رحلة مع كتاب @joubook Channel on Telegram

رحلة مع كتاب

@joubook


رحلة مع كتاب (Arabic)

اكتشف عالم الكتب من خلال قناة 'رحلة مع كتاب' المميزة على تطبيق تيليجرام. تعتبر هذه القناة وجهتك المفضلة لاكتشاف أحدث الكتب والأعمال الأدبية من مختلف أنحاء العالم. ستجد في هذه القناة مراجعات شاملة ومفصلة للكتب الجديدة، بالإضافة إلى توصيات لأفضل الكتب التي يجب عليك قراءتها. ستجد هنا أيضًا مناقشات مثيرة حول قضايا مهمة تتعلق بعالم الكتب والثقافة. إذا كنت من عشاق القراءة وتبحث عن مصدر للإلهام والتواصل مع مثقفين آخرين، فإن 'رحلة مع كتاب' هي القناة المثالية بالنسبة لك. انضم إلينا اليوم واستعد لمغامرة فريدة في عالم الكتب والأدب.

رحلة مع كتاب

10 Feb, 15:10


مراجعة رواية "العطر، قصة قاتل" للكاتب الألماني الكبير "باتريك زوسكيند". بقلم: حسين قاطرجي.

يحكي العطر فصلاً من قصتنا مع الحياة، عندما يختار أحدنا الرائحة التي سترافقه طوال يومه فإنّ ذلك كنايةٌ عن الأسلوب الذي يرغب في أن يلاحظه الآخرون، سواء أكان يبحث عن الأناقة أو الجرأة أو العفوية.

تشكّل النفحة الأولى من عطرنا المفضّل في الصباح جزءاً حيوياً من هويتنا الشخصيّة، وهذه الهوية الحسيّة تلازمنا حتى تصير مُعرّفاً أساسياً لشخوصنا؛ وهذا ما ركّز عليه الروائي الكبير "باتريك زوسكيند" في هذه الرواية بما يمكن عدّه فتحاً في العوالم الروائية إذ لا أذكر أن سبق أحدٌ "زوسكيند" بهذا الفتح الأدبي البديع..

إذاً، تتمحور ثيمة هذه الرواية حول العطر، من خلال سردٍ فلسفيٍّ ممتعٍ وعميق، حيث يأخذنا "زوسكيند" إلى أزقة باريس في القرن الثامن عشر، وهناك تتشابك الروائح والمشاعر في نسيجٍ معقّدٍ من الحساسيّة والكآبة. يعكس بطل الرواية "غرينوي" شخصية تائهة وُلدت في أقذر أحياء باريس، وهناك يتخلّى عنه الجميع حتى أمه التي ولدته، زهداً به، أو كرهاً له، أو خوفاً من طباعه الغرائبية، كونه يمتلك حاسة شمٍّ قوية بشكلٍ مُعجز لم يسبق لأحدٍ أن امتلكها، فيصير وحاله هذه يبحث عن معنى وجوده في عالم لا يرحم، فيقرّر أن يصنع لنفسه العطر الأكثر تميزاً، معتقداً أنه سيمنحه الحبّ الذي طالما افتقده. وسيزرع في قلوب كل من يشمّ هذا الأريج النادر حبّاً له وقبولاً لصاحبه؛ وهكذا يتفتّق ذهن "غرينوي" عن أغرب وسيلةٍ لصنع عطره السحريّ الخاص وهو تقطير أجساد جميلات فرنسا بدلاً من تقطير الأزاهير ذوات العبير!!

ما يضفي على هذه الرواية طابعها العاطفي هو التناقض بين نقاء الطموح وبشاعة الوسائل التي يلجأ إليها بطل الرواية "غرينوي" لتحقيق حلمه. يُظهِر الكاتب من خلال شخصيّة بطله كيف يمكن أن تؤدي العزلة واليأس إلى مساراتٍ مظلمة، مستخدماً أسلوباً عاطفيّاً يدفع القارئ لتقبّل بطل الرواية والتفاعل الإيجابي معه رغم كونه قاتلاً متسلسلاً، ويبرع الكاتب بجعل حاسة الشم محركاً أساسيّاً للأحداث والمشاعر وتحديد هويّة الإنسان.

منذ القدم، كان العطر جزءاً لا يتجزأ من حياة البشر. فقد استخدمت الحضارات القديمة مثل المصريين والهنود القدماء العطور وأنواع مختلفة من البخور في الطقوس الدينية والاحتفالات، معتقدين أنها تصل بهم إلى الآلهة وتساعد في بناء جسر بين العالم الفاني والعالم الإلهي. كان العطر جزءاً من الحكايا والتقاليد، ينسج القصص بين الماضي والحاضر ويخلّد الروح الإنسانية في عبير الزهور والعبق الذي يملأ الأجواء. وهنا ويلمّح الكاتب عَرَضَاً أنّ فرعون لما استعبد النّاس كان ذلك بفعل عطرٍ سحريٍّ يجعل كلّ من يستنشق هذا الشميم النادر يُسحر بصاحبه ويخضع له مستسلماً!

نهاية الرواية صادمة وغير متوقعة، وتُبرز مدى تعطّش الناس، وخاصةً في البيئات المستقذرة، إلى شذا الزهور وريّا الرياحين وهنا يختصر الكاتب غرضه من الرواية ليقول مامعناه بأنّ الحياة رائحة، وهي قصيدةٌ مكتوبةٌ في الهواء نقرؤها بشهيقنا، وكلنا متعطّشٌ إلى رائحةٍ طيبةٍ، فإن وجدناها فكأنما وجدنا ذواتنا، إنها امتدادٌ لكياننا وللغات قلوبنا، تشكّل بها لوحات من المشاعر وتؤكد لنا بأنّ روائح أجسامنا جزءٌ لا يتجزّأ من هذه الحكاية العطرة.

☆ هامش: للرواية فيلمٌ مقتبسٌ عنها، وهو فيلم يستحق عشرة نجوم، لكنّه لايشكّل شيئاً أمام عظمة الرواية، فإن استطعت أن تقرأ الرواية قبل مشاهدة الفيلم فافعل.

☆ مقتبس من الرواية:

“بوسع البشر أن يغمضوا أعينهم أمام ما هو عظيم أو جميل، وأن يغلقوا آذانهم أمام الألحان والكلام المعسول ولكن ليس بوسعهم الهروب من العبق لأنه شقيق الشهيق، معه يدخل إلى ذواتهم، ولا يستطيعون صدّه إن رغبوا بالبقاء على قيد الحياة، إنه يدخل إلى أعماقهم، إلى القلب مباشرة، حيث يتم الفصل الحاسم بين الميل إليه أو احتقاره، بين القرف منه أو الرغبة فيه، بين حبه أو كرهه.”

• العطر، قصة قاتل
• باتريك زوسكيند
• ترجمة: نبيل الحفّار
• دار المدى للنشر
• الطبعة الرابعة 2007.
• 288 صفحة.

رحلة مع كتاب

07 Feb, 13:41


🔷️🔹️ مراجعة رواية "دانشمند" للروائي الموريتاني "أحمد فال الدين". بقلم: حسين قاطرجي.
القائمة الطويلة لجائزة البوكر 2025.

أحبّ الأدب الصوفيّ لانّه ينقلنا إلى عالمٍ من التأمّل والصفاء، حيث يصبح القلبُ هو القائد والحبّ هو البوصلة. هذا النوع من الأدب يدعونا للغوص في أنفسنا لاكتشاف الحقائق الكامنة فيها.

تتناول الرواية سيرة شخصيّة أثّرت بعمقٍ في الطابع الفكري للعالم الإسلامي. هو العالم المتبحّر "أبي حامد الغزالي" الذي كان دائم الانغماس في دراسة الفقه والدّين منذ طفولته، ومع مرور الوقت، بدأ الإمام "الغزالي" يشتهر بذكائه وفطنته. انتقل إلى نيسابور حيث درس تحت إشراف العلماء البارزين في ذلك العصر، مثل الإمام "الجويني". هناك، طوّر "الغزالي" مهاراته في الفقه والفلسفة والمجادلة. كانت هذه الفترة نقطة تحوّلٍ في حياته جعلته يُعيد تقييم فهمه للحقيقة والمعرفة.

بينما كان "الغزالي" يسعى للمعرفة، كان يعاني أيضاً من أزمةٍ روحيةٍ عميقة. كان دائم التساؤل عن الحقيقة وما إذا كانت المعرفة التي يحصل عليها تُقربه حقًا إلى الله. قادته هذه الأزمة العميقة إلى الانسحاب من نشاطاته الأكاديمية والتوجه نحو الصوفية، حيث وجد السلام الداخلي الذي كان يبحث عنه طويلاً.

الإمام "الغزالي" لم يكن فقط مفكراً أو عالماً، بل كان روحاً باحثةً تُلهم المحيطين به على التفكير والتأمل الأعمق في الوجود والعلاقة مع الخالق. أعماله، مثل "إحياء علوم الدين"، لم تكن مجرد مجموعة من التعاليم بل كانت انعكاساً لرحلته الروحية والداخليّة، رحلة تبحث عن الحب الإلهي والمعرفة الحقيقية.

☆ وضعت على الرواية مآخذ عدّة، منها:

- لأنّني أقرأ أدباً روائيّاً، فأنا لا أنتظر أن يستعرض الكاتب حياة "الغزالي"، ولا أبحث عن سردٍ تاريخيٍّ كان يمكنني أن أتناوله من كتب التاريخ؛ بل أنتظر من الكاتب أن يتخطّى بنا حواجز الممكن ويُسقط شيئاً من الرواية على واقعنا، أنتظر منه إضفاء الحيوية على مشاهد ومواقف تلامس قلوبنا وعقولنا، والواقع أجده نجحَ في هذه الناحية مرة، وخاب مرّات..

