،
مشاهد يَنفطرُ لها القلب، تَدمع لها العينُ علىٰ حال كثيرًا من أبناء الأُمّة اليوم-وأنا أولهم .
مشاهدٌ كثيرًا ما تدل علىٰ مقولة : أنه الطريقُ لِمن صدق .
تُؤثرني تِلك المرأة المُتزوجة، تَحمل طِفلها علىٰ يديها، تَسرد النّص سردًا صحيحًا مُجودًا، يَصرخُ طفلها فلا تتوقف، تَهمُّ بالوقوف وتُحرك طِفلها بين يديها حتىٰ يهدأ، وتنتهي مِن التسميع ! .
وأُخرياتٌ مِثلها بل وحالهم أصعب فيما يَخص مسؤلياتهم ، زوجات ، ربّات منازل ، منهم من لديها الطِفل الواحد ، ومنهم من لديها أكثر، مِنهم من تتقن الحِفظ، ومنهم من تُحاول ،
يُؤثرني حالهم جدًا، يُؤثرني قول إِحداهم :
- يا شيخة الأحكام صعبة جدًا ، بس أنا نحاول ، حاولي معانا وليكِ الأجر .
حينما تقربتُ إليهم، وجدتُ شيئًا أخذ بمجامع قلبي واللهِ، أنّه فِئة كبيرة منهم أُمية، لكنهم يُحاولون بِشتىٰ الطُرق لِحفظ القُرآن، بل ويطمعون فِي تدريسه ! .
يأتون في ميعاد الحلقة المُحدد بالساعةِ، والدقيقة، أَتذكر أَنّه مُنذ عام كانت معي في الحلقة
امرأة ستينية، تُعاني من مرض المياه البيضاء في العين وهي أُمية ،
واللهِ كُنت أسمع صوت بُكائها أثناء تصحيح النّص، أنظرُ إليها أرىٰ دموعها تنهمر علىٰ المُصحف !
كيف لنا نَحنُ ؟ .
فتياتُ في عنفُوان أعمارنا ، نعرف القراءة، الكثيرُ منّا غير مُتزوجات، نَدرس، نُساعد أمهاتنا في المنزل، لكنّ لا نقول أن هذه مسؤليات، مُقارنة بِتلك النِساء، بإمكاننا أن نَحفظ، ونَدرس أحكام التجويد بِجانب دراستنا الأكاديمي، بِجانب كوننا فتياتٌ مُطيعات لأمهاتنا .
لكنّ يَحتاجُ هَذا الأمر مِنّا صِدق مع الله - عزّوجل ، نَحتاجُ شيئًا من الهِمة، فَهمةُ الصادق لا تشيب، نَحن بحاجة إلىٰ خوض حُروب الشهوات، والمُبررات الزائفة، والنّفوس المُتخاذلة، والصُحبة التي تُلهينا عن مهمتنا الأساسية، نَحن بحاجة إلىٰ خوض حُروب مع هَجمة الظروف، ولِنعتبر بأولئك النِساء، صِدقهم، مُحاولاتهم، لا خيّب اللهُ مُحاولاتهم، وجِدهم.
لا حرمنا اللهُ لِذة الفرح بِحفظ كِتابه .