- أكثر ما استوقفني حشرُ مفرداتٍ فارسيّةٍ في متن النص (وكذا عنوان الرواية)، أرى هذا التصرّف باهتاً ولم يُضفي إلى الرواية غير تشتّت القارئ وضياع تركيزه، قد يبرّر لنا "فال الدين" إقحامه الفارسيّة بأنها ابنة البيئة التي عاش فيها الإمام الغزالي، وهو -بظنّي- تبريرٌ غير مقبول. نعم، قد تظهر لغة الشخصيّات الفارسيّة في بعض الأعمال الأدبية كأداةٍ لتجسيد واقعية البيئة والسياق الذي تدور فيه الأحداث. ومع ذلك، يجد الكاتب العربي نفسه في موقف يتطلب التوازن بين نقل المشهد الثقافي والصوت الأصيل الذي يعبر عن تجربته الذاتية واللغة التي نشأ بها. إن استخدام اللغة الفارسيّة يمكن أن يعزز البعد الواقعي للعمل الأدبي، ولكن قد يحدث انفصال عن الجذور الثقافية للكاتب. وخاصةً بأنّه يعتزّ بأصوله الشنقيطيّة!

إنّ التزام الكاتب باللغة العربية يعكس أيضاً احتراماً للجمهور القارئ الذي قد يشارك الكاتب في خلفيته الثقافية واللغوية. الكتابة بلغة مألوفة للقارئ تتيح له الوصول إلى المعنى الأعمق للنص، بما يعزز التواصل الفعّال والتفاعل مع الأفكار التي يطرحها الكاتب. وفي الوقت ذاته، يحافظ الكاتب على الهوية الثقافية واللغوية التي تتمثل في كتاباته، ما يعزز الثقة في الذات والانتماء للأصول.

- الرواية خطيّة بامتياز، لانجد فيها صعوداً او هبوطاً في الأحداث، وهذا يعني انعدام الحبكة، السرد الخطي في الرواية يعني تقديم الأحداث بترتيبها الزمني الطبيعي، دون أن تكون هناك قفزات أو مفاجآت تطغى على السياق العام. مثل هذه الروايات تتجنّب استثارة القارئ بمفاجآت غير متوقعة أو نظمٍ درامية معقدة. بدلاً من ذلك، تركز على التفاصيل الدقيقة في الحياة، وربما تعمّد الكاتب هذا النهج ليقدّم قراءة متأمّلة ومتفكّرة يركّز فيها على الجوانب النفسيّة والعاطفية للشخصيات. والإبداع في مثل هذه الروايات يكمن في براعة الكاتب في استناد الأحداث إلى قوتها الداخلية ودلالاتها العميقة؛ لكنها قد تسبّب إملال القارئ وخاصةً في حجمها الكبير (636 صفحة).

أعجبني استخدم الكاتب لغةً رصينةً صقيلة، كانت عالية في فصول وعادية تقليدية في مكان، (صفحات الرواية الأولى أعلى مافيها على صعيد اللغة) .

ومجمل القول: "دانشمند" رواية روحيّة عميقة، قد لا تُحدث الدهشة، لكنها ترمز للبحث الدؤوب عن المعرفة والحكمة، وتُعدّ حياة بطلها دليلاً على أن الطريق إلى الله مليءٌ بالتحدّيات.

ومهما كُتب عنه، فسيبقى "الغزالي" جزءاً من النسيج الفكري والروحي للإسلام حتى اليوم. وستظلّ سيرته شهادةً على القوة الروحيّة الكامنة في البحث عن الحقيقة.

• دانَشمَند
• أحمد فال الدين
• دار مسكلياني. 2023
• الطبعة الأولى. 636 صفحة.

رحلة مع كتاب

04 Feb, 17:37


🔶️🔸️ مراجعة رواية "صلاة القلق" للروائي المصري "محمد سمير ندا" بقلم: حسين قاطرجي.
القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية، بوكر2025.

أعتبر مثل هذا النوع من الروايات هبةً حقيقيةً، لأنّها تُحدِثُ تحولاً في روح القارئ، وتُتيح له الفرصة ليعيش حياةً أخرى ولو لبضع ساعات.. والحقيقة إنّ أيّ مراجعةٍ عن الرواية ستسلب القارئ لذّة القراءة وستحرمه الانتقال والخوض في غمرة حياة أهالي نجع المناسي..

و"نجع المناسي" هذا نجعٌ مصريٌّ منسيٌّ كإسمه، لاوجود له على الخريطة، ولا يحظى بذكرٍ في أيّ سجل. ينزل نيزكٌ من السماء فيقلب حياة أهالي النجع رأساً على عقب، فيصيبهم الوباء الذي يحيل رؤوسهم رؤوس السلاحف، ولولا إحدى شخصيات الرواية لما طفت على العلن أخبار هذا النجع وأهله..

يعير الكاتب قلمه لشخصياتٍ ثمانٍ، لتعبّر لنا عن أوجهٍ مختلفة من الحياة الإنسانية في النجع؛ وهكذا نستكشف العالم الداخلي لكلّ شخصيّةٍ من خلال منظورٍ متفرّدٍ لتجربةٍ معيّنة في الحياة، كما نتعرّف على عمق معاناتهم وأفراحهم وتحدياتهم وانتصاراتهم بأسلوب مؤثر ومغناطيسي.

ثيمة الرواية الأساس لاتنحصر فقط في صناعة الديكتاتور الذي ينطبق عليه قول الله تعالى {{فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ ۚ}}، بل مساهمة الناس في تعزيز سطوة هذا الدكتاتور من خلال صمتهم و تواطئهم. الخوف من الاضطهاد أو الفقدان الشخصي يجعل النّاس يقفون على الهامش، ويفضلون أن يلتزموا الصمت بدلاً من المخاطرة بمعارضة النظام. هذا الصمت، هذا الغياب للوقوف ضد الدكتاتورية، هو الذي يجعل من الممكن استمرارها وتقويتها.

الافتقار إلى التعليم والوعي يمكن أن يكون نقطة ضعف خطيرة يستغلها الدكتاتور لصالحه (واحدٌ فقط في النجع يقرأ ويكتب)، من خلال التلاعب بالمعلومات وفرض الدعاية، يقلب الحقائق ويعيد تشكيل وجهات النظر العامة، مما يجعل الناس يثقون به ويؤمنون بكلامه من خلال (بربوجاندا) يشيعها من خلال صحيفته الرخيصة.

الشيء الأكثر ترويعًا هو أنه بمجرد أن يتمكن الدكتاتور من السلطة، فإنه يعيد تشكيل المؤسسات والقوانين لتتوافق مع احتياجاته ويضمن بقاءه (تصرّفه مع زوجته وابنه). بهذا الشكل، يتحول من رمزٍ للأمل إلى رمز للخوف والذعر، والناس الذين ساعدوا في رفعه إلى هذا الموقع يجدون أنفسهم محبوسين في واقع مختلف تماماً عما تخيّلوه. ويصير الخلاص منه بالثورة عليه، أو نقب الأرض بخندقٍ يوصلهم إلى الحرية..

أحببت فكرة تمثال الطاغية مقطوع الرأس وهو يروّع الناس ليلاً.
أحببت فكرة أن يستنطق الكاتب "الشيخ جعفر" من قبره ويمحو الفكرة النمطيّة التي نعرفها عن أمثاله من رجال الدين.
أحببت الصلاة التي ابتدعها "الشيخ أيوب" ليدفع القلق الذي ينهش رؤوس أهل النجع المساكين.
أحببت فكرة أن يحيط النجع سور النار (الألغام المدفونة) التي تحجبهم عن حقيقة العالم الخارجي وأخبار الحرب.
أحببت تزيين الكاتب رؤوس الجلسات بمقاطع لآغانٍ لعبد الحليم حافظ، رأيتها أتت بتوظيفٍ يليق بمنطوق الشخصية التي يأتي دورها (بالاعتراف)، إضافةً إلى كون "عبد الحليم" ذاته هو ابن زمن الرواية وعاصر أحداث حروبها.
واستغربت تسمية الفصول بالجلسات حتى أجابنا الكاتب عن هذا السؤال بطريقةٍ ذكيةٍ آخر الرواية.
وليس آخراً، أحببتُ توقيع الدكتور "سعدون زكريا" في صفحة الرواية الاخيرة، هذا التوقيع لايعرف سرّه وجماله إلا من يقرأ الرواية ويسمع حكاية "زكريا" مع أبنائه الثلاثة..

لو وضعنا كل ما سبق جانباً، تأتي لغة الكاتب لترفعها إلى مصاف أروع الروايات العربية لغةً وأعلاها فصاحةً، وأبدعها تعبيراً وتصويراً.. استخدم الكاتب لغةً جذلى، عالية، رصينة، متينة البناء والنسج والحبك يطرب لها محبّ العربية ويعرف قدرها.

في عالم يبدو متسارعاً ومتجاهلاً لمشاعر الأفراد، تأتي الرواية لتذكّرنا بأهمية الاستماع لكل صوت، مهما كان خافتاً، وأن نحارب جلادينا بعد أن استبدّ بهم الطغيان إلى ما لاينفع معه التفاوض.
وهنا أدعوكم للصلاة للخلاص من كل طاغيةٍ متجبّر، أن نصليَ معاً "صلاة القلق" على أن يكون "محمد سمير ندا" إماماً لنا..

• صلاة القلق
• محمد سمير ندا
• دار مسكلياني 2024
• الطبعة الأولى، 353 صفحة.

رحلة مع كتاب

31 Jan, 17:00


🔷️🔹️ مراجعة رواية "الرواية المسروقة" للروائي المصري "حسن كمال".

القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية، بوكر 2025

(في المراجعة حرق نسبي لأحداث الرواية ونهايتها؛ فاقتضى التنويه)

نتتبّع في "الرواية المسروقة" نمطاً مشابهاً للمسلسلات التركية، تلك الأعمال التي تخوض في بحرٍ من الدراما، مليئة بالمكائد، الخيانات الزوجية، والمشاكل العاطفية. من خلال حكاية الفتاة "سلمى" التي يمرّ في حياتها أربعة رجال ولكلّ واحدٍ منهم معها قصة تُحكى.

الأول: هو "سيّد البواب" الذي يتحرّش بجسدها في مصعد البناية، وستتحاشى "سلمى" إخبار أهلها خوفاً من انتقام "سيّد" البوّاب وتهديده لها.

الثاني: هو الكاتب "أمجد سليم" الذي يتلاعب بعواطفها من خلال رواياته الشاعريّة التي يكتبها بلطفٍ وحنان، ما جعله الكاتب الأثير عند جمهورٍ عريضٍ من الفتيات المراهقات. يعرف هذا الكاتب "أمجد سليم" كيف يستفزّ قلب الفتيات من خلال استخدام لغة شاعرية وحيويّة، مُشعلاً في قلوبهنّ شعوراً لا يقاوم بالتعاطف والانجذاب. وسنرى كيف ستتقرّب منه "سلمى" وسيدفعها لتكتب روايتها الأولى مستلهمةً أحداثاً من حياتها الشخصيّة.

الثالث: هو "حمدي" الرجل الذي تتزوّجه "سلمى" دون أن تحبّه، بل يعترم في قلبها كرهاً وليداً له بسبب خياناته المتكرّرة لها، يزيد كرهها له حماتها العدوانية، وحرمانها من حقها بالأمومة.

الرابع: تتعرّف "سلمى" بالداعية الشهير "مالك" وستنغرم بأسلوبه الدّعوي وتصير إحدى مريديه الكثر. وسنرى كيف سيتراجع "مالك" عن دعوته إلى الله ثمّ تجرفه تيارات هذيانية تقلبه إلى الردّة والإلحاد فينخلع عنه معجبوه ويصير (تريند) تلوكه ألسنة النّاس!!

كل أولئك الرجال أثّروا في حياة بطلة الرواية وشكّلوا شخصيّتها، لقد عرف كل واحدٍ منهم كيف يستدعي دموعها أو يزيح أحزانها، كيف يُشعرها بمزيج الحبّ والألم، السعادة والحزن.

في الرواية التي كتبتها "سلمى" عن حياتها (ثمّ سرقها الكاتب أمجد سليم) سنجد في كل صفحةٍ منها كشفاً جديداً عن حياتها ومُفترقات الطرق التي مرّت بها. لقد حوّلت حياتها الشخصية إلى فنٍّ أدبي، لتلهم الآخرين للنّظر عن كثبٍ في تفاصيلهم اليوميّة واكتشاف الجمال أو المنغّصات في كل شيءٍ مهما كان بسيطاً. رأيتُ في قصصها أنّها ليست مجرّد حكايات، بل هي دعوةٌ لاستكشاف العمق والجمال الموجود في كلٍّ منّا. وهكذا، فإن الكتابة لديها لم تكن موهبة فحسب، بل هي انعكاسٌ صادقٌ لحياتها ورؤيتها للعالم.

في الصفحات الأربع الاخيرة من الرواية يفاجئنا الكاتب "حسن كمال" بما لم نتوقعه، لقد كانت الصدمات والمشاكل الكثيرة التي مرّ بها أولئك الرجال الأربعة مكائد مُخطّطاً لها بالفعل وهي انتقام "سلمى" المُمنهج منهم عمّا مضى من حياتها الكئيبة معهم.

- ابتعد الكاتب كليّاً عن العاميّة، والتزم لغةً فُصحى دون مبالغاتٍ أو محسّناتٍ بديعية. وسيمرّ في الرواية شخصيّاتٌ كثر: مثل "نانسي" الطبيبة النفسية، و"سامح" الزميل في الجامعة، و"أميرة بدراوي"، و"ريما" الشخصية المُتخيّلة التي ترافق "سلمى" منذ طفولتها كأنّها ملاكها الحارس الذي يلومها ويعاتبها أو ينصحها ويشجعها فيما تفعل. حرص الكاتب أن يركّز على تطوّر هذه الشخصيات وتغيّراتها النفسية الحاصلة مع تقادم الزمن.

ملخص القول: أرى أنّ الرواية لم تقدّم طرحاً جديداً على المستوى الفنّي أو القصصي، والسرد الطويل فيها والنجوى (حديث النفس) الذي يقتحم الرواية كثيراً في فصولها يبعث على السأم والملال، ويؤخرها عن مصاف الروايات الجميلة التي أنصح بها.

• الرواية المسروقة
• حسن كمال
• الناشر: ديوان
• الطبعة الأولى 2024 . صفحة 284.

رحلة مع كتاب

29 Jan, 16:49


https://www.syr-res.com/article/25500.html

رحلة مع كتاب

29 Jan, 16:49


🔷️🔹️ أصوات روائيّة من جبل العرب.
إعداد: حسين قاطرجي، خاص بمنصّة (الباحثون السوريون)

☆ رابط الألبوم في التعليق الأول:

وُلِدَت الرواية في جبل العرب في كنف الرواية السورية وتحت جناحها، وخضعت لناموس التطوّر الذي شهدته المنطقة برمّتها، ومرّت بالمراحل ذاتها التي عرفتها الرواية السورية بصورة عامّة، شكلًا ومضمونًا، فكتب روائيّو الجبل الرواية التقليدية، والاجتماعية، والواقعية، والواقعية الجديدة، وانتهوا إلى كتابة الرواية الحديثة بثوبها الفنّي الجمالي.
في هذا الألبوم نستعرض أسماء أبرز كُتّاب الرواية في جبل العرب، وهي دعوة لاستكشاف عبقرية الزمان والمكان، ومشروع هؤلاء الكتّاب في توثيق الهوية الأدبية في الجنوب السوري.

إعداد: Hussein Katerji
تدقيق علمي: Nagham Almhethawe
تدقيق لغوي: لمى الفروي
تصميم الصورة: Leen Khder

رحلة مع كتاب

26 Jan, 15:56


🔷️🔹️ مراجعة رواية "البكّاؤون" للروائي البحريني "عقيل الموسوي"، بقلم: حسين قاطرجي.

القائمة الطويلة لجائزة البوكر 2025.

كثيرًا ما يُقام العويل في الجنازات والاحتفالات الدينية الكبرى، ليحثّ النّاس على التفكير في حياتهم الفانية. في لحظاتٍ كهذه، يبدو أن الدّنيا تتوقف، لتفسح المجال للدموع لتتكلم بما لا تقوى الكلمات على وصفه. هذه الطقوس، على الرغم من كونها تتّسم بطابعٍ دينيٍّ وروحيٍّ عند بعض الطوائف، إلا أنها تحمل في طيّاتها رهبة تشلّ التفكير وتغرس الخوف في القلوب وتبتعد كليّاً عن العقل والمنطق السليم. ولو ناقشنا الموضوع من ناحيةٍ دينية لعرفنا أنّ المسلم مطالبٌ بكبح جماح دموعه والسيطرة على نفسه عند البلايا، والتّسلي بالصبر والتسليم لقضاء الله.

في رواية "البكّاؤون" يكشف لنا الرّاوي "عقيل الموسوي" تفاصيل بيئةٍ لم يطّلع عليها كثيرٌ من القرّاء؛ وهي المجتمع الشّيعي في البحرين، وذلك من خلال تتبّع حياة أفراد عائلة "آل كاظم" التي ينتمي إليها بطل الرواية الأول "صادق جواد".

لفت نظري في الرواية مواقف وأحداث أجمعها في النقاط الآتية:

- سيلاحظ القارئ أنّ أشدّ مايربط أفراد الأسرة الواحدة ليس رباط الدّم والقرابة، بل هو البكاء والحزن على الحسين، لن يمرّ في الرواية صفحةٌ دون أن يذرف أحد الأبطال دموعه على الحسين وآله..! وربما تعمّد الكاتب هذه البكائية الجارفة بدليل أنّه أسمى روايته "البكّاؤون".

- لا يوجد في الرواية عقدة واضحة ولا ذروة في تتابع الأحداث، بل هي سيرة حياة أفراد العائلة الواحدة التي لن يصادفنا في حياتهم ما يُدهش أو يستحق الاهتمام؛ لكثرة ما يمرّ في حياة غيرهم ما جرى لهم فيما حكاه لنا الكاتب.

- تجري أحداث الرواية في ثمانينات القرن الماضي في مملكة البحرين عُقيب انتصار الثورة الإسلامية في إيران ووصول "الخميني" إلى سدة الحكم، وما تلا ذلك من انبهار الشيعة في المنطقة بما اعتبروه نصرهم المؤزر بعد سنين الخيبة العجاف.

- عجيبٌ مايقوله الكاتب (إن كان هذا حقّاً)؛ وهو وجود التفاضل في المقام حتى في الأسرة الواحدة!! فالأم "حسينية" لايجرؤ زوجها حتى على اقتراح اسمٍ لحفيده أمامها لأنها علوية ابنة "الملا سيد علوان" ولها ولأبيها نسبٌ في شجرة الأنساب العلوية، أمّا زوجها فهو ميرزا: أي أنّ أمّه سيّدة وأبوه عاميّ من رعاع النّاس!. وعليه؛ فإنّ لها المقام الأسمى والمنزلة الرفيعة لا لكونها أمّاً فحسب بل لنسبها الماجد رفيع الشأن.

- نجد في الرواية صوتين فقط: الأول راوٍ عليمٍ بالأحداث، والآخر صادق جواد، الذي يسافر إلى لندن ويعشق فتاة بهائيّة، وسيشترط أهلها أن يدين بدينهم للموافقة على زواجهما، و نراهم ينتظرون زمناً حتى إتمام الزواج حتى يستحكم الدّين الجديد في قلب الخاطب!!، في نصف الرواية الثاني سيحكي الكاتب بشكلٍ مكثف عن البهائية وطباعهم وعلاقتهم بالفرس في ايران والمغترب.

- ينتقد الكاتب بجلاء بعض العادات التي جرى الشيعة على فعلها في أمكنةٍ أو أزمنةٍ معيّنة وتحديداً (عادة التطبير) حيث يجلد الخلق أنفسهم جلداً عظيماً حتى تجري دماؤهم من أجسامهم ورؤوسهم حبّاً بالحسين وعقاباً لهم على ذنبٍ لم يفعلوه!!.

- يلوّن الكاتب روايته -بعيداً عن البكاء الدؤوب- بفعاليات كأس الخليج لكرة القدم، وانتظار أبطال الرواية فوز البحرين بهذا الكأس، ويسرد الكاتب لنا فصولاً عن اهتمام النّاس بالبطولة وانتظارهم لها وتفاعلهم مع المباريات.

- زبدة القول هي رواية بثيمة واحدة وهي البكاء وإن حاول الكاتب حشر ثيماتٍ أُخَر كالزواج من دينٍ آخر، أو التطور الإجتماعي والسياسي في البحرين، إلا أنّ البكاء واللطم والتطبير والحزن العميم يبقى مدار الرواية ومحورها الأساس.

• البكّاؤون
• عقيل الموسوي
• دار تكوين
• الطبعة الأولى 2024، 373 صفحة.

رحلة مع كتاب

25 Jan, 17:28


🔷️🔹️ سألت أحد مواقع التصميم المرتبط بالذكاء الاصطناعي عمّا يخطر في باله عند سماعه عبارة "رحلة مع كتاب" فقدّم لي التصاميم الآتية:

رحلة مع كتاب

24 Jan, 18:00


🔶️🔸️ مراجعة رواية "هوّاريّة" للكاتبة الجزائرية "إنعام بيّوض". بقلم: حسين قاطرجي.

القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية، البوكر 2025

تعدّ الكتابة وسيلة نافعة وسريعة للتعبير عن المشاعر والترويح عن النّفس، وهي منفذٌ للخلاص من الضغوط النفسيّة. أمّا في حالة الكاتبة "بيّوض" فقد كانت الكتابة وسيلتها للنجاة من الموت، لأنها لو تركت كل هذه السّموم في عقلها وقلبها لقتلتها لا محالة.

قدّمت "بيّوض" رواية سامّة كأنها خرجت من لسان أفعى، يقول المهلّلون لها أنها تمثّل المجتمع الجزائري، والواقع أنها تمثّل -ربما- محيط الكاتبة ومن هم حولها فحسب؛ إذا لايمكن تقديم نماذج بذيئة يمكن أن نراها في كل بلدة ثم نعمّمها ونعرضها على أنها تمثّل هذا المجتمع أو ذاك.

صوّرت الكاتبة أنماطاً من الانحطاط الأخلاقي والسلوك المنحرف بطريقةٍ مثالية لا تخرّج إلا ممّن كانت هي طبعه فعلاً، أو عايشها بصدق!. حيث تتبنّى الشخصيّات الرئيسيّة أخلاقاً تتسم بالفجور والانغماس في الملذات الدنيوية بلا هوادة. ويتم تجاهل القيم الإنسانية والدينيّة والمبادئ النبيلة تماماً، بل ويتم السخرية منها واحتقارها.

محور الرواية يدور حول "هوارية" الفتاة التي تستيقظ فتجد نفسها في مشفى للأمراض العصبية، لها أم تسمّيها المنحوسة، وأخ يسمّيها المصيبة. وبين الأخوان (هواري وهوارية) علاقة شائكة؛ لأنها لاترضى -غالباً- بزبائن المتعة الذين يجلبهم لها، وكذا أيضاً زوجته "هديّة" لاترضى منهم إلا بالقليل!! .وسنعرف منذ مُفتتح الرواية أنّ لكلا الفاعلتين (هوارية وهدية) عاشقين خفيّين، وكل من ذكرنا يتعاطى المخدرات ويروّج له.. ثم يموت العاشقان في مقتلةٍ مُبهمة فتنقلب (الهواريّة) لاحتراف الشعوذة وقراءة الكف وهنا تنتهي الرواية دون أي إضافةٍ مفيدة أو مُقنعة.

تروّج الرواية لأفكار هدّامة ومؤذية، وتشجّع على ارتكاب الموبقات والآثام دون أيّ اعتبارٍ للعواقب. وتصوّر المشاهد الفاضحة والمحتوى الإباحي بشكل صريح ومفصّل، مما يثير الاشمئزاز والرعب في نفس القارئ. يُضاف إلى ذلك عداؤها العلني للدّين واتهامها الباطل والمستمر للإسلام بأشياء تنافي حقيقته ويعرفها عنه كل ذي عقلٍ سويّ.

الأسلوب السردي المظلم والكئيب يخلق جوّاً من اليأس والقنوط، وكأن لا أمل في الخلاص من هذا الانحدار الأخلاقي المستمر. النهاية الكارثية للرواية، ولغتها المشوبة بالعامية الجزائرية التي يستصعب أغلب القرّاء العرب فهمها (يوجد شرح للمفردات في الصفحات الأخيرة) كلها لا تقدّم أيّ درسٍ أو عبرة أو متعةٍ فكريةٍ أو فائدةٍ فنية؛ بل تترك القارئ في حالة من الصدمة والارتباك.

أقول: أساءت لجنة تحكيم جائزة "آسيا جبّار" للرواية إلى اسم هذه الكاتبة العظيمة وإلى الجائزة التي تحمل اسمها من خلال منحهم الجائزة لهذه الرواية، لقد أمعنت اللجنة بالإسفاف وربما استخفّت بعقول القرّاء العرب وهذه نقيصة ووصمة عارٍ ستلاحقهم عمرهم كلّه لاشك.

إذاً نحن لسنا أمام مجرد رواية فاشلة تدعم الإحباط فحسب، بل هي تحذيرٌ رسميٌ لكل من يسعى لقراءة أدب يُثري خياله. في عالمٍ مليءٍ بالكتب الرائعة، من الأفضل استثمار الوقت في قراءة أعمال تستحق الاهتمام. فإذا كنتَ صديقي القارئ ترغب في تجنّب السقوط في فخ الروايات الفاشلة، وتبحث عن تجربة أدبية ممتعة، فإنني لا أوصي بهذه الرواية مطلقاً، فهي تجربة قد تتركك محبطاً وخائب الأمل.
...............................................

هامش1 : قد يعتبرني البعض متحاملاً على السيدة "بيّوض" من خلال مراجعتي القاسية، أقول: لقد تحاملت الكاتبة على أمّةٍ بأكملها ووصفتهم بالهمج الرعاع المتخلفين، فتحاملي عليها -إن حدث- فلا يشكّل شيئاً أمام تحاملها وسوء طويتها لملايينٍ من البشر.

هامش2: ادراج الرواية على القائمة الطويلة لجائزة البوكر 2025، ونيلها جائزة قبل ذلك؛ لايمكن لنبيهٍ أن ينظر إليه بعين البراءة، بل هو جزءٌ من منهجيّة باتت جليّة هدفها سحق الإبداع الحقيقي، والنيل من الأديان والمُقدّسات، والترويج للتفاهات والسخافة والسطحيّة التي أثبتت لنا "بيّوض" أنها ماهرةً بها.

• الهوّاريّة
• إنعام بيّوض
• دار ميم
• الطبعة الأولى، 224 صفحة

رحلة مع كتاب

24 Jan, 11:45


- القاضي: هل كنت بتاريخ كذا، ويوم كذا، تنادي في الساحات العامة، والشوارع المزدحمة، بأن الوطن يساوي حذاء؟
- المتهم: نعم.
- القاضي: وأمام طوابير العمال والفلاحين؟
- المتهم: نعم.
- القاضي: وأمام تماثيل الأبطال، وفي مقابر الشهداء؟
- المتهم: نعم.
- القاضي: وأمام مراكز التطوع والمحاربين القدماء؟
- المتهم: نعم.
- القاضي: وأمام أفواج السياح، والمتنزهين؟
- المتهم: نعم.
- القاضي: وأمام دور الصحف، ووكالات الأنباء؟
- المتهم: نعم.
- القاضي: الوطن ... حلم الطفولة، وذكريات الشيخوخة، وهاجس الشباب، ومقبرة الغزاة والطامعين، والمفتدى بكل غالِِ ورخيص، لا يساوي بنظرك أكثر من حذاء؟ لماذا؟ لماذا؟
- المتهم: لقد كنت حافياً يا سيدي.

▫️محمد الماغوط

رحلة مع كتاب

21 Jan, 17:07


🔶️🔸️ مراجعة رواية "ما رأت زينة ومالم ترَ" للروائي اللبناني "رشيد الضعيف"

القائمة الطويلة لجائزة بوكر للرواية العربية 2025.


تصوّر الرواية في فصولها الأولى الحياة اليومية في بيروت، وتجسّد لنا المعركة الروتينيّة من أجل البقاء. خلفيّة هذه الرواية تتناول تفاصيل المعاناة اليومية، من نقص الخدمات الأساسية إلى انتشار ضيق الخلق، وسوء التعامل، وردات الفعل الهجومية، مما أسهم في خلق بيئة مشحونة بالكراهية والتوتّر.

الشخصيات في هذه الروايات تعكس تنوّع المجتمع اللبناني، منهم: "زينة" بطلة الرواية تمثّل الأمهات اللواتي يحاولن تأمين لقمة العيش لأسرهن، ومخدوماها السيد "فيصل" وزوجته "سوسن" يمثلان الطبقة المخملية التي جار عليها الزمان ولاتجد بدّاً من بقاء مظاهر الترف والرفاهية من حيث وجود مدبرة للمنزل، ولكن لايقويان حتى على دفع أجرتها، و"جاد" ابنهما المقيم في أميركا وهو الوحيد الذي شتم المسؤولين على حادثة انفجار المرفأ لأن غيره ممن يقيم داخل الوطن لايجرؤ على قول كلمة الحق! و"بشرى" ابنة "زينة" المراهقة التي تركت دراستها لتبحث عن عمل لا لتعيل أسرتها؛ بل لتواتيها فرصةَ أن تخرج إلى الشارع بلباسٍ مكشوفٍ -أو بدونه- ثمّ الناس في الشارع الذين يتساببون لأتفه الأسباب.

كل هؤلاء تتشابك قصصهم مع الأحداث التاريخية والسياسية، مما يعكس كيف أنّ ظروف المجتمع كانت تعتَمِلُ احتقاناً مستمراً ورفضاً متزايداً للواقع الذي سبق الانفجار. وهي إشاراتٌ أراد الكاتب أن يثبت لنا خلالها أن المجتمع كان يغلي وأنّ الانفجار -انفجار مرفأ بيروت- كان نتيجةً حتميةً لهذا الغليان المستعر.

أشار الكاتب إلى الشفافية المخادعة التي يعيشها المجتمع وحكومته من خلال البيوت المبنية من زجاج والذي كانت سبباً مباشراً في قتلهم، وهنا عاد الكاتب إلى واقعيّته السحرية من خلال مشاهد الجرذان التي تلتهم دماء القتلى، والأسماك التي تغوص في الجراح وفي بحيرات الدم!!

استخدم الكاتب -على عادته- لغةً بسيطةً للغاية مزجها ببعض العاميّات الحوارية، ولو أغفلنا اسم المؤلف لاستطاع القارئ النبيه أن يحزر اسم المؤلف من أسلوبه المعهود المتكرر والذي بات سِمَةً شائعةً له، منها: التركيز على أبسط وأدقّ التفاصيل بما في ذلك اليوميات التي لايُلتفت إليها عادةً، توظيف الكوميديا السوداء والسخرية المريرة.

إذاً لم يكن انفجار مرفأ بيروت حادثاً عابراً، بل كان نتيجةً لمجموعةٍ من الأسباب المتراكمة التي جعلت المجتمع يغلي، تلك اللحظة كانت بمثابة جرس إنذار، تحثّ على الحاجة إلى التغيير الجذري وإعادة بناء الإنسانية في مجتمعٍ ينقصه الإيثار ولايعترف إلا بالمصلحة والأنانيّة.

.............................................
هامش: في صباح 4 أغسطس 2020، هزّ انفجارٌ ضخمٌ مرفأ بيروت، ما أسفر عن وفاة المئات وإصابة الآلاف وتدمير أجزاء واسعة من المدينة. فضح هذا الإنفجار حالات فسادٍ مُستشرية بين المسؤولين المُنتفعين، وأظهر خلافاً حادّاً بخلفيةٍ طائفية بين كبار المسؤولين؛ ما أخّر محاكمة الجناة، والبتّ في القضية، وتعويض المتضرّرين.

• ما رأت زينة وما لم ترَ
• رشيد الضعيف
• دار الساقي، 2024
• 112 صفحة

رحلة مع كتاب

19 Jan, 16:19


🔶️🔸️ مراجعة رواية "وادي الفراشات" للروائي العراقي "أزهر جرجيس"

القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية بوكر 2025

في هذه الرواية يحكي لنا الكاتب "أزهر جرجيس" قصة حياة المواطن العراقي "عزيز عوّاد" الذي يلاحقه حظّه العاثر ويطارده ظلم الحياة أينما اتّجه، حياته قصصٌ متوالية من التحدّيات والآلام، وحياته تُكتبُ بالدموع والأحزان؛ هذا ما أوهَمَنا به الراوي، أمّا القارئ الحصيف فله رأيٌ آخر..

يقتحم اليُتمُ حياة "عزيز" وهو ابن الثالثة عشر، وينبري أخوه الظالم "صبيح" للقيام بمهام الوالد فلا ينجح إلا باستعمار البيت بزوجاته والتضييق على إخوانه.
يفشل "عزيز" في مدرسته ولا يُتاح له إلا دراسة المسرح، وسنرى في فصول الرّواية أنّه لايستفيد شيئاً من هذه الشهادة في بلدٍ لايرى في المسرح إلا كماليّةً ورفاهيّةً لاتعوز شعباً يبحث عن الرغيف كلّ نهاره.

يتنقّل "عزيز" في أعمالٍ شتّى لاتجلب إليه إلا المصائب، ويسجن غير مرّة حتى تواتيه فرصة العمل في أرشيف دائرةٍ حكومية وهنا يجد فرصةً لإثبات نفسه والزواج من حبيبته "تمارا" التي لايلبث أن يخسرها كما يخسر أولاده منها واحداً تلو آخر إمعاناً في ظلم الحياة له..

أرى من المهم أن يقف القارئ عند نقاطٍ تثبت أن واقع الحال غير ما حكاه الكاتب -أو أوهمنا به- وأنّ في ثنايا الرواية إشاراتٍ تغيّر موازين الحكاية برمّتها وتجعل من البطل "عزيز" مُداناً لا مظلوماً، وهي:

- يتحمّل عزيز مسؤولية عمله الآثم في بيع (الأفلام الخليعة)، وهو يعرف تماماً تبعات هذا العمل، كما يتحمّل أيضاً مسؤولية طبع كتابٍ محظور التداول؛ هذه تصرّفاتٌ لاتنمّ عن عاقلٍ مثقفٍ درس الفنون وتشرّب حبّ القراءة والاطلاع!! بالإضافة إلى عناده غير المبرّر بتكرار رفضه العمل مع خاله في المكتبة مرّاتٍ عدّة، ورفضه القبول بالإقامة بأحد بيوته ولو على سبيل الإيجار!!.

- وضع القدر في طريق "عزيز" أشخاصاً أحبّوه وساعدوه منهم: خاله "جبران" الذي كان ملاكه الحارس الذي ينتشله من كلّ مصيبةٍ يورّط نفسه بها. وزوجته "تمارا" التي أحبّته وقبلت به على مضض أهلها ومعارضتهم، ورضيت بالعيش معه رغم فقره المدقع وحياته البئيسة، "النقّاش" الذي جاء في خاتمة الرواية كالإلهام الذي منحه منظاراً يرى من خلاله وجهاً آخر للحياة.

شخصياً، أنفر من الأحداث التي تحصل لأبطال الروايات مصادفةً، هذه المصادفات تُضعِف النصّ وتقلّل من قيمته، وفي هذه الرواية مصادفتان عجيبتان: الأولى دخول الأمن لتفتيش المكتبة في الساعة ذاتها التي جلب فيها الكتاب الممنوع وعجزه عن إخفائه دسّاً بين ألوف الكتب!! والثانية دخول الأمن إلى الملهى الليلي في أوّل زيارةٍ له إلى هذا المكان واقتياده إلى السجن وهو سبب انفصاله عن زوجته!! أزيد أيضاً ضحكته البريئة خلف المرأة التي تفتّق ثوبها فكان هذا أيضاً سبب طرده من عمله!!.

في الربع الأخير من الرواية يحلّق بنا الكاتب عالياً، وبظنّي أنّ هذا الجزء من الرواية هو أرفع مافيها: لقاء "عزيز عوّاد" العابر بالنقّاش، تعرّفه إلى وادي الفراشات وتردّده إليه، ثمّ بحثه عن ابنه "سامر" في وجوه اللقطاء المتروكين عَرَضَاً، تدوينه عبارات شواهد القبور في كتاب الموتى، صونه لعلاقته بالموتى بعد أن فشل في صون علاقته بالأحياء.. أعترف أنّ الرّاوي وفي هذا الجزء من الرواية لعب بمشاعري كطفلٍ صغير.

في المجمل؛ هذه رواية عن الأحلام المحطّمة، عن الإخفاق الشخصي الذي يعود بصاحبه بعد كل تجربةٍ مؤلمةٍ إلى نقطة الصفر، هي حكاية قلبٍ مكسور يرى الحياة السعيدة أملاً بعيد المنال.

• وادي الفراشات
• أزهر جرجيس
• دار مسكلياني، ودار الرافدين 2024
• الطبعة الثالثة، 215 صفحة.

رحلة مع كتاب

19 Jan, 15:14


🔷️🔹️ تشبه مجموعة مجلات المعرفة التي أملكها، والتي يبلغ عددها حوالي مئتي عدد، كنزاً ثميناً أقدمه هدية لمن يرغب به، شرط الاستلام في مدينة حلب.

رحلة مع كتاب

16 Jan, 18:07


🔶️🔸️ مراجعة كتاب "ذكاء الأزهار" للكاتب البلجيكي "موريس ميترلينك"

يحكي كتاب: ذكاء الأزهار، الصادر بطبعته العربيّة عن منشورات حياة 2023، عن عالمٍ مليءٍ بالألوان، وأصوات الطبيعة النابضة بالحياة. تتربّع الأزهار على عرش الجمال، لكن خلف كلّ بتلة وكلّ رحيق تكمن قصّة من الذكاء والتكيّف. يبرهن لنا الكاتب أنّ الأزاهير ليست مجرّد كائنات حيوية؛ بل هي مخلوقات تملك حكايات بهيجة، حيث تتجاوز الأزهار جمالها الخارجي، لتمثل ذكاءً فطريّاً يتكيّف مع البيئة المحيطة بها لخلق عالم من التناغم.

يدعونا الكاتب "موريس ميترلينك" (البلجيكي الحائز على جائزة نوبل للأدب 1911) لنتأمّل الأزهار، نرى كيف تفتّح بتلاتها بحذر وكأنّها تدعو النحل والفراشات إلى رقصتهم المقدسة. هذه الأزهار ليست فقط مصادر للجمال؛ بل هي عبارة عن مفاعلات حيويّة ذكيّة تعمل على جذب الملقّحات، مستخدمةً ألوانها الزاهية وعطرها المنعش. إن رحيقها هو هدية من الطبيعة، تعطيها بكل سخاء لتكافئ المخلوقات التي تقوم بعملية التلقيح، إنها علاقة تعاونية تعكس عمق ذكاء الطبيعة، حيث يُعتبر كل رحيق علامة على الأمل والتجدّد.

يمكننا أن نشعر بعواطف الأزهار، فهي تتفاعل مع عناصر الطبيعة من حولها. تحتضن الشمس، وتخضع لهطول الأمطار، وتستجيب للتغيرات في درجات الحرارة. تنمي جذورها في الأرض، وتعبر عن رغبتها في الحياة، وتمتدّ نحو السماء. إن كل زهرة تنمو هي رمزٌ للصمود، تحمل في طياتها دوافع البقاء والإستمرار.

وعندما نتحدث عن رحيق الأزهار، فإن الأمر لا يقتصر على كونه مجرد سائل سكّري؛ بل هو جوهرة من مغذّيات الحياة. رحيق الأزهار هو دليل على الذكاء الإبداعي للطبيعة الذي يعمل على جذب المخلوقات وجعلها جزءاً من دائرة الحياة؛ فهل سمعتم عن تلك اللحظات التي تنهمر فيها الأزهار برحيقها، مانحةً عناقًا حلواً للمخلوقات التي تحتاج إليها؟ إنها لحظاتٌ جميلةٌ تحملُ في طيّاتها مشاعر السعادة والترابط.

يأتي الكاتب/الباحث على ذكر عشرات أنواع النباتات، أذكر منها: الجناحيّة، القيقب، البلّان، الهندباء، الزيزفون، نبتة لحية التيس، الفربيّون، قثّاء الحمار، شجرة القطن، الخشخاش، البرسيم، لولب أرشميدس، المستحيّة، العنبريس، زهور نجمة الصباح، حشائش الجنجل، عشبة الحامول، خنّاق الذباب، النيلوفر أو زنابق الماء، زهرة سيلينة الإيطالية، الحزاميّة البحرية، زهرة نبات حبّة البركة، القرّاص، الذفراء، البرباريس، الأوركيد، والزهور آكلات اللحوم، وغيرها كثير من النباتات التي يدفعنا حديث الكاتب عنها لنبحث عن صورها وأشكالها حولنا في الطبيعة أو في فضاء الإنترنت.

إن الأزهار ورحيقها -إذن- يدعونا لتغيير نظرتنا نحو جمال وذكاء الطبيعة، وكيف يمكن لأبسط الأشياء أن تحمل أعظم المعاني وأرفعها عقلانيّةً، وإنّ جماليات الأزهار ورحيقها ليست مجرد ظاهرة طبيعيّة فحسب بل هي نوع من الذكاء الشعوري الذي يعبّر عن الحب والتعاون، ومن البديهي بعد قراءة هذا الكتّاب أن تصير نظرتنا إلى الطبيعة أكثر احتراماً وإجلالاً.

• ذكاء الأزهار
• موريس ميترلينك
• منشورات حياة 2023
• 110 صفحة.

رحلة مع كتاب

14 Jan, 17:22


🔷️🔹️ مراجعة رواية (الأسير الفرنسي) للروائي السوري "جان دوست".
(القائمة الطويلة لجائزة بوكر للرواية العربية 2025)

عندما أقرأ رواياتٍ تاريخية أقرأ بعينِ الرقيب المدقّق وبعقلٍ متنبّهٍ واعٍ خشية أن يعبث الكاتب بالتاريخ إرضاءً لمزاجه الروائي أو تشويهاً مقصوداً لمواقف أو شخصيّاتٍ تاريخية معروفة (روايات جرجي زيدان أنموذجاً).

في رواية الأسير الفرنسي يستلهم الروائي السوري الأريب "جان دوست" حدثاً تاريخياً غير شهير، هو رحلة ملحميّة مليئة بالمفآجات! حيث يسافر المستشرق والمبعوث الفرنسي "بيير جوبير" من باريس إلى إيران لايصال رسالة مدعمة بنفيس الهدايا من "نابليون بونابرت" إلى الشاه الإيراني؛ ليتأكّد من صدق رسالته حول عرضه بإنشاء تحالفٍ عسكريٍ بمواجهة الأتراك والإنجليز.

يقع "بيير جوبير" ورفاقه (الفرنسي فيليب، السائس علي الكردي، ومادو اللازي) أسرى في سنجق بيازيد على الحدود الإيرانية في سجنٍ أرضيٍّ لاباب له ولامنفذ إلا كوّة علوية يدلونهم ويسحبونهم منها وإليها بالحبال. ولبيازيد هذه حاكمٌ جائر جبّار هو "محمود باشا" الذي لايحفظ إلّاً ولاذمّةً ولايردعه رادع دين، أو يحجره عن البطش خلقٌ قويم.

هناك، وحيث تتنفّس الجدران وحشة الأسرى وعذابهم، وحيث تصرخ أرواحهم بصدى وعودٍ كاذبةٍ بالتسريح والإفراج بحجّةٍ لفّقها لهم "محمود باشا" بأنّه ينتظر ردّاً بشأنهم من الباب العالي. سرعان ماحوّل الأسير الفرنسي خواء الزنزانة إلى ساحة للمقاومة الفكرية، صار يستحضر ذكرياته في إكس الفرنسية مرتع طفولته، وفي باريس التي شهدت يفاعته وانطلاق شبابه، كان يلتذّ بانهمار ذكرياته تباعاً فحرص على كتابتها وتدوينها.

حاول الأسير استمالة السّجّان إليه (واسمه أيضاً محمود آغا)، واستعطفه كي يجلب إليه ورقاً وآلة الكتابة، فوجد منه ومن حفيده "حسين" قبولاً ورأفةً فدفعا إليه بمايلزمه في بادرةٍ اعتبرها الأسير غير متوقعة. كانت تلك الهدية الصغيرة تعني له العالم بأسره. وبحماسٍ لم يشعر به منذ زمنٍ بعيد، بدأ يدوّن حكاياته، صفحات سيرته الذاتية بدأت تنبض بالحياة، وتحكي عن أحلامه المكسورة، وآماله في استعادة حريّته وأداء مهمّته، وذكرياته السعيدة التي لا تزال تعيش في قلبه، وتجارب الألم والندم التي حفرتها الأيام في كيانه.

كان كلما يكتب، يأخذ نفساً عميقاً، ويأخذنا معه في رحلةٍ جديدة إلى خارج الجدران، حكى لنا عن رحلته إلى مالطا وعواصف البحر الأبيض المتوسط، وسفن الإنجليز، حكى لنا كيف اجتاز صحراء مصر اللاهبة وسطوة العربان وغاراتهم المفاجئة، حكى لنا عن عكّا وحاكمها الطاغية الجزّار، والمقتلة البشعة لأسرى العثمانيين في يافا، وحكى لنا أولاً عن رحلته من إيكس إلى باريس ومشاهداته المروّعة لجثثٍ بلا رؤوس كانت المقاصل المتنقلة قد غرّدت عليها أغانٍ دموية خلال أحداث الثورة الفرنسية وماتلاها.

لقد أدرك "بيير" أن الكتابة ليست عملية إبداعية فحسب، بل هي أيضاً آليّة ناجعة للتطهير النفسي. كما فات الحاكم الظلوم حقيقة أنّه حتى في أحلك السجون، تظل روح الإنسان حرّةً كطائرٍ يبحث عن سماواته.

وبينما نحن نستمرّ في سردية الرواية نجد أنفسنا نتساءل: هل نحن حقًا نمتلك السيطرة على مصائرنا أم أن القدر هو من يكتب النهاية؟ في كل مرة يذكّرنا الكاتب بدور القدر وأنّ الحياة مليئةٌ بالمفاجآت، وأن القدر لايجامل بل يأتي حاسماً، قوياً، ضارباً في جوهر الأحداث وأساسها ليعلّمنا أن أفضل الخطط وأشدّها استحكاماً يمكنها أن تتحطم أمام قوته وسلطانه.

ألمح الكاتب عَرَضَاً وفي سطرٍ واحد إلى بطل روايته "عشيق المترجم" -شخصياً- تأسرني مثل هذه التلميحات، والتي لايمكن للقارئ اقتناصها إلا إن كان من محبي أعمال الكاتب وقرّائه الأوائل.

حَشَدَ الكاتب جان دوست الكثير من الشخصيات الثانوية والأحداث التاريخية المتفرقة، ووظّفها توظيفاً حسناً لم يخل بنسيج الرواية ولم يأتِ ذكرهم اعتباطاً، والأجمل أنّه لم يبتعد بها عن محور الحكاية الأساس ولم يشتت القارئ، هذه الأحداث التاريخية تستوجب على الكاتب بحثاً وجمعاً ودراسةً، وتدقيقاً نبيهاً يُثنى عليه حقاً ويُشاد به.

وزبدة القول: يتحدث القدر في هذه الرواية بصوتٍ عالٍ ليترك لنا درساً عن النجاح والفشل؛ فلنصغِ جيداً إلى ذلك الصوت، لأنه قد يكون أكثر من مجرد صدى في عالم القصص.

• الأسير الفرنسي
• جان دوست
• دار الساقي، 2023
• 328 صفحة.

(قرأتها على #أبجد)

رحلة مع كتاب

12 Jan, 15:58


أظن أنّ السؤال أعلاه ⬆️⬆️ هو أصعب سؤال أضعه في تاريخ القناة منذ نشأتها.. 😀

رحلة مع كتاب

09 Jan, 14:42


🔷️🔹️ كنتُ أعرف شخصاً يعمل حارساً لمبنى فرع الحزب في حلب، وكان على صلةٍ وثيقة بأمين المستودع الذي تُوضع عنده الكتب المُصادرة من المنافذ الحدودية والممنوعة من التداول..

مع كل دفعةٍ جديدة تصله من الكتب كان يتصل بي ويعزمني لزيارة المستودع مساء الجمعة حيث يكون المتواجدين في المبنى بحدّه الأدنى؛ لأنتقي من هذه الكتب، وهو يسعّرها بحسب سُمكها وشكل غلافها..

مرّة ً أخذت نسختين من رواية "القوقعة"، ومرّةً كتاب "فلاحو سورية" للباحث "حنّا بطاطو" والذي تحدّث فيه بإسهاب عن أسلوب المقبور "حافظ الأسد" وخطّته في السيطرة على المجتمع السوري، ومرّةً تفسير "في ظلال القرآن" والذي عزم عليّ الرجل أن آخذه على مراحل تجنّباً للفت الانتباه..

في إحدى المرات وقع نظري على هذا الكتاب (دروب دمشق)وقد رفض أن يعطينيه لأنه مُصادر من مقتنيات قنصل دولة أجنببة -بحسب قوله- وربما يضّطرون لإعادته، وبعد إلحاح سمح لي أن أطبعه وأعيده له في الليلة التالية وهذا ماكان..

في الكتاب معلومات صادمة عن علاقة النظام البائد بفرنسا وأنّ المستور وماتحت الطاولة يخالف السياسات الخارجية المُعلنة..

كتاب شيّق عن تاريخ سورية الحديث أدعو كلّ الأصدقاء لقراءته.

رحلة مع كتاب

07 Jan, 09:50


🔷️🔹 لأول مرة أربعة كتّاب من سورية في️ القائمة الطويلة لجائزة بوكر 2025 للرواية العربية: .

دانشمند لـ أحمد فال الدين من موريتانيا عن منشورات ميسكلياني

أحلام سعيدة لـ أحمد الملواني من مصر عن كتوبيا للنشر والتوزيع

وادي الفراشات لـ أزهر جرجيس من العراق عن دار الرافدين

المشعلجي لـ أيمن رجب طاهر من مصر عن كيان للنشر

هوّارية لـ إنعام بيوض من الجزائر عن دار ميم

أغنيات للعتمة لـ إيمان حميدان من لبنان عن دار الساقي

المسيح الأندلسي لـ تيسير خلف من سوريا عن منشورات المتوسط

الأسير الفرنسي لـ جان دوست من سوريا عن دار الساقي

الرواية المسروقة لـ حسن كمال من مصر عن ديوان للنشر

ميثاق النساء لـ حنين الصايغ من لبنان عن دار الآداب

ما رأت زينة وما لم ترَ لـ رشيد الضعيف من لبنان عن دار الساقي

وارثة المفاتيح لـ سوسن جميل حسن من سوريا عن منشورات الربيع

الآن بدأت حياتي لـ سومر شحادة من سوريا عن دار الكرمة

البكّاؤون لـ عقيل الموسوي من البحرين عن منشورات تكوين – الكويت

صلاة القلق لـ محمد سمير ندا من مصر عن منشورات ميسكلياني

ملمس الضوء لـ نادية النجار من الإمارات منشورات المتوسط.

رحلة مع كتاب

05 Jan, 15:32


🔷️🔹️ عندما يأتي قصف الجبهات بمستوىً أدبيٍّ رفيع:

أراد الشاعر الكبير "محمود سامي البارودي" مُداعبة الشاعر المصري الظريف "حمد إمام العبد" وكان "العبد" أسود البشرة فقال له "البارودي": ماقولك يا إمام بقصيدة المتنبي التي مطلعها:

عِيد بأيَّةِ حَـالٍ عُدَّت يا عِيدُ
فيمَا مَضَى أم لأمْرٍ فِيه تَجدِيدُ

وهو يريد الإشارة إلى قول المتنبي:

لا تَشتَرِ العَبْدَ إلا والعَصَا مَعهُ
إنَّ العَبيدَ لأنجَاسٌ مَنَـاكِيدُ

ففطن "العبد" إلى ما يرمي إليه صديقه "محمود سامي البارودي" فأجاب على الفور: لا شك أنها قصيدة جيدة جدّاً وخصوصاً قوله فيها:

ما كُنتُ أحْسَبني أبْقَى إلى زَمَنٍ
يُسيءُ لي فيه كَلبٌ وهْو "محمودُ"

رحلة مع كتاب

04 Jan, 17:05


🔷️🔹️ عندما ياتي قصف الجبهات بمستوىً أدبيٍّ رفيع:

يُعدّ الشاعر "أحمد علي الجندي" من ظرفاء سورية المعدودين، وهو من مدينة "سلمية" المشهورة بأدبائها وشعرائها. يروي الشاعر نكتة حصلت معه قال :

سافرنا الى مدينة حمص تلبيةً لدعوة أحد الأصدقاء هناك
والتقيت شاباً تبدو عليه سمات البساطة فسألتُه:

(هلأ لو كان المسافة بين الشام وحمص 200 كيلو متر وارتفاع سقف البيت حوالي 3 أمتار ، وسرعة السفينة في البحر حوالي 40 عقدة بالساعة، قديه بيكون عمري !!؟)
يقول : نظر الي الشاب الحمصي نظره إشفاق وقال :
فأجابني: عمرك 40 سنة.

وللحقيقة فقد أصاب وهذا كان عمري وقتها ، فسألته:
لك مزبوط ، كيف عرفت!؟

قال لي :
والله يا أستاذ، عندي ابن أختي ، نص أجدب عمره عشرين سنة.

رحلة مع كتاب

03 Jan, 16:57


🔷️🔹️عندما يأتي قصف الجبهات بمستوى أدبيّ رفيع..

كتب طه حُسين مُعلّقاً عن كتاب "رسائل الأحزان" للأديب المصري مصطفى صادق الرافعي قائلًا:

"إنَّ كلّ جملةٍ من جُمَلِ الكِتاب تبْعثُ في نفسي شُعورًا قوِياً أنّ الكاتِب يلِدها وِلادة وهو يُقاسي في هذه الوِلادةُ ما تُقاسيهِ الأمُّ من آلامِ الوَضع ".

فرَدّ عليه الرّافعي قائلًا :

"لقد نبغتَ في الخيالِ بعد أنْ قرأتَ "رسائل الأحْزان" وستَنْبغ أكثرَ بعد أنْ تقرأْ "السّحاب الأحمر"، أفأنتَ تقومُ لي في بابِ الاستعارةِ والمَجازِ والتّشْبيه ؟!! "
"لقد كتبتُ "رسائل الأحزان" في ستةٍ وعشرين يومًا، فاكتُب أنتَ مِثلَها في ستةٍ وعشرين شهرًا، وأنتَ فارغ لذلك العمل، وأنا مشغولٌ بأعمالٍ كثيرَة لا تدعُ لى من النّشاطِ ولا من الوقتِ إلا قليلا.
وها أنا أتحدّاكَ أنْ تأْتي بمثلها أو بفصلٍ من مثلِها، وإنْ لم يَكن الأمر عندك في هذا الأسلوب الشّاق عليكَ إلا ولادةً وآلاماً مِن آلامِ الوَضع كما تقول .. فعليَّ نَفَقات القابِلة والطّبيبة متى وَلدتَ بسلامةِ الله".

رحلة مع كتاب

02 Jan, 16:13


إلى محبي الكتب:
ضعوا هواتفكم جانباً 📱🤫
وأحيُوا شغفكم الليلة بكتاب.. 💖📖

رحلة مع كتاب

01 Jan, 15:59


🔹️ افتتح العام الجديد مع منصة "الباحثون السوريون" بعملٍ هام بعنوان: سجن تدمر في الأدب الروائي..

تحية إلى الأصدقاء الذين ساهموا في إنجاز هذا الألبوم الذي كان من الخيال إعداده في العهد السابق..

🚫 هذا العمل قد يكون مرهق نفسيًّا للبعض لذا يُرجى الانتباه قبل القراءة.

🔹️ رابط الألبوم أسفل المنشور:

......................

عندما تُستخدم السلطة بوصفِها وسيلةً للإخضاع والترهيب، يتولّد نوع من الاضطراب الجماعي، ويُولِّد القمع مشاعرَ اليأس والإحباط، مما يدفع الأفراد إلى التفكير في الهجرة أو الثورة.
تتعدّد أساليب وأدوات الطغاة لاستمرارية حكمهم الجائر، من الاعتقالات التعسفية إلى التهديدات المباشرة، وهذا يُثبت عدم شرعية حكمهم، مما يضّطرهم إلى اللجوء للعنف لكن، لم تدرك هذه الأنظمة أنّها تبني قنابل موقوتة داخل المجتمع. تتزايد المشاعر السلبية تجاههم، مما يؤدي إلى احتقانات قد تنفجر في أي لحظة.
في هذا الألبوم نضع أمام القارئ سبعَ رواياتٍ تحكي تفاصيل مروّعة عاشها أصحابها في أكثر المعتقلات دمويّةً عرفته البشرية.. إنّه سجن تدمر.
هذا العمل قد يكون مرهق نفسيًّا للبعض لذا يُرجى الانتباه قبل القراءة.
إعداد: Hussein Katerji
تدقيق علمي: Nagham Almhethawe
تدقيق لغوي: لمى الفروي
تصميم الصورة: Cyrine Balhwan

https://www.syr-res.com/article/25452.html

رحلة مع كتاب

21 Dec, 15:31


✔️ قائد إدارة العمليات العسكرية في سورية "أحمد الشرع" يُطالع رواية الأسير؛ وهي رواية يحكي فيها مؤلفها الصحفي التركي "آدم أوزكوسه" تفاصيل اعتقاله عام 2012 وتعذيبه في سجون الأسد المخلوع، وقد أهداها للشرع خلال استقباله في دمشق.

✔️ صدرت الرواية حديثاً عن مؤسسة قطر الندى للثقافة والإعلام والنشر.

💚💚💚

رحلة مع كتاب

14 Dec, 15:47


"كم مؤلم أن تحاول إفهام إنسان مثلك أنّك إنسانٌ مثله.."

مازن حمادة

رحلة مع كتاب

09 Dec, 17:41


☆ قراءة في رواية "يسمعون حسيسها" لأيمن العتوم.


في هذه الرواية قهرٌ كثير وشرٌّ مُستطير، وحديثٌ طويلٌ عن الحكّام أعداء الحرية والعدل، وزبانيّتهم الجلادين الذين لو دقّقوا النظر في طبيعتهم لوجدوا أنفسهم عاراً على الإنسانية جمعاء، وما وضعهم الحاكم الظالم على بابه واستأمنهم على حياته وكرسيّه إلا لثقته بأنهم أظلم منه وأشدّ جوراً..

تنتمي هذه الرواية إلى أدب السجون وفيها يُزجّ بالطبيب "إياد أسعد" في سجنٍ سيء السمعة في حقبة ثمانينيات القرن الماضي فيدوّن لنا يومياته ومعايشاته مع السّجانين الذين يستعملهم أسيادهم الأعلى رتبةً ككلاب الحراسة؛ يعينهم على ذلك أنّهم أصلاً من أسافل الناس وأراذلهم حيث لا اخلاق لهم ولا ذمة.

أرى أن يُغفل نقاش الرواية من الناحية الفنية والأدبية، وأن يُنظر إليها على أنها مذكرات سجينٍ فحسب، وربّما حرص الكاتب على تجريد روايته من فنون المدارس الأدبية، وجعلها ذاكرةً لحقبةٍ من الألم المضني الذي عايشه الآلاف من سجناء الرأي والمنادين بالحرية والمساواة.

في الرواية يصدع الطبيب "إياد أسعد وزملائه المعتقلين" بالأوامر، ويضّطرون لاكتتام رغبتهم بالعيش ويستقبلون الموت كل يوم، وربما كان الموت أمنيةً لهم أمام الألم المضني الذي لايفتر جرّاء التعذيب اليومي المستعر، والخوف الدائم من اختراع وسائل تعذيبٍ تقطع القلوب.

يحاول الكاتب غير مرّة لفت نظر القارئ إلى حقيقةٍ مجهولة؛ وهي أنّ الجبن يستولي على الظالم ويقصم الهلع ظهره خوفاً من أن تنتفض عند السجناء الرغبة بالبقاء أمام غائلة الظلم فيبيّتوا خطّةً للانتقام، فيأمر الظالم طغمته بتكبيل أيدي الأحرار الأباة وتصفيد أرجلهم وتعميش عيونهم غالب الوقت، وهكذا يمكث السجين في معتقله سنواتٍ طويلة وهو لايعرف شكل جلاده ولايرى جلدة وجهه! فإذا يئس السجين من إقبال سجّانه على الحق أو أن يمرّ به طيفٌ من رحمة، صار كل همّ هذا الحبيس ساعتئذٍ أن يلتقط أنفاسه لديمومة البقاء مع أملٍ نادرٍ بالخلاص.

شخصياً أحبّ أدب السجون وقرأت في هذا التصنيف الأدبي رواياتٍ كثيرة، أرى أنّ أجملها حتى الآن هذه الرواية وثلاث رواياتٍ أُُخَر هي (السجينة، غيابات الجب، القوقعة).

صدرت الرواية عام 2012 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر / بيروت، وتقع في 365 صفحة من القطع المتوسط، وهي رواية صادمة، مؤثرة، لا أنصح بها لضعاف القلوب.

رحلة مع كتاب

24 Nov, 11:27


تُعلن وزارة الثقافة في الجمهورية العربية السورية
الهيئة العامة السورية للكتاب
أسماء الفائزين في جوائزها الأدبية لعام 2024م، وهم:

* جائزة عمر أبو ريشة للشعر:
الشاعر علّام صبح عن قصيدته «وردةٌ لابنة الماء».

* جائزة حنا مينه للرواية:
الكاتبة عائدة الفهد عن روايتها «نهارات التعب».

* جائزة القصة القصيرة الموجهة للكبار:
الكاتب جمال الطرابلسي عن قصّته «دم اليحمور والجلاميق».

* جائزة القصة القصيرة الموجهة للطفل:
الكاتب عبد الغني محمد المحمد عن قصّته «يدٌ لوحدها تصفّق».

* جائزة القصيدة الموجهة للطفل:
الكاتب عادل جبر زينب عن قصيدته «لغتي هويتي».

وقد حُجبت جائزة سامي الدروبي للترجمة هذا العام.

يقام حفل توزيع الجوائز وتكريم الفائزين يوم الخميس 28/11/2024م، الساعة (11.00) صباحاً، في مكتبة الأسد الوطنية القاعة الرئيسة.
والدعوة عامة.

رحلة مع كتاب

23 Nov, 18:49


شاركونا باقتراحات الأسئلة والاستفتاءات: 🤠

لمن يحب المشاركة بمقترح سؤال فليتواصل عبر الخاص على الرقم
00963988888941
وليقدّم السؤال وخيارات الأجوبة..


أهلاً بمقترحاتكم.. 🫡🌻🌻

رحلة مع كتاب

25 Oct, 11:00


"من لايملك بيتاً لايحق له اقتناء مكتبة".

الكاتب العراقي علي الحديثي وهو يلملم كتبه للمرة السابعة من بيته المستأجر..

رحلة مع كتاب

24 Oct, 09:17


☆ اختياراتي من معرض الكتاب السوري:

- عزلة الحلزون، خليل صويلح
- اختبار الندم، خليل صويلح
- ضد المكتبة، خليل صويلح
- ناغوغي الصغير، حسن حميد
- كوميديا الحب الإلهي، لؤي عبد الإله
- ليل ليلون بين حلب وعفرين، شكران بلال
- شهرزاد، هاروكي موراكامي، ترجمة اسكندر حبش
- بار كينو، هاروكي موراكامي، ترجمة اسكندر حبش
- صلاح الدين، آندرو أوزموند
- محار السيد شابر، إميل زولا
- مورفين، ميخائيل بولكاكوف
- حرير، اليسندرو بريكو
- الشريك الخفي، جوزيف كونراد
- سيرة خبات-الكوردي سيبس، جان دوست.

☆ بالإضافة إلى الكثير من قصص الأطفال والكتب المعرفية وكتب الألغاز والموسوعات المخصّصة للأطفال.

رحلة مع كتاب

22 Oct, 18:30


حول رواية البطل الشهيد "يحيى السنوار" رواية: الشوك والقرنفل
لتحميلها: 👇👇

رحلة مع كتاب

22 Oct, 18:29


👆👆👆

رحلة مع كتاب

22 Oct, 18:28


الخيال في هذا العمل هو فقط في تحويله إلى رواية تدور حول أشخاص محددين ليتحقق لها شكل العمل الروائي وشروطه ، وكل ما سوى ذلك حقيقي، عشته وكثير منه سمعته من أفواه من عاشوه هم أهلهم وجيرانهم على مدار عشرات السنوات على أرض فلسطين الحبيبة. أهديه إلى من تعلقت أفئدتهم بأرض الأسراء والمعراج، من المحيط إلى الخليج ، بل من المحيط إلى المحيط.

رحلة مع كتاب

20 Oct, 15:57


📚 مشاهدات من معرض الكتاب السوري الذي أقيم في مكتبة الأسد/دمشق

📚 أسجل هذه المشاهدات التي لاحظتها (كما يلاحظها غيري من الزوار) في معرض الكتاب السوري الذي أغلق أبوابه منذ أيام:

- اعتدنا في سورية خلال السنوات الثلاث الماضية أن يكون معرض الكتاب حكراً لدور النشر السورية (معرض الكتاب السوري) ولا تتم دعوة دور النشر العربية، كما لم يسبق أن برّرت وزارة الثقافة لجمهورها هذا التصرّف!

- شارك في المعرض أربعون دار نشر غالبيتهم يتبعون لمديريات المطابع في الدوائر الحكومية والوزارات والجامعات السورية، وهذه المطبوعات خرجت من مستودعاتهم باليةً ودون تصنيفٍ واضح ويندر أن يجد القارئ كتاباً مطبوعاً عندهم خلال السنوات الخمس الماضية!!

- غابت عن المعرض أهم دور النشر السورية مثل: دار ممدوح عدوان، دار سرد، دار أطلس، دار كنعان وغيرها، ومعظم هذه الدور شاركت في معرض عمّان الدولي الذي زامن افتتاحه افتتاح معرض الكتاب السوري لكنّهم آثاروا الجيران على المشاركة في معرض بلدهم. (فيما لو أتيحت لأحدهم فرصة تبرير اختياره هذا سنجد أنّ عنده مبرراتٍ منطقية بالفعل).

- من أهم دور النشر المشاركة: دار نينوى، دار الفكر، دار دلمون الجديدة، دار الحافظ، دار توتول، دار بستان هشام، وبالطبع الهيئة العامة السورية للكتاب التي يتهافت القرّاء على جناحها أولاً. والواقع أنّ هذا يُسجّل لصالح الهيئة منذ عهد مديرها السابق الدكتور ثائر زين الدين، ومديرها الحالي نايف الياسين.

- في معرض الكتاب يجد تجّار الكتب فرصة مواتية لتحقيق هامش ربحي مقبول، لأنّنا نجدهم يحضرون المعرض في ساعاته الأولى ويلتقطون كل الكتب الموجودة على رفوف الهيئة العامة السورية للكتاب (تحديداً كتب الروايات والروايات المترجمة) مستغلين الحسم الذي يقدمه المعرض، وبعد أيام يعرضون مشترياتهم على القرّاء في مجموعات بيع الكتب على فايسبوك بأسعارٍ خيالية.
(هذه الكتب المميّزة من مطبوعات الهيئة العامة السورية للكتاب لانجدها في نقاط بيع الكتب التابعة للهيئة طيلة العام ولذلك فإنّ المعرض هو الفرصة الوحيدة لشرائها).

- معظم دور النشر المشاركة من غير الحكومية هي دور نشر متخصّصة بكتب الأطفال، والواقع أنّ زائر المعرض سيلاحظ أنّ الإقبال الكثيف يكون من طلاب المدارس الخاصة التي تنظّم لهم إدارتهم رحلاتٍ إلى المعرض. أتوقع إذا بقي الحال على ماهو عليه سيكون اسم المعرض في دوراته التالية (معرض الكتاب السوري للطفل).

- خلال جولتي في المعرض وتحدّثي مع بعض المشرفين عن أجنحتهم رأيتُ عجباً، قلة قليلة فقط منهم يعرف ما يحويه الجناح من كتب وغالبيتهم يتعاملون مع الكتاب معاملة السلعة ولايعرفون منه إلا ثمنه. يجدر بدار النشر المحترمة أن تختار من موظفيها القارئ الذي يستطيع أن يقدّم صورةً حضاريةً عن الدار واهتمامها، وخطتها، وأبرز اصداراتها.

- أسجّل أخيراً اعجابي بأداء الأستاذة "عفراء هدبا" التي حرصت على البقاء في جناح دارها (دار دلمون الجديدة) طيلة المعرض ومعظم الاوقات، وأن تستقبل ضيوفها وتشرح لهم عن إصدارات الدار وتساعدهم في تخيّر ما يليق باهتماماتهم وأعمارهم ورغباتهم. في المقابل غاب معظم أصحاب دور النشر تاركين موظفيهم (الجهلة غالباً) يبيعون ماتيسّر لهم حتى نهاية الدوام وكأنّ الأمر متعلقٌ ببضاعةٍ مزجاة وليس بثقافةٍ حاضرة!